في الرقة.. مشاف وأطباء يخفون أضابير مرضى فارقوا الحياة أثناء عمليات جراحية

الرقة – نورث برس

منذ مطلع العام الجاري 2020 شهدت مدينة الرقة، شمالي سوريا، نحو ثماني حالات وفاة لمرضى أثناء خضوعهم لعمليات جراحية في مشاف خاصة بالمدينة، ووجهت أصابع الاتهام للأطباء الذين أجروا العمليات بارتكاب أخطاء طبية.

أثناء التحقيق، تتبع المعدّ حيثيات وتفاصيل ثلاث حالات جرت ما بين شهري آذار/مارس وحزيران/يونيو الماضيين، وحصل على نسخ من دعاوى قضائية تقدم بها ذوو المتوفين إلى النيابة العامة، كما حصل على صور وتحاليل طبية أجريت لهؤلاء الأشخاص قبل الخضوع للعمليات الجراحية.

ويشير التقاطع في المعلومات والشهادات إلى وجود نوع من التستر على ما جرى، لا سيما أن امتناع الأطباء الذين أجروا العمليات الجراحية عن التصريح وإعطاء أي تفاصيل حيال هذه الحالات ورفض إدارة المشافي الحديث عنها، زاد من احتمالية مفارقة هؤلاء الأشخاص الحياة بسبب أخطاء طبية.

من جهة أخرى تثير طريقة تعامل إدارة المشافي وبعض الطواقم الطبية مع عائلات من فقدوا حياتهم المزيد من الشكوك، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بطلب أضابير المتوفين والتي تتضمن أسباب الوفاة، في وقت عمد فيه أحد الأطباء في إحدى الحالات بسحب إضبارة أحد المتوفين من المشفى، وهو ما يعتبره البعض “خرقاً واضحاً” للقوانين المتبعة في هذا الشأن.

مات سامر.. “لقد أخفوا إضبارته”

في الثاني عشر من حزيران/ يونيو الفائت، خرج سامر الناصر (50 عاماً)، من مشفى الطب الحديث في الرقة بعد إجرائه عملية استئصال للزائدة الدودية، لكن لم تمض ساعات على خروجه حتى أعاده ذووه إلى المشفى مجدداً بعد أن ظهرت عليه أعراض ومضاعفات مرضية “غير مفهومة”، ليفارق الحياة في المشفى صبيحة اليوم التالي.

وقال ناصر الناصر (53 عاماً) وهو الأخ الأكبر للمتوفى: “بقي أخي في غرفة العمليات لأكثر من ساعة ونصف، وعندما سألناهم عن تأخر إجراء العملية، قالوا: أخذت منا وقتاً”.

لكن ما أثار شكوك العائلة حول وجود أسباب يجهلونها وراء وفاة سامر ،كان عندما ذهب إخوته بعد يومين من وفاته، إلى مشفى الطب الحديث في الرقة، “لدفع تكاليف العملية ومحاولات علاجه، تفاجأنا بقيام الطبيب الذي أجرى العملية بسحب إضبارته بعد أن قام بدفع التكاليف كاملة”.

في غضون ذلك حاولت العائلة الاتصال بالطبيب ومعرفة أسباب قيامه بهذه الإجراءات “لكنه لم يستجب للاتصالات”، وهو ما زاد من الشكوك حول إمكانية “وجود خطأ طبي أودى بحياة سامر”.

وقال ناصر الناصر بحنق شديد: “لسنا في ضائقة مادية حتى يدفع الطبيب عنا تكاليف علاج وعملية سامر. نتساءل من أين جاء هذا الكرم؟! وبأي عُرْف أخفى الطبيب الإضبارة؟ فنحن أهله! ترى ما هو الخطأ الذي ارتكبوه ويتسترون عليه؟”.

ومنذ ذلك اليوم تحاول العائلة جاهدة الوصول إلى معلومات مؤكدة حول سبب الوفاة لكن دون جدوى، “إدارة المشفى تتخبط، فكل واحد منهم يورد رواية مختلفة ومتناقضة مع الأخرى. هناك إشارات استفهام كبيرة حول ما جرى، منها تهرب الطبيب من رؤيتنا وعدم رده على اتصالاتنا”.

