إسرائيل تشارك في إكسبو دبي و مسؤولون عرب يزورون تل أبيب سراً
الضفة الغربية – NPA
أثار إعلان إسرائيل مشاركتها في معرض (إكسبو) العالمي الضخم في مدينة دبي الإمارتية عام 2020، غضباً فلسطينياً رسمياً؛ كون هذه المشاركة مخالفة لقرار وزراء الخارجية العرب بالقاهرة بعدم التطبيع مع إسرائيل قبل حل القضية الفلسطينية، وفق ما أعلنه مستشار رئيس السلطة للشؤون الخارجية نبيل شعث.
وذكرت صحيفة “إسرائيل اليوم” أن “إكسبو” يعدُّ معرضًا عالميًا إضافيًا، يلتقي فيه الناس من جميع أنحاء العالم، ويستغلون مواهبهم للتعامل مع التحديات المشتركة، وتطوير المجتمع في المجالات التي “تتمتع فيها إسرائيل بالعديد من المزايا النسبية”، كما نشرت الصحيفة الإسرائيلية.
واكتفت وزارة الخارجية الإسرائيلية بإصدار موقف ترحيبي مفاده: “يسعدنا أن تتاح لنا الفرصة لتبادل روح الابتكار والإبداع الإسرائيليين، وتقديم أحدث الابتكارات والتقنيات الإسرائيلية في مختلف المجالات، مثل المياه والطب، وتكنولوجيا المعلومات”.
وحاولت وكالة “نورث برس” الحصول على مزيد من التفاصيل عبر الاتصال مع المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية للإعلام العربي حسن كعبية، لكنه رفض سرد أي تفاصيل بهذا الشأن، واكتفى بترحيبه بهذه المشاركة.
ولعل حذر الخارجية الإسرائيلية من الخوض في مزيد من التفاصيل حول الجهود التي كانت خلف الكواليس حتى تقرر مشاركة تل أبيب في هذا المعرض، مرده إلى حساسية وجدلية موضوع “التطبيع” العربي- الإسرائيلي، وخاصة في سياق المناكفة بين القيادة الفلسطينية وبعض الدول العربية التي تطبع “سراً وعلانية” وبمستويات معينة مع إسرائيل قبل أي حل للسلام النهائي.
ويصف المحلل السياسي الإسرائيلي روني شاكيد، نبأ مشاركة إسرائيل بهذا المعرض بـ”المهم جداً جداً؛ لأن إسرائيل تبذل جهداً وفيراً في سبيل تطوير علاقاتها مع العرب في المنطقة وبشتى المجالات، ليس من ناحية سياسية فحسب، بل واقتصادية وثقافية ورياضية أيضاً”.
وسبق أن شاركت العديد من الفرق الإسرائيلية على أرض الإمارات ودول عربية أخرى في سياق مناسبات رياضية عالمية، وهو الأمر الذي يثير جدلاً مستمراً لدى الأوساط العربية والفلسطينية بهذا الخصوص.
ويضرب شاكيد في حديثه لوكالة “نورث برس” مثالاً على أهمية اللقاءات الرياضية من أجل التوطئة لتطور العلاقات السياسية بين الدول المتخاصمة، وهو ذلك اللقاء الرياضي الذي جمع الولايات المتحدة والصين حينما كانت هناك قطيعة سياسية بينهما، فقد التقى فريقان من الدولتين في لعبة تنس الطاولة “البنج بونج”. وكان بعد ذلك انفراجة في العلاقة بين البلدين.
ويستنتج شاكيد، أن هذا ما يحصل وسيحصل أيضاً بين إسرائيل والدول العربية.
لكن شاكيد يقرّ أن ثمة معضلة مهمة تحول دون تطور التطبيع العربي-الإسرائيلي ليصبح علنياً وبمستويات عالية وشاملة، بحيث يخرج من “تحت الأرض”، على حد تعبيره، مؤكداً أن هذه العلاقة التطبيعية لن تتطور سياسياً ودبلوماسياً وعلناً دونما أن يكون حل للقضية الفلسطينية.
ويصف شاكيد العلاقات الفلسطينية- الإسرائيلية، بمفتاح انطلاق التطبيع العربي الاسرائيلي العلني والعالي المستوى.
ويعبر عن أسفه لتراجع العلاقات الفلسطينية-الإسرائيلية “الرسمية” خلال السنوات العشر الأخيرة وفي ظل الحكومة اليمينية في إسرائيل، على حد قول شاكيد.
