سعي لتأسيس مفاقس محلية للأسماك في الرقة بعد ارتفاع كلفة نقل صغارها

الرقة- أحمد الحسن- نورث برس

 

يتردد محمود السالم (64عاماً)، من سكان مدينة الرقة، شمالي سوريا، صباح كل يوم إلى منطقة "حويجة كدرو" على ضفة نهر الفرات الشمالية، /2/ كم غرب المدينة، ليطعم أسماكه ويتفقدها، بعد أن عزف كل أقرانه عن تربية الأسماك في المنطقة، بسبب نقص توفر صغار الأسماك والتكاليف الكبيرة لجلبها من مناطق الحكومة السورية.

 

ولسنوات عديدة اعتمد سكان من الرقة على تربية الأسماك كمصدر كسب رئيسي، بالإضافة إلى الصيادين والباعة في المنطقة، حيث تعتبر الثروة السمكية أحد مصادر سبل العيش في المنطقة بعد الزراعة والثروة الحيوانية.

 

 وتستغرق مدة تربية الأسماك سبعة أشهر في الأحواض، ليتم بيعها بعد ذلك في الأسواق المحلية، كما يتم تجميد قسم من الإنتاج ليتم تصديره إلى مدن سورية وإلى إقليم كردستان العراق، بحسب "السالم".
 

وتضم أنواع الأسماك التي تتأقلم مع طبيعة منطقة الرقة "الكرب والعاشب والجري والبني" والعديد من الأنواع الأخرى التي يتم تربيتها في أحواض خاصة وإطعامها الأعلاف الخاصة، إلا أن التركيز الأكبر يكون لسمك الكرب، "لأنه من الأنواع المرغوبة في المنطقة".

 

وكان مربو الأسماك في ريف الرقة يجلبون صغار الأسماك من منطقة سهل الغاب بريف حماة الغربي الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، لكن الخسائر التي تكبدوها بسبب تكاليف النقل وضرائب المعابر ونفوق قسم كبير منها أثناء عملية النقل، دفعهم للعزوف عن المهنة، في حين يبحث "السالم" عن بدائل لتوفير صغار الأسماك محلياً.

 

وقال "السالم" إن القوات الحكومية في معبر الطبقة كانت تطلب /100/ ألف ليرة سورية على كل طن من محتوى الخزان الذي يسع /20/ برميلاً كرسوم جمركية، وكانوا يحتسبون وزن الماء (أربعة أطنان) مع صغار الأسماك لاحتساب الرسوم، في حين كان "نقل الأسماك من خزان إلى آخر ووقت الانتظار الطويل يؤدي لنفوق عدد كبير من صغار الأسماك".

 

وأضاف أنه لجأ مؤخراً إلى الاستعانة بالطب البيطري لإنتاج صغار الأسماك وذلك عن طريق استخلاص البيوض من الأسماك الناضجة وتلقيحها ضمن أحواض صغيرة ومعقمة، "قمنا بتجربة إنتاج الأسماك محلياً منذ العاشر من شهر حزيران/ يونيو الماضي تحت إشراف أحد الأطباء البيطريين في الرقة".

 

وأضاف: "أجرينا التجربة على قرابة/50/ ألف بيضة، تم تفقيس قرابة /30/ ألفاً منها، نقوم حالياً بتربيتها في أحواض معقمة وسيستمر هذا العمل لشهرين إلى حين بلوغها الحجم المطلوب، ليتم نقلها فيما بعد إلى أحواض كبيرة".

 

وأشار "السالم" إلى أنه لجأ إلى شراء صغار الأسماك من الصيادين في نهر الفرات، "ولكن هذه الطريقة أيضاً لم تكن بالمستوى المطلوب، وذلك لقلة الكميات التي نستطيع الحصول عليها"، بحسب قوله.

 

وكان يوجد في منطقة حويجة كدرو /22/ حوضاً لتربية الأسماك، لسبعة أشخاص مارسوا هذه المهنة، إلا أنه لم يبق في الوقت الحالي سوى محمود السالم الذي يقوم بتربيتها في سبعة أحواض.

وأغلق عبد الرزاق الخضر (اسم مستعار)، حوضين يملكهما لتربية الأسماك منذ عامين، لصعوبة تأمين مقوماتها وتفاقم الخسائر التي يعجز الإنتاج عن تسديدها.

 

وقال: "آخر مرة اشتريت فيها صغار الأسماك، نفق نصفها أثناء النقل من خزان إلى آخر، اشتريت /50/ ألفاً من صغار الأسماك، وصل منها /25/ ألفاً فقط إلى الأحواض".

 

وحول إمكانية تفريخ الأسماك في مدينة الرقة، أوضح محمود حمزاوي رئيس مكتب الثروة الحيوانية التابع للجنة الزراعة والري في مجلس الرقة المدني أن المكتب قام بافتتاح مفقس لإنتاج صغار الأسماك، "ولكن لا تزال إنتاجيته قليلة، وذلك لعدم وجود الخبرة الكافية لدى القائمين عليه والذين يتم تدريبهم لتجاوز هذه المشكلة".

 

وامتد المفقس الذي تم البدء به أواخر نيسان/ أبريل الماضي على مساحة عشرة دونمات وطاقة إنتاجية تبلغ عشرة أطنان، وأظهرت تجربة وحيدة فيه نسبة نجاح ضئيلة لم تتجاوز /20/ بالمئة، في حين يتم تدريب كوادر بيطرية لإجراء عمليات تفقيس أخرى، بحسب مكتب الثروة الحيوانية.