روايات مريبة

وتمكنت العائلة من الوصول إلى تأكيد من طبيب في قسم الإسعاف بالمشفى، مفاده أن “سامر” لم يكن يعاني من أي مشاكل في القلب يمكن أن تؤدي إلى وفاة أثناء العملية، “الأعراض التي بدت عليه كانت بسبب التهاب بالأمعاء، ناتج عن عملية استئصال الزائدة الدودية” طبقاً لما روى ناصر الناصر.

وأورد بعض الكوادر الطبية في المشفى روايات أخرى نقلها عبد الرزاق جرداوي (27 عاماً)، وهو صيدلاني وكان من الأصدقاء المقربين لـ “سامر”، مفادها أن سبب الوفاة يعود إلى “ظهور كتلة سرطانية بعد إجراء العمل الجراحي وأدت إلى وفاته بهذه السرعة”.

صورة عن تحاليل المتوفى سامر الناصر – نورث برس

التضارب في الروايات فتح الباب أمام تساؤلات جديدة متعددة باتت مثار ريبة شديدة لدى عائلة سامر التي تتساءل عن “كيف تم تشخيص إصابته بالسرطان؟! ومتى؟ وهل من تحليل يثبت صحة هذا الادعاء في المشفى أو في غيره؟! والأهم، لماذا لم تبلغنا إدارة المشفى والطبيب المختص بإصابته بهذا المرض لحظة الكشف عنه؟ ولماذا يقوم الطبيب الجراح بالتهرب منا؟ وهل يجوز منطقياً إخفاء تفاصيل مرض كالسرطان عن أهل المريض خاصة بعد وفاته؟”.

ولدى نقلنا لهذه الروايات إلى بختيار الحسين، وهو طبيب جراح في مدينة كوباني، بدا مشككاً فيها وخصوصاً رواية حمل المريض لكتلة سرطانية، وقال إن تشخيص السرطان لا يظهر في أقل من اثني عشر يوماً، ورجح الطبيب أن يكون سبب الوفاة ناجماً عن الأدوية المخدرة “منتهية الصلاحية” والتي تتسبب بتخثر في الدم ما يؤدي إلى الوفاة.

إدارة المشفى والطبيب يرفضان التصريح

رفض موظفون إداريون في مشفى الطب الحديث في الرقة الإجابة عن أي استفسار لـ”نورث برس” حيال أسباب اختفاء إضبارة سامر الناصر كما رفضوا الإدلاء بأي تصريح بهذا الخصوص.

وفي محاولة لمعرفة وجهة نظر الطبيب الذي أجرى العملية لسامر وقام بإخراج الإضبارة من المشفى بعد دفع التكاليف، رفض أيضاً إجراء مقابلة أو الخوض في تفاصيل الحادثة واكتفى بالقول: “أنا مشغول بتحضيرات ابنتي للامتحانات”.

صورة عن شكوى تقدمت بها عائلة المتوفى (سامر الناصر) – نورث برس

وقال كسار العلي، وهو مدير المشفى الوطني بالرقة، إن “العرف الطبي يجيز لذوي المريض أو المتوفى الاطلاع على الإضبارة الطبية لمعرفة تفاصيل الواقعة الطبية التي جرت مع مريضهم”.

وأضاف: “ولا يجوز لأي طرف آخر الاطلاع على إضبارة أي مريض في المشفى إلا بإذن من النيابة العامة، فهي من خصوصيات المريض أو المتوفى”.

وقال عبد الله العريان، وهو محام يقيم في مدينة الرقة إنه يتم تحديد الخطأ الطبي من خلال خبرة طبية مؤلفة من لجنة طبية، وتحت إشراف قضائي، “وهذه اللجنة هي الوحيدة المخولة بتحديد إن كان هناك خطأ طبي أم لا”، لكن كل ذلك لم يحصل بحسب عائلة الناصر.

وقال رئيس المكتب القانوني للجنة الصحة في مجلس الرقة المدني إنه ” لا يجوز لإدارة أي مشفى أن تُخرج إضبارة أي مريض أو مراجع، فحتى الطبيب المعالج نفسه أو الذي أجرى العملية الجراحية غير مخول بأخذ الإضبارة والاحتفاظ بها، فهذه وثيقة رسمية يتم الاحتفاظ بها في أرشيف المشفى لسنوات عديدة ليتم الرجوع إليها حين حدوث إشكالية ما”.

