بسبب منشورات على "فيسبوك".. قرارات فصل بحق موظفين حكوميين في السويداء

السويداء – نورث برس

 

بعد سنوات من الخدمة لصالح مؤسسات الحكومة السورية، استلم مؤخراً عددٌ من الموظفين في مدينة السويداء، جنوبي سوريا، قرارات فصلهم من وظائفهم بسبب منشورات وتعليقات قاموا بتدوينها على منصات التواصل الاجتماعي حول أداء الحكومة وتخبطها خلال الأزمة الراهنة وتدهور الوضع الاقتصادي.

 

وقال حسام  كنعان (٤٠عاماً)، وهو أحد آخر المفصولين من وظيفته في السويداء، لـ "نورث برس"، "تلقيت يوم الاثنين قرار فصلي من وظيفتي وأبلغني بذلك المدير المسؤول في مقر عملي بمؤسسة الغاز التابعة لفرع المحروقات في بلدة الرحى جنوب السويداء"

 

وأضاف: "تم فصلي "بسبب التهكم والقذف والذم للحكومة السورية وإضعاف الشعور القومي"، حسب ما تضمنه القرار.

 

وأردف "كنعان"، الذي كان محاسباً في مؤسسة الغاز منذ /16/ عاماً وحاصل على ماجستير تجارة واقتصاد: "منذ خمسة أيام مضت وصل قرار الفصل إلى ديوان المحافظة وكان ممهوراً بختم رئيس الوزراء المكلف حسين عرنوس".

 

وفي السياق قالت زوجة الموظف المفصول، لـ "نورث برس"، أنه زوجها كان تحدث، في منشور له على موقع "فيسبوك" في الثامن من حزيران/يونيو الفائت، عن استمرار الأزمة السورية رغم تعاقب رؤساء الحكومة.

 

وكان "كنعان" قد قال في تدوينته آنذاك، "رحلت حكومة عبد الرؤوف الكسم وحكومة محمود الزعبي وحكومة ناجي عطري وحكومة مارديني وحكومة عادل سفر وحكومة الحلقي وخميس وما زالت الأزمة في سوريا قائمة، إذا المشكلة في الشعب ويبقى الثابت أنه هو جوهر الفساد".

 

وكان الرئيس السوري، بشار الأسد، قد أعفى في /11/ حزيران/يونيو الفائت رئيس الحكومة عماد خميس من منصبه وكلف وزير الموارد المائية حسين عرنوس بمهامه، وذلك قبل أيام من تطبيق عقوبات "قيصر".

 

وكان منشور الموظف "كنعان" قد جاء في وقت تعيش فيه سوريا أزمة اقتصادية خانقة وغير مسبوقة، حيث تخطى سعر صرف الدولار الأمريكي أمام الليرة السورية في الأسواق آنذاك /3000/ ليرة سورية، في الوقت الذي يبلغ راتب موظفي القطاع العام وسطياً نحو /50/ ألف ليرة سورية (ما كان يعادل حوالي /17/ دولاراً حينها).

 

وفي حزيران/يونيو الفائت أيضاً، استلم موظف آخر من السويداء قرار فصله بناءً على أوامر ما يعرف بـ"الأمن الوطني" على خلفية مشاركته باحتجاجات مطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية، وفق تقرير لشبكة "السويداء 24".

 

وكانت احتجاجات مناوئة للحكومة السورية قد خرجت خلال الشهر الماضي، وطالبت بتحسين الأوضاع المعيشية ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد وخروج القوات الروسية والإيرانية من سوريا، محملة إياهم مسؤولية ما يحصل في البلاد.

 

ووثق نشطاء محليون في السويداء زيادة ملحوظة في قرارات الفصل لموظفين عبروا عن آرائهم عبر صفحات التواصل الاجتماعي، منهم ممدوح أبو منذر، نائب رئيس شعبة المناهج في مديرية التربية، ومن قبله بشار طربيه الذي طالب بتحسين الوضع المعيشي.

 

وتنص المادة رقم /19/ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 عل أنه "لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها بأي وسيلة كانت".

 

وجاء في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966: "يشمل حق حرية التعبير في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين، دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو فني أو أي وسيلة أخرى يختارها".

 

ووصف مروان الحمود، وهو محامِ وناشط مدني، لـ "نورث برس"، قرارات الفصل الأخيرة بـ "التعسفية  وغير القانونية".

 

وأردف: "لا يحق للوزارات التنفيذية فصل أي موظف دون العودة إلى القضاء".

 

ولفت "الحمود" إلى أن هذه الإجراءات "انتهاك صارخ ومنافٍ لمبادئ الدستور السوري"، وأن "مكتب الأمن الوطني" التابع للأجهزة الامنية، ومقره مدينة السويداء، يقوم بإرسال تقارير أمنية إلى دمشق لتصل إلى رئاسة الوزراء لفصل من يريدون فصله".

 

وحصلت "نورث برس" على تسريبات، من مصدر مقرب من الحكومة السورية طلب عدم التصريح عن هويته، أن "هناك أسماء أخرى لموظفين سيتم فصلهم على خلفية كتابات مناهضة للحكومة السورية على صفحات التواصل الاجتماعي، سيعلن عنها في الأيام المقبلة".