استياء في الأوساط الشعبية بحلب نتيجة "الدعاية الانتخابية" وسط الغلاء
حلب – نورث برس
تعج مدينة حلب كغيرها من المدن السورية الأخرى الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية خلال الفترة الأخيرة بصور المرشحين لانتخابات عضوية مجلس الشعب التي من المقرر إجراؤها في 19 يوليو/تموز الحالي، في مشهد يصفه سكان من المدينة بأنه "استفزازي" وسط ركود اقتصادي حاد لم تشهده سوريا في السابق.
وتنتشر صور المرشحين في الشوارع والساحات وواجهات المباني والجسور والحدائق العامة وعلى السيارات، ضمن حملاتهم الانتخابية ما يدفع الكثير لتوجيه سهام الانتقادات للحكومة والمرشحين ويعتبرون ذلك "عزفاً على الديمقراطية" في وقت "تتعرض لقمة العيش للضياع".
ويقول محمد مخلص قبانجي، وهو رجل ستيني من حي الأكرمية في مدينة حلب ويعمل سائقاً لتاكسي أجرة لـ "نورث برس"، "أعبر الطرقات بشكلٍ يومي وأصطدم بصور المرشحين"، ويضيف "كل منهم وضع اسمه وعبارات تفخيم تناسبه".
ويشير إلى أنه دائماً ما يتحدث هو وزبائنه من الركاب بـ "استخفاف وتهكم" عن الانتخابات المزمع إجراؤها بعد أيام "واضح جداً حجم الانفاق على هذه الصور"، ويعيب "قبانجي" على الحكومة "ضعفها وتقصيرها تجاه الموضوع الأهم وهو الاقتصاد وسبل العيش".
ويردف "الأهم بالنسبة لي ولسكان المدينة هو تأمين قوتنا اليومي بغض النظر عن من ترشح أو من سيفوز مقعداً في مجلس الشعب أو يخسره".
وكان من المقرر إجراء انتخابات مجلس الشعب في 13 نيسان/أبريل، لكن الرئيس السوري بشار الأسد أصدر مرسوماً يقضي بتأجيل الانتخابات إلى 19 تموز/يوليو، بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد.
ويقول عصام عبد الملك كيروان، وهو رجلٌ أربعيني صاحب متجر لبيع المعجنات في حلب الجديدة، لـ "نورث برس"، إن الدعاية لا تقتصر على الصور فقط، بل تقام أيضاً خيام في الساحات توضع فيها "الولائم الباذخة" ويحضرها "المقربين من المرشح والمنتفعين منه".
ويتابع "كيروان"، "بعض المرشحين حددوا مبالغ مالية لكل صوت يحصلون عليه، والبعض ينسج علاقات مع مسؤولين عبر أموال تدفع لهم كهدايا مقابل دعمه".
ويرى بأنه "لو صرفت هذه الأموال على الفقراء في المدينة، لكان أفضل للمرشحين من هدرها وصرفها من أجل استعراض العضلات المالية وكسب المتملقين".
ويقول إن "المرشحين التابعين للجبهة الوطنية التقدمية لاسيما البعثيين ناجحين اوتوماتيكياً، ولا تهمهم الدعاية الانتخابية التي يقوم بها المستقلون من أصحاب رؤوس الأموال".
وتجري انتخابات مجلس الشعب في سوريا مرة واحدة كل أربع سنوات، ويعتبر هيئة تتولى السلطة التشريعية في البلاد منذ عام 1971، ويتألف من /250/ عضواً موزعين على فئات وشرائح، وغالبا ما كانت قوائم الحكومة تفوز دون الحاجة إلى دعاية انتخابية، وفق ما كان شائعاً في الشارع السوري.
وقد يستفيد بعض الشبان من هذه الانتخابات ويجدون فيها فرصة لتحصيل مبالغ مالية مقابل دعم أحد المرشحين وجمع أصوات انتخابية والمساهمة في الترويج له والإشراف على خيمته الانتخابية.
ويقول محمد إبراهيم(اسم مستعار)، وهو طالب جامعي يدرس في كلية الاقتصاد بحلب لـ "نورث برس"، إنه تمكن من تأمين عمل مع أحد المرشحين (لم يذكر اسمه)، ويتقاضى منه أجراً يومياً مقابل دعمه في العملية الانتخابية واستقطاب أصوات زملائه في الجامعة لصالح المرشح.
ويضيف "إبراهيم"، "وعدني بمبلغ /30/ ألف ليرة سورية، مقابل وقوفي في أحد مراكز الاقتراع والإشراف على جمع أصوات الناخبين لصالحه".
ويقول الشاب: "كل ما يعنيني هو تحصيل مبلغ مالي جيد استفيد منه لمتابعة دراستي، ولا أهتم إن نحج المرشح أو خسر ولا أدري لما كل هذا التهافت على مجلس شعب لا يحل ولا يربط؟".
ويخوض انتخابات هذا العام أكثر من ثمانية آلاف مرشح من /15/ دائرة انتخابية في سوريا، غالبيتهم في مناطق سيطرة الحكومة السورية، و تتصدرهم قائمة "الوحدة الوطنية" وتضم /166/ مرشحاً من حزب البعث الحاكم.
وترفض معظم البلدان الغربية والهيئات الدولية نتائج الانتخابات في سوريا، وينص قرار الأمم المتحدة /2254/ على تعديل الدستور السوري قبل إجراء الانتخابات، وسط تعثر اجتماعات "اللجنة الدستورية" وتوقعات بانعقادها مجدداً في أغسطس/آب القادم.