وأضاف: “تُحاسب إدارة المشفى من قبل الجهات المختصة إن تم إخفاء وإخراج الإضبارة من المشفى في حال ثبت ذلك بالأدلة القطعية”.

ويبلغ عدد المشافي الخاصة في الرقة، ستة مشاف وهي (مشفى الطب الحديث، ومشفى دار الشفاء، ومشفى الرسالة، ومشفى المشهداني، موشفى الفرات، ومشفى النور في الكسرات جنوب الرقة).

أما “المشفى الوطني” الحكومي فتشرف عليه لجنة الصحة في مجلس الرقة المدني و يقدم خدماته بشكل مجاني ولكن إمكاناته لا تزال متواضعة حتى الآن، فقد دمرت أجزاء كبيرة منه نتيجة الحرب على تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) في العام 2017، وقام مجلس الرقة المدني بداية العام /2019/ بإعادة تأهيله وترميمه مجدداً.

ويوجد أيضاً في الرقة مشفى التوليد ومشفى الهلال الأحمر الكردي، وهما تحت إشراف منظمات وجمعيات مختصة بالشأن الطبي، ويقدمان خدماتهما بشكل مجاني أيضاً.

وقال رئيس المكتب القانوني في مجلس الرقة المدني، إن لجنة الصحة انتهت مؤخراً من دراسة النظام الداخلي الناظم لعمل المشافي الخاصة بالرقة، وسيتم إصداره خلال الأيام القليلة القادمة بعد مصادقته من قبل المجلس التشريعي في الرقة.

وفي السابع والعشرين من الشهر الفائت، عقدت اللجنة القانونية اجتماعاً شاركت فيه مؤسسات صحية في الرقة، وتم مناقشة عدة أمور تتعلق بآلية عمل المشافي الخاصة، كان أبرزها “ما جرى من لغط وإشكاليات بين بعض السكان من عائلات مرضى ومتوفين مع أطباء وإدارات مشافٍ خاصة في المدينة، حول حوادث مشابهة، لحادثة وفاة سامر الناصر”.

مات قيس.. “لا تقرير طبي”

بعد وفاة سامر الناصر بيوم واحد وتحديداً في الرابع عشر من حزيران/يونيو الفائت، فارق قيس الأحمد السالم(27عاماً) الحياة، وهو من قرية رقة سمرا، /4/ كم شرق الرقة، أثناء خضوعه لعملية جراحية لإزالة صفائح معدنية من فخذه، في مشفى “المشهداني” الخاص بالمدينة.

وقبل وفاته بنحو خمسة أشهر تعرض السالم لحادث سير، أدى لكسور في فخذه الأيمن ما اضطر الأطباء لتركيب صفائح معدنية لفخذه، بحسب أفراد من عائلته.

وبحسب ما ذكر إبراهيم الحمادي السالم (65عاماً)، وهو عم المتوفى، فإنهم “لم يحصلوا على تقرير طبي ولا حتى على تصريح من إدارة المشفى يوضح أسباب الوفاة”.

وقال: “دخل قيس إلى غرفة العمليات في مشفى المشهداني، لإزالة الصفائح المعدنية من فخذه، ثم خرج الطبيب الجراح من غرفة العمليات وقال: لقد مات المريض”.

وحّمل السالم: “الطبيب الجراح، وإدارة المشفى مسؤولية وفاة ابن أخيه قيس متسائلاً عن شهادة الوفاة؟ أين التقرير الطبي الذي يشرح واقعة الوفاة؟”.

وأشار إلى أنه أثناء العملية الجراحية طلبت إدارة المشفى منهم إحضار أكياس الدم، “قمنا بإحضار الكيس تلو الآخر، حتى وصل العدد إلى/14/ كيساً، إضافة إلى ستة أخرى لبلازما دم”.

لكنه قال إن: “مدير مشفى المشهداني بالرقة، إبراهيم الدندل، جاء لتقديم واجب العزاء لنا، وبيّن أن سبب وفاة قيس يعود لتخثر في الدم أثناء العملية”.

شكوك ودعوى قضائية

ما رواه مدير المشفى لم يكن كافياً لإقناع ذوي قيس السالم، وكغيرهم ممن مروا بهذه الحالة يثيرون أسئلة عدة من قبيل، “كيف لعملية جراحية عادية في الفخذ أن تودي بحياة إنسان؟! وإذا كان هناك تخثر في الدم، أين ذهبت أربعة عشر كيساً من الدم؟”.