ولهذا، يرجح روني شاكيد أن شيئاً لن يتغير بشأن العلاقة بين إسرائيل ودول عربية بينها خليجية بالرغم من تطورها، إلا أنها ستبقى تحت الأرض ولن ترتقي لمستوى دبلوماسي عالي. وهذا يعني أنها ستبقى بنفس الوتيرة “تحت الأرض وغير مكشوفة” في الأمد المنظور والمتوسط.
ومع ذلك، يشدد المحلل الإسرائيلي، أن مشاركات إسرائيل في فعاليات اقتصادية ورياضية عالمية على أرض الإمارات وغيرها من الدول العربية، تمثل “تغييراً سيكولوجياً ونفسياً”.
هو الأمر الذي يفتح الباب تراكمياً أمام تغيير صورة إسرائيل لدى المواطن العربي العادي، وبالتالي علاقات متبادلة أكثر عمقاً واتساعاً وبما يشمل الشعوب العربية وليس الأنظمة الرسمية في مرحلة ما، بحسب شاكيد.
فعين إسرائيل ليس فقط على القيادات العربية بل والشعوب أيضاً، فهذا هو التغيير الكبير والحقيقي بالنسبة لإسرائيل.
ولهذا يحاول أن يبتز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعض الدول العربية التي تقيم علاقات “سرية” مع إسرائيل، عبر التلميح بين الفينة والأخرى إليها؛ وذلك كي يجبرها على تحويل العلاقة السرية إلى علنية. فنتنياهو لم يعد يكفيه “التطبيع السري”، بحسب ما يؤكده مراقبون.
كما تحدث المحلل الإسرائيلي روني شاكيد في حديث لــ”نورث برس” عن علاقات تعاون مهمة بين تل أبيب ودول عربية، سواء على الصعيد الأمني والعسكري كتبادل المعلومات بشأن الجماعات الإسلامية أو الخطر الإيراني.
ويمتد هذا التعاون ليشمل جوانب اقتصادية؛ فعلى سبيل المثال تصدر إسرائيل “الألماز” إلى دول عربية وخاصة الخليجية منها. ناهيك عن السوق الإسرائيلي التكنولوجي الذي يخترق الدول العربية بأسماء أجنبية.
ويقرُّ شاكيد بحدوث زيارات “سرية” من مسؤولين قادمين من دول عربية لا تقيم علاقات دبلوماسية معلنة مع إسرائيل، حيث يأتون إلى القدس وتل أبيب، ولديهم علاقات قوية مع مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية.
لكن شاكيد يحذر من تأثر التطور الحاصل في العلاقات العربية- الاسرائيلية سلباً، جراء سياسات الحكومة الجديدة لإسرائيل التي تبدو أكثر يمينية، مشيراً إلى أنها “قد تُقدِم على خطوات تغضب الشعوب والقيادات العربية”، ما يُلقي بظلاله على مستقبل التطبيع بين إسرائيل والعرب.
وختم روني شاكيد حديثه “إذا أرادت إسرائيل تطبيعاً رسمياً وعلنياً مع العرب، يجب أن تسعى للتقدم في الحل السلمي مع الفلسطينيين والقائم على مبادرة السلام العربية التي تدعو إلى حل الدولتين. إذا تحقق الأمر سيكون أسهل للدول العربية كي تعلن علاقاتها السياسية مع إسرائيل حينئذ”.
جدير ذكره أن هناك دافعاً لبعض الدول العربية مثل عُمان للتطبيع مع إسرائيل غير الخطر الإيراني أو الخوف من تنظيم “الدولة الإسلامية” أو حمايتها من الإطاحة بها من قبل المعارضات السياسية لا سيما الإسلامية منها.
ويتمثل هذا الدافع بما تمتلكه إسرائيل من قدرات في مجال التكنولوجيا المائية لمساعدة وإنقاذ مسقط من الجفاف، حيث يتهددها هذا الخطر لولا إرسال خبراء إسرائيليين في مجال المياه، للعمل على وضع حلول تقنية وفيزيائية لهذه الأزمة في عُمان.
وهذا يعني أن هناك إعجاباً من بعض العرب بقدرات إسرائيل التكنولوجية أملاً في مساعدتها في مجالات مختلفة، وليس فقط قدراتها الأمنية والعسكرية.