"الباذنجان البري" مشكلة بريف الرقة أكبر من إمكانات المزارعين ولجنة الزراعة
الرقة- مصطفى الخليل- نورث برس
لم يعد بمقدور علي المصطفى الفرج (43 عاماً)، وهو مزارع من قرية كسرة عفنان، /8/ كم جنوب مدينة الرقة شمالي سوريا، هذا العام من السيطرة على انتشار شجيرة الباذنجان البري التي غزت كامل أرضه الزراعية المزروعة بمحصولي القطن والذرة الصفراء.
وبحسب مزارعين في ريف الرقة الجنوبي، فإن انتشار الباذنجان البري يزداد كل عام لتضرر المحاصيل منه دون وجود جهود لمكافحته أو حل جذري للقضاء عليه.
والباذنجان البري هو عشبة معمرة عريضة الأوراق سريعة الانتشار، تنافس المحاصيل المزروعة على الغذاء والماء والضوء، ما يؤدي إلى قلة الإنتاج وتدني نوعية محاصيل الحقول التي تنمو فيها العشبة، ولا سيما القطن والفول السوداني والذرة.
"هناك من ترك أرضه"
وكان "الفرج" يقوم بمساعدة أفراد أسرته، صباح كل يوم، بإزالة شجيرات الباذنجان البري الضارة من أرضه التي تبلغ مساحتها /60/ دونماً، ليضطر مؤخراً بعد انتشارها في حقله بشكل شبه كامل إلى الاستعانة بعمال لقاء أجور.
وطالب المزارع مؤسسات الإدارة المدنية ومنظمات المجتمع المدني في الرقة، بالاطلاع على واقع الأراضي الزراعية في ريف الرقة الجنوبي وايجاد حلول ناجعة للحد من انتشار شجيرة الباذنجان البري، "فهناك من ترك أرضه نتيجة انتشار شجيرة الباذنجان البري".
وأضاف أن وزارة الزراعة السورية استطاعت في العام 2011 أن تسيطر على انتشار شجيرة الباذنجان البري في ريف الرقة الجنوبي بنسبة تصل إلى/90/ بالمئة، "إذ أنها كانت تقوم بمكافحة شجيرة الباذنجان البري بالمبيدات الزراعية بشكل دوري".
ويتوقع "الفرج" أنه إذا لم يتم ايجاد آلية للحد من انتشار الباذنجان البري في الأراضي الزراعية في ريف الرقة الجنوبي، فإن الأمر سيؤدي خلال سنتين إلى خروج الكثير من الأراضي الزراعية عن الخدمة وسيضطر أغلب المزارعين لترك أراضيهم.
"إمكانات المزارع لا تكفي"
ويعزو المهندس الزراعي إبراهيم إبراهيم، وهو صاحب مركز للأدوية والمبيدات الزراعية في ريف الرقة الجنوبي، انتشار الباذنجان البري إلى "إهمال المزارعين أراضيهم الزراعية، وتقصيرهم بمكافحتها من الأعشاب الضارة".
ويرى المهندس الزراعي أنه يجب مكافحة شجيرة الباذنجان البري عدة مرات متتالية للحد من انتشارها، إذ إن "إهمالها يؤدي إلى انتشار سريع لها".
ولا يكتفي مصطفى الهلال(31عاماً)، وهو مزارع من قرية رطلة جنوب الرقة، بقلع شجيرات الباذنجان البري من حقله فقط، بل يقوم بجمعها وحرقها بجانب مصرف الري المحاذي لأرضه.
وقال "الهلال" إنه لجأ إلى طريقة الحرق هذه، "تحسباً من انتشار بذور الباذنجان البري وانتقالها إلى باقي حقله الزراعي، وللقضاء عليها نهائياً كي لا تأكلها الأغنام والماعز، لأن الباذنجان البري خطير على الإنسان والحيوان والأراضي الزراعية".
ويعتبر الباذنجان البري عائلاً وخازناً لكثير من الأمراض والحشرات، فالنبات سام للإنسان والحيوان ويؤدي في بعض الأحيان إلى نفوق المواشي.
ويضيف "الهلال" إن شجيرة الباذنجان البري كانت محصورة العام الماضي في مساحة متر بين أرضه، "هذا العام انتشرت مسافة /20/ متراً، الوضع خرج عن السيطرة، فلم يعد بمقدوري السيطرة عليه".
أما السبب الآخر الذي دفع المزارع إلى حرق شجيرات الباذنجان البري بعد إزالتها من أرضه، هو ارتفاع أسعار المبيدات الزراعية، "لدي /70/ دونماً مزروعة بالقطن والذرة، ويحتاج كل دونم واحد لثلاثة أكياس من المبيد أي ما يعادل /210/ دولارات، وهو مبلغ باهظ بالنسبة للمزارع (..) والقضاء عليه يحتاج لإمكانات الإدارة الذاتية".
" لجنة الزراعة عاجزة"
من جانبه قال حمود الخلف، وهو مسؤول في مكتب الوقاية في لجنة الزراعة في مجلس الرقة المدني، إن جهود لجنة الزراعة ومكتب المكافحة تنصب حالياً باتجاه اصلاح شبكات الري، ومكافحة آفات القطن، بينما "مشكلة الباذنجان البري هي أكبر من إمكانات لجنة الزراعة في الرقة".
وأضاف أن لجنة الزراعة في مجلس الرقة المدني قد راسلت عدة منظمات في المدينة، "ولكن لم تجد تجاوباً فاعلاً منها، فاقتصرت استجابتهم أحياناً على القيام بإرسال عمال لإزالة الباذنجان البري".
وبحسب "الخلف" فإن منظمات المجتمع المدني العاملة في الرقة تبتعد عن استخدام مبيد خاص بمكافحة الباذنجان البري وهو "الكلايوفاسات"، "لأن هناك دراسات علمية من قبل الاتحاد الأوروبي تؤكد أن هذا المبيد له أضرار على صحة جسم الإنسان"، حسب قوله.