لأسباب مختلفة وسط الأوضاع المتدهورة.. ازدياد حالات الطلاق شمال غربي سوريا

إدلب- هاديا منصور- نورث برس

 

لم تحتمل سلوى العبيدو (٢٨عاماً)، وهي نازحة من معرة النعمان وتقيم في إدلب، أن يتزوج عليها زوجها بأخرى وسط ظروف معيشية قاهرة تمنعه من تلبية احتياجاتها وابنها، وهو ما دفعها لطلب الطلاق والحصول عليه مؤخراً بعد لجوئها للمحكمة الشرعية في مدينة إدلب شمال غربي سوريا.

 

وازدادت حالات الطلاق في إدلب وبلدات ومخيمات خاضعة لسيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، نتيجة لأسباب أفرزتها الحرب السورية من غياب استقرار وزواج مبكر وكذلك التدهور المعيشي مؤخراً.

 

 وقالت "العبيدو"، إن طليقها " كان يعجز عن الإنفاق على زوجة واحدة، فكيف له أن ينفق على زوجتين".

 

وأضافت: " يحزنني أن أخسر ولدي الذي بقي مع والده لبلوغه عشر سنوات، فالمحاكم تقضي عادة أن يتبع الأولاد في هذا العمر آباءهم".

 

ولا تستوعب سلوى إلى اللحظة كيف ولماذا حصل ذلك؟ فهي لم تكن تتوقع هذا التصرف من زوجها "الذي صبرت معه على الفقر ومآسي الحياة المختلفة"، وفق قولها.

 

لكن أبو خالد (اسم مستعار)، وهو زوج سلوى السابق، لا يرى أي مشكلة في زواجه الثاني، إذ قال: "لقد زادت الحرب من عدد الأرامل، وعلى الرجال أن يتزوجوا منهن ليكونوا سنداً لهن ولأولادهن في هذه الحياة الصعبة التي انعدمت فيها أدنى مقومات الحياة الكريمة، ويخلصوهن من تسلط العادات والتقاليد البالية التي تحكم عليهن بالموت قبل الأوان".

 

ويضيف بالنبرة ذاتها: "بالمقابل ليس على الزوجة أن تكون أنانية، فالشرع سمح لنا بأربع زوجات".

 

"زواج وطلاق مبكران"

 

ولم يكن تعدد الزوجات السبب الوحيد للطلاق ، فغياب الزوج نتيجة الاعتقال أو الخطف أو الهجرة كان أحد الأسباب التي دفعت عدداً من النساء للحصول على الطلاق بشكل غيابي.

 

وهو ما حصل مع أمية العوض، وهي نازحة من ريف حماة، اعتقل زوجها على أحد حواجز النظام أثناء توجهه للحصول على راتبه من حماه، واختفى في غياهب السجون لأكثر من ثلاث سنوات ، فلجأت إلى المحكمة الشرعية في بنش ، وحصلت على حكم الطلاق، وهو ما سمح لها بالزواج ثانية.

 

كما يأتي الزواج المبكر من بين أهم أسباب زيادة معدلات الطلاق بين الشباب، وسط ازدياد مشكلات بداية الزواج في ظل ظروف النزوح وافتقاد المتزوجين حديثاً من اليافعين إلى الاستقرار.

 

 فلم يمضِ على زواج راوية (١٦عاماً) أكثر من عام حتى طلبت الطلاق، لأنها اعتبرت زوجها "غير قادر على تحمل المسؤولية والإنفاق على احتياجاتها ، ويسمح لأهله بالتحكم في حياتهما".

 

 وقالت راوية: "فضلت الطلاق من البداية قبل أن أرزق بأطفال ويصبح الأمر أكثر تعقيداً".

 

وتعاني الكثير من الأسر السورية من مشاكل في السكن بعد الدمار الذي طال المنطقة خلال العمليات العسكرية والاشتباكات بين القوات الحكومية بدعم روسي وفصائل المعارضة بدعم تركي، ما أجبر عائلات على التجمع في منزل صغير  بسبب غلاء الآجار، وهو ما أدى إلى زيادة الخلافات العائلية والشجارات، وساهم بحدوث مشاكل كبيرة بين الأزواج كثيراً ما وصلت حتى الانفصال.

 

ويقول سكان ومحامون إن معظم حالات الطلاق في منطقة إدلب باتت تتم خارج المحاكم بحضور شيوخ وشهود، وذلك لطول أمد المحاكم وعدم ثقة الأهالي بالمحاكم القائمة التي تتبع بمعظمها لهيئة تحرير الشام.

 

وللشكوك الزوجية والتخوف من الخيانة نصيبها بين أسباب الطلاق، لا سيما مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي.

 

 ولم يتردد مروان العلي، من سكان إدلب، بطلاق زوجته حين اكتشف اتصالها مع شخص عبر موقع فيس بوك.

 

ويقول "العلي": "لا يوجد رجل في العالم مهما ادعى التحضر ، يعلم أن زوجته على علاقة مع رجل آخر وتبادله مشاعر أياً كان نوعها ويسكت على ذلك (..) أنا لا أريد لزوجتي إلا أن تكون زوجتي وأن تحترم العلاقة الزوجية في حضوري وفي غيابي، وحين لم تكن كذلك طلقتها".

 

"طلاق غير معترف به"

 

من جانبه، قال منهل الرضوان (٤١ عاماً)، وهو محام في منطقة إدلب، إن أغلب حالات التفريق بين الطرفين تأتي نتيجة الفقر والبطالة وعدم قدرة الزوج على الإنفاق، تليها حالات غياب الزوج، ثم الخلافات الزوجية.

 

وأضاف أن قانون الأحوال الشخصية يسمح للزوجة بطلب التفريق إذا امتنع الزوج عن الإنفاق عليها، أو إذا غاب دون عذر أو سجن لأكثر من ثلاث سنوات، بالإضافة لأسباب أخرى.

 

وأشار "الرضوان" إلى أن قرارات التفريق الصادرة عن المحاكم الشرعية في المناطق المحررة "هي لرفع الضرر، وهي غير معترف بها في مناطق سيطرة الحكومة أو خارج سوريا باعتبارها صادرة عن جهة غير رسمية".

 

ويتأسف لكون الأطفال ومستقبلهم ضحية الطلاق بين الزوجين، "لأنهم سيكونون عرضة للجهل والانحراف والأمراض النفسية بعد حرمانهم من أبسط حقوقهم في عيش حياة آمنة مع والدين وتحت سقف واحد".