وبعد “مماطلة” إدارة مشفى المشهداني حيال كشف الأسباب الحقيقة وراء وفاة قيس، لجأت عائلته إلى التقدم بشكوى رسمية لدى القضاء في الرقة للكشف عن أسباب الوفاة، وقال عمه: “لن نسامح بدم ابننا وعلى الطبيب أن يبرئ، أو يدين نفسه”.

لكن لم ينتج عن تحريك الدعوة أي نتائج حتى الآن، ولا تزال قيد التداول في محكمة الرقة طبقاً لعائلة قيس.

وفي قضية أخرى مشابهة لقضية قيس السالم، تقدم خميس الشديد (41عاماً) من سكان حي “المختلطة” الواقع قرب المنطقة الصناعية شرقي مدينة الرقة، بتحريك دعوة لدى النيابة العامة عن حادثة وفاة زوجته، وهي مسجلة برقم /451/ بتاريخ (22/ 3/ 2020)، ولم يحصل على نتيجة تذكر حتى الآن، بحسب ما قاله لـ”نورث برس”.

والشكوى التي تقدم بها “الشديد”، كانت بعد وفاة زوجته، مها أحمد العبد الله(30عاماً)، أثناء عملية جراحية لاستئصال المرارة في مشفى المشهداني في شهر آذار/ مارس الماضي.

صورة عن الشكوى التي تقدم بها  زوج المتوفات (مها العبدالله) نورث برس

ففي الحادي عشر من شهر آذار/ مارس، توجه “الشديد” برفقة زوجته التي كانت تمارس مهنة التعليم في مدرسة “الرافقة” في الرقة، إلى عيادة طبيب جراح بعد معاناتها من وجع في أحشائها.

وبعد الفحص الطبي، تبين أنها مصابة بالتهاب في المرارة، وقال الطبيب إنها بحاجة لإجراء عملية جراحية مستعجلة لاستئصال المرارة.

وقال خميس الشديد إن موعد العملية كان في الثاني عشر من آذار/ مارس الفائت، “إذ سبقتني مها للمشفى، وذهبت لأحضر نتائج التحاليل الطبية التي طلبها الجراح، وعند قدومي إلى المشفى، فوجئت بالممرضين وهم يقومون بتحضير زوجتي للعملية، قبل رؤية التحاليل والاطلاع عليها”.

صورة عن الشكوى التي تقدم بها  زوج المتوفات (مها العبدالله) نورث برس

وأضاف: “فقدت زوجتي وعيها لمدة أربع إلى خمس دقائق وهي في طريقها إلى غرفة العمليات، ولم يتخذ طاقم المشفى أي إجراء بشأن فقدانها لوعيها”.

وأخبر الطبيب الزوج أن العملية ستستغرق ما بين نصف ساعة إلى/45/ دقيقة، “ولكنهم ظلوا في غرفة العمليات لأكثر من ساعتين”.

وقال “الشديد” والحزن باد على وجهه: “غرفة العمليات شوربة، الداخل داخل… والخارج خارج، بعدها فتح أحد الأطباء باب غرفة العمليات، وقال لنا تفضلوا، عندها عرفت أن مها ماتت”.

وطالب الزوج من إدارة المشفى، إحضار طبيب شرعي للكشف عن أسباب وفاة زوجته، لكنه جوبه برفض من قبل الطاقم الطبي والتمريضي في المشفى.

كما طالب إدارة مشفى المشهداني بوثيقة وفاة لزوجته ولكنه لم يحصل عليها حتى تاريخه ولا حتى على تقرير طبي يوضح أسباب الوفاة.

وبحسب “الشديد” فإن إدارة المشفى والطبيب الجراح عرضوا عليه “ديَّة” زوجته كي يطوي قضية وفاتها أثناء العملية الجراحية لكنه رفض، ” عرض الدية أكد لي أن زوجتي توفيت نتيجة خطأ طبي. محاولة إدارة المشفى والطبيب الجراح دفع مبلغ من المال هدفها التستر على ما جرى”.

صورة عن التحاليل الطبية للمتوفاة (مها العبدالله) – نورث برس

ولدى مراجعتنا لمشفى المشهداني في الرقة، امتنع الطاقم الإداري والتمريضي عن الإدلاء بأي توضيح حول حادثة وفاة مها أحمد العبد الله.

