مصر تدرس الاعتراف بالمذابح الأرمنية والمصريون يصفونها بالخطوة المتأخرة

مصر/القاهرة – سيد مصطفى/محمود منصور NPA
يخيم صمت كبير وسط تجمع ضخم من الحاضرين، الوافدين إلى الكنيسة الأرثوذوكس الأرمن في رمسيس بوسط القاهرة، مع إجلال ورهبة يعيدان إلى الأذهان ما حدث منذ /104/  أعوام.
أضيئت الشموع، وأقام المطران القداس في مشهد جنائزي مهيب، ووضع الصغار أكاليل الزهور ليكونوا جيلاً جديداً يشهد على ذكرى المذبحة التي قتلت أجدادهم.
سيدة أرمنية في كنيسة الأرمن الأرثودوكس في القاهرة

يقابل ذلك المشهد  في الجهة الأخرى من العاصمة، حراك آخر داخل أروقة البرلمان المصري، لإعداد قانون يدين تلك المذابح ويجرّمها، مما يثير التساؤلات حول انضمام مصر لقائمة الدول المعترفة بالإبادة الأرمينية.
مقدم القانون
“جريمة لا يجب أن تنسى” هكذا وصف النائب مصطفى بكري، صاحب مشروع قانون إدانة مجازر الأرمن، تلك المجازر التي تم فيها ذبح وقتل وتعذيب أكثر من مليون ونصف أرمني، مبينًا أنه  تقدم بطلب وقَّع عليه أكثر من /350/ نائباً لضرورة الاعتراف بهذه المذبحة.
يقول بكري لـ “نورث بريس” إنه يمكن إصدار قانون يعبر عن ضمير الشعب المصري، مبينًا ضرورة رفع قضايا دولية ضد تركيا، لأن تركها بدون حساب يعني تجاهل آلام ومعاناة الأسر الأرمنية التي لا تزال تشعر بتجاهل المجتمع الدولي لقضيتهم العادلة.
ووجه النائب مصطفى بكري رسالة للأرمن المصريين قائلاً: “أن تلك المجازر لن تنسى، وإن ثأر أجدادكم في رقبة العالم الحر، ولن تسقط تلك الجريمة  بالتقادم”.
“خطوة متأخرة”
قال أيدي كاسابيان، ارمني مصري يبلغ من العمر /64/ عامًا، أن إدانة المذبحة والإبادة الأرمنية شيء طبيعي ولا يجب أن تكون الإدانة مرهونة بمطالب مقدمة للحكومات. 
“العالم نائم” يقول كاسابيان لـ”نورث بريس” واصفاً الموقف الدولي المخزي من القضية الأرمنية ويضيف “الموائمات الدولية لمراضاة ومحاباة الأتراك في هذا الوقت عقب الحرب العالمية الأولى، هي سر نكسة الأرمن، منذ اليوم الأول.”
وعلق كاسابيان أن القانون المصري المعروض على البرلمان لإقراره ، بقوله أنه متأخرٌ جداً لأن الأرمن يقطنون مصر منذ وقت طويل، وتلك المذابح معروفة، بل والمفتي المصري عام 1909 عندما حدثت مذابح في أضنة، قبل حدوث المذابح الكبرى أدان المذابح العثمانية ضد الأرمن. 
وبين كاسابيان، أنه “من غير اللائق انتظار حدوث مشكلة بين الحكومة المصرية وتركيا لإصدار قانون لإدانة المذابح الأرمنية”، مشيرًا إلى أنه يوجد في مصر نادي الأرمن للشرق الأدنى والذي أسس في أيام المذابح لإغاثة الأيتام والأرامل الناجين من المذبحة.
خطوة أولى
تقول ساتو أبكاريان، أرمنية مصرية(36 عاماً) أن  الاعتراف بالمذبحة غير كافي من قبل السلطات المصرية بل هي خطوة أولى ستصحبها خطوات أخرى، وهي ليست نهاية مطالب الأرمن في مصر.
وأكدت أبكاريان لـ”نورث بريس”، أن من تلك الخطوات الحصول على  تعويضات مادية من دولة “الاحتلال التركية”، وذلك لأن العثمانيين لم يرتكبوا مجازر تجاه الأرمن وحسب, بل المأساة تجاوزت ذلك إلى مصادرة أراضيهم التي عاشوا آلاف السنين عليها، ومصادرة أملاكهم.
وأضافت أن جدتها كانت إحدى الناجيات من المذبحة وكان لها أملاك واسعة في أرمينيا التاريخية التي احتلها الأتراك، وتمت مصادرتها بعد ذبح العائلة، وفرار الباقي إلى دول الجوار، والتي كان منها مصر.
يشار إلى أن عدد الأرمن في مصر قد انخفض نتيجة لهجرتهم لبلدان أخرى. يوجد الآن حوالي 6000 أرمني في مصر، ويتركزون في القاهرة والإسكندرية.