شبح الحرب يخيم على مضيق هرمز

مركز الأخبار – NPA
تشير المعطيات الأولية، عقب إعلان الولايات المتحدة، إنهاء الإعفاءات الممنوحة لبعض الدول لشراء النفط الإيراني، إلى أن سوق النفط العالمي يميل للاستقرار، بدلاً من صدمة “الفراغ الإيراني” التي يبدو أنها ستبقى محدودة الأثر على أسعار النفط.
وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، أمس الأربعاء، أنه لا يرى حاجة إلى زيادة إنتاج النفط على الفور، لكنه أضاف أن بلاده ستلبي احتياجات العملاء إذا طلبوا مزيداً من النفط.
ورغم ارتفاع الأسعار الاثنين، لأعلى مستوى في /2019/، فإن هذه الطفرة السعرية نزلت، أمس، في ظل إشارات على أن الأسواق العالمية مازالت تتلقى إمدادات كافية.
وتسود مخاوف من أن تلجأ إيران إلى إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر من خلاله نحو 20% من النفط العالمي. لكن طهران أرسلت إشارة غير تصعيدية بهذا الخصوص، أمس، فقد صرح وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أن بلاده ستواصل بيع نفطها واستخدام مضيق هرمز في نقله، محذراً من أنه إذا حاولت الولايات المتحدة منع طهران من فعل ذلك فعليها حينها أن “تكون مستعدة للعواقب”.
ومن المرجح ان تسعى طهران للبحث عن مشترين للنفط، وهذا يفرض عليها إبقاء مضيق هرمز مفتوحاً، لكن في حال تدخلت واشنطن، بطريقة مباشرة أو عبر التهديد، ونجحت في فصل إيران عن السوق النفطية، فإن خيار إغلاق المضيق ربما يكون في المقدمة من جانب إيران.
تتفق معظم التقارير والتسريبات الخاصة بالملف، على أن ترامب ما كان له اتخاذ الخطوة ضد إيران لولا ضمانه لأمن أسعار النفط. إلا أن بدائل نقل النفط، في حال إغلاق مضيق هرمز، تعد غير عملية، رغم أنها قد تسد حاجة السوق، نظراً لعدم جاهزية البدائل. وتبرز ثلاثة مشاريع أساسية في هذا الإطار، واحد فقط من هذه المشاريع قيد التنفيذ، وهو خط أنابيب أبو ظبي- الفجيرة.
تبلغ التكلفة الإجمالية لمشروع خط أنابيب أبو ظبي – الفجيرة، نحو 3.3 مليار دولار أمريكي، ويبلغ طول الخط /360/ كيلومترا، وتصل سعة خط الأنبوب إلى /1.8/ مليون برميل يومياً عبر المحيط الهندي. ومن أبرز أهداف المشروع، تفادي نقل النفط عبر مضيق هرمز.
يستطيع الأنبوب نقل 70% من نفط الإمارات إلى ميناء الفجيرة الذي اكتسب أهمية استراتيجية، كبديل لمضيق هرمز، واستثمرت إمارة أبوظبي في الميناء، بتوسيع السعة التخزينية، ليصبح منصة تجارية حيوية في المنطقة.
لكن هناك عدة عقبات أمام هذا البديل. فالطاقة القصوى للخط تبلغ /1.8/ مليون برميل يومياً، فيما النفط المخصص للتصدير إماراتياً بلغ /2.87/ مليون برميل بحسب أرقام تموز، يوليو الماضي، مما يترك مليون برميل مخصص للتصدير يومياً في حاويات التخزين بأبوظبي.
وهناك حلول أخرى تستغرق وقتاً، لإيجاد حل للفائض النفطي الإماراتي، وذلك عبر خط ثان من الأنابيب، لكن ذلك لا يشكل حلاً فورياً.
وهناك مشروعان آخران، ما زالا قيد الدراسة، ولا يدخلان ضمن الخيارات البديلة في الوقت الحالي، ومنها شق قناة مائية من دبي إلى ميناء الفجيرة على المحيط الهندي.
أما المشروع الثالث، يتضمن إنشاء أكبر قناة بحرية صناعية في العالم، تبدأ من الخليج وتمتد عبر صحراء الربع الخالي في المملكة عبر الحدود اليمنية والعمانية. وتم طرح مثل هذه الأفكار في بداية عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، وأطلقت وسائل إعلام سعودية على المشروع اسم “قناة سلمان”، وسرعان ما بات طي النسيان، ليتم الاعتماد على تطوير المشروع القائم، وهو خط أنابيب ينقل النفط من المنطقة الشرقية للسعودية إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر، لكنه لا يستوعب كل النفط السعودي المنتج المطلوب نقله (25 بالمئة من النفط المخصص للتصدير). بالتالي، فإن الجزء الأكبر من النفط السعودي (نحو 88 بالمئة) ما زال يمر عبر مضيق هرمز.
وتظهر خريطة نقل النفط، أن الإمارات نجحت، نسبياً، في تفادي الاعتماد على مضيق هرمز، عبر خط أنابيب الفجيرة، غير أن كلاً من العراق والسعودية والكويت وقطر، تعتمد بشكل شبه كلي على مضيق هرمز لنقل النفط، وبالتالي، من المرجح أن يكون إغلاق المضيق أكبر في تداعياته، من الاحتياطات المتخذة من جانب الولايات المتحدة وحلفائها، خصوصاً أن الدول التي تعتمد عليها واشنطن، وهي السعودية والإمارات، قد تتمكنان مؤقتاً من إنتاج ما يسد نقص النفط الإيراني، لكن المعضلة تكمن في إيصال هذا النفط إلى الأسواق في الوقت المناسب، ويبدو أن البنية التحتية لنقل النفط غير مؤهلة لتفادي أزمة عالمية في الأسعار في حال إغلاق الممر النفطي.
الإغلاق، وفق حسابات الربح والخسارة، يعني، في كل الحالات، ولكل الأطراف، اندلاع مواجهة عسكرية كبيرة، قد تصبح عالمية. وهذه معضلة تتشارك فيها كل من إيران والدول المصدرة للنفط عبر هرمز.