لكن البعض من الطواقم الطبية في المشفى أشاروا إلى أن “هذه مسؤولية الطبيب الجراح وحده. إدارة المشفى والطواقم الطبية لا يتحملون مسؤولية الوفاة”.

وعلى غرار غيره، رفض الطبيب التعليق والإدلاء بأي تفاصيل عن الحادثة.

قضاء معلق وعرف غير مجدٍ

قال رئيس المكتب القانوني في لجنة الصحة في مجلس الرقة المدني، أحمد الحسن، إنه: “في حال تقديم شكوى رسمية مكتوبة، عن وجود خطأ طبي إلى لجنة الصحة في مجلس الرقة المدني، نقوم بتشكيل لجنة ثلاثية من أطباء أخصائيين، وفي حال الشك بوجود خطأ طبي كبير يتم تشكيل لجنة خماسية لتحديد نسبة الضرر الناتج عن الخطأ الطبي من خلال الطبيب”.

ومن الممكن أن تحال القضية إلى ديوان العدالة لمتابعتها، وإذا كانت القضية في المحكمة الجزائية أو في ديوان العدالة، تقوم لجنة الصحة في مجلس الرقة المدني بتنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الجزائية وفي حال ثبت حكم قطعي بإدانة الطبيب، فإما أن تقوم اللجنة بإلغاء ترخيص مزاولة الطبيب للمهنة، أو إغلاق عيادته.

وقال “الحسن” إنهم لم يتلقوا أي شكوى حيال ما جرى مع هذه العائلات أو حالات أخرى حتى الآن.

وقال ذوو متوفين لـ”نورث برس”، إنهم فضلوا اللجوء إلى القضاء مباشرة، لا إلى لجنة الصحة في مجلس الرقة المدني، “أملاً في التمكن من معرفة الأسباب الحقيقية للوفاة بشكل أسرع”، وهو ما لم يتحقق بعد حسب قولهم.

وقال خميس الشديد، إنه منذ تقديم الشكوى في محكمة الرقة في آذار/مارس الفائت، لم يُدعَ ولا مرة واحدة لأي جلسة للنظر بقضية وفاة زوجته مها، ولم يطلب منه أي طرف في المحكمة أي توضيح يذكر، حتى اليوم.

وقال فهد البيرم، الرئيس المشارك لمجلس العدالة في الرقة: “لا تزال الدعاوى المقدمة من قبل أهالي المتوفين بشبهة أخطاء طبية قيد الدراسة والتحقيق، وحتى تاريخه لا يوجد قرار نهائي بشأن هذه القضايا”.

وأضاف: “في وقتنا الحالي، الصلح وارد بين الأطراف المتخاصمة، وذلك كون البنية الأساسية في نظام العدالة الاجتماعية يقوم على الصلح أساساً”.

ويتحدث سكان في مدينة الرقة عن أن الفيصل في مثل هكذا قضايا، هو إما حلها عن طريق المحاكم الرسمية أو في لجنة الصلح التابعة لمجلس الرقة المدني، لكن في معظم الحالات يتم اللجوء إلى المصالحات العشائرية، حيث يذهب الطرفان المتخاصمان إلى “مُحكّمين وعوارف”، وعادة ما يكونون من وجهاء وشيوخ العشائر في المدينة وريفها فيقضون بينهم، حسب العادات والتقاليد والأعراف العشائرية المتبعة في المنطقة.

وبالرغم من أن قضية المتوفى قيس السالم، لا تزال في المحكمة ولم يتم البت فيها قضائياً، إلا أن الطبيب الجراح، قد “حلف اليمين” مطلع الأسبوع الماضي لتبرئة نفسه ودحض اتهام أهل المتوفى، وأن ما جرى لم يكن نتيجة خطأ طبي وإنما كانت “حالة وفاة طبيعية”.

وأقسم الطبيب، بـ “القرآن الكريم وبحضور زوجة المتوفى قيس السالم وأعمامه وبعض الأطباء في مشفى المشهداني بالرقة”، طبقاً لما ذكر محمود السالم (39 عاماً) وهو شقيق المتوفى، والذي على الرغم من ذلك لا يزال يشكك بمصداقية أقوال الطبيب، “وفاة أخي لم تكن طبيعية، بل كانت نتيجة خطأ طبي”.

إعداد: مصطفى الخليل – تحرير: حمزة همكي