جيوب العراقيين.. آخر أمل للإيرانيين للهروب من الحصار
سليمانية/العراق – أميد توفيق – NPA
مخاوف فرض عقوبات جديدة على إيران في شهر أيار/مايو المقبل دون مراعاة ومعافاة أية جهة ذات مصالح معها، دفعت الحكومتين الإيرانية والعراقية إلى البحث عن منافذ للإفلات من تلك العقوبات.
وكان آخر إعفاء من العقوبات منحته واشنطن للعراق في21 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وذلك بعد أن أعادت إدارة ترامب فرض عقوبات على صادرات الطاقة الإيرانية في تشرين الثاني/نوفمبر عام 2018.
ويعتمد العراق بشكل كبير على الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء، ويستورد قرابة 1,5 مليون قدم مكعبة قياسية من الغاز يومياً عبر خطوط أنابيب تمتد في شمال وشرق البلاد.
وفي زيارته الأخيرة للعراق، وقّع حسن روحاني، رئيس الجمهورية الإيرانية مع عادل عبد المهدي، رئيس الوزراء العراقي، عدداً من الاتفاقيات الاستراتيجية منها في قطاعات النفط والتجارة وخطوط سكك حديدية تربط مدينة البصرة مع المدن الإيرانية.
ويبلغ حجم التبادل التجاري بين إيران والعراق /12/ مليار دولار، وقد رغب الجانب الإيراني زيادته إلى /20/ مليار دولار خلال سنتين. لكن، ظهرت مخاوف من الجانبين بسبب فرض عقوبات أخرى أصبحت جدية, حيث طالب كل من رئيس الجمهورية العراقية ورئيس مجلس النواب العراقي من أمريكا إعفاء العراق وإعطاءها مهلة حتى تمضي باتفاقاتها التجارية مع إيران.
وقال برهم صالح، رئيس الجمهورية، للصحفيين في الكويت، إن الحوار مع الولايات المتحدة مستمر، و يجب مراعاة خصوصية العراق فيما يتعلق بالعقوبات على إيران”.
وأضاف: “لا نريد أن يكون العراق محملاً بوزر العقوبات الأمريكية على إيران”.
خلال الفترة السابقة، أثارت الكتل الشيعية الموالية لإيران داخل المجلس النواب العراقي، تشريع قانون إخراج القوات الأمريكية من العراق.
وفي هذا السياق كشف مسؤولون عراقيون عن حراك لتسوية ملف إخراج القوات الأمريكية من العراق، وتأجيله مقابل الحصول على تمديد الإعفاء للعراق من العقوبات المفروضة على إيران.
وبحسب مصدر عراقي مطلع، يخوض رئيس البرلمان العراقي، محمـد الحلبوسي، منذ عدّة أيّام حوارات مع المسؤولين الأمريكيين بهذا الشأن، محاولاً تسوية الملفين، وإنّ “زيارة الحلبوسي لواشنطن لا تمثل رئيس البرلمان وحده، بل تمثل الحكومة أيضاً”.
وأوضح المصدر لوكالة “نورث بريس” أنّ “الحلبوسي يبحث حالياً هذا الملف في واشنطن مع المسؤولين الأمريكيين، للتوصل إلى توافق بشأنه، وتعطيل تمرير قانون إخراج القوات الأمريكية من العراق، الذي تعتزم جهات سياسية عرضه على التصويت”، مبيناً أنّ “الحلبوسي يسعى في مقابل هذا الملف حصول العراق على تمديد جديد لإعفاء العراق من العقوبات المفروضة على إيران، ولمدة لا تقل عن ثلاث سنوات.”
إخفاق
اشتكت طهران خلال الأشهر العشرة الاخيرة من التأخير الأوروبي في تنفيذ تعهداته ووعوده بالحفاظ على الاتفاق النووي، وسط تهديدات بين الفينة والأخرى بالانسحاب منها إن لم تترجم أوروبا أقوالها في هذا الصدد إلى إجراءات وأعمال تساعد الحكومة الإيرانية في الالتفاف على العقوبات الأمريكية.
أخيرا أعلنت الترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) نهاية كانون الثاني/يناير الماضي، عن الآلية المالية الأوروبية “إينستكس”، التي اعتبرتها طهران “أقل بكثير من التزامات أوروبية لمنع انهيار الاتفاق النووي”.
وفي هذا الشأن رفض المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية الإيرانية آية الله على خامنئي آلية تجارية أنشأتها الدول الأوروبية لتجاوز العقوبات الأمريكية الجديدة ووصفها بأنها “دعابة ثقيلة”، مشيراً إلى أنه لا يمكن الوثوق بأوروبا. وقال خامنئي “هذه القناة المالية التي أنشئت مؤخراً أشبه بالدعابة، دعابة ثقيلة”.
وأضاف “علينا أن نقطع الأمل بأي مساعدة من الغربيين… لا يمكننا أن نتوقع المساعدة والنزاهة من الأوروبيين”.
في السياق ذاته نقلت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء عن رئيس السلطة القضائية الإيرانية صادق آملي لاريجاني قوله إن طهران لن تقبل أبداً “الشروط المهينة” التي حددها الاتحاد الأوروبي للتجارة دون استخدام الدولار, والتي تهدف إلى تفادي العقوبات الأمريكية. ونقلت الوكالة عن لاريجاني قوله “بعد تسعة أشهر من المماطلة والتفاوض، أنشأ الأوروبيون آلية محدودة للغذاء والدواء فقط”. وأضاف “لن تقبل إيران أبداً هذه الشروط الغريبة والمهينة الخاصة بالانضمام إلى الآلية التجارية والمفاوضات بشأن برنامجها الصاروخي”.
آخر أمل لإيران
بعد كل هذه المناورات، إيران تنوي الآن التربع محلياً للالتفاف على تلك العقوبات وذلك بتشجيع الاستثمار الداخلي وإطلاق حملة واسعة في وسائلها تحت عنوان “رونق التوليد- بهجة الاستثمار” إضافة إلى تساهل غير مسبوق مع الأنشطة التجارية غير النفطية مع الجوار وبالأخص مع العراق أملاً بتخفيف ما حملتها من عقوبات على كاهلها.
وفي هذا السياق رفعت الحكومة الإيرانية كلفة ما يدفعه العراقيون مقابل حصولهم تأشيرة الإيرانية منذ 1 نيسان/ابريل الحالي.
يرى المحللون أن هذه الخطوة، ربما تؤدي إلى تدفق مواطني العراق نحو الأراضي الإيرانية، وتفريغ ما في جيبهم هناك تحت عناوين الزيارة الدينية وشراء السلع المحلية حين عودتهم إلى العراق، بالإضافة إلى توصيل الأرحام لدى مواطنو الكرد والعرب في الدولتين، كما أشار رئيس القنصلية الإيراني في أربيل مرتضى عبادي “أن أنواع التأشيرات السياحية والدراسة والعلاج الطبي والزيارة العائلية قد أصبحت الحصول عليها مجاناً”.
مضيفاً أن في العام السابق “قد طلب نصف مليون من مواطني إقليم كردستان، التأشيرة الإيرانية”، وهذه الخطوة قد تدفع إلى زيادة عدد المسافرين إلى إيران.
وفي خطوة سابقة قررت الحكومة الإيرانية العمل بنظام إصدار تأشيرات الدخول للأجانب دون ختم جواز السفر بجميع منافذ ومطارات البلاد بدءاً من كانون الأول/ديسمبر الماضي وذلك كخطوة تهدف لحماية الوافدين إليها بهدف السياحة أو التجارة.