"خطرة ومكلفة"..انتشار طرق التهريب بين مناطق سيطرة الحكومة والمعارضة شمال غرب البلاد
حلب – نورث برس
أدى استمرار إغلاق المعابر بين مناطق سيطرة الحكومة السورية ومناطق سيطرة فصائل المعارضة المسلحة في إدلب وريف حلب الشمالي، إلى انتشار طرق التهريب، مع تزايد حاجة بعض السكان للانتقال تبعاً لظروف استثنائية, كالبحث عن العلاج لبعض المرضى.
ولكن طرق التهريب الخطرة والقليلة، تكلّف المسافرين المضطرين مبالغ كبيرة، وغير مضمونة العواقب، لكنها مع ذلك تبقى الخيار الوحيد للانتقال، في ظل استمرار إغلاق المعابر.
وقالت عائشة الحسن (34 عاماً)، وهي ربة منزل أجبرتها ظروف الحرب، لمغادرة بلدتها سرمين في ريف إدلب من أجل علاج ابنها الوحيد في مشافي حلب، لـ "نورث برس": أصيب ابني ذو السبعة أعوام بمرض جلدي نادر، وزوجي لا يستطيع مغادرة سرمين إلى حلب لظروف أمنية.
وأضافت "اضطررت للذهاب وحدي، وعرض ابني على الأطباء هناك، لكن تأمين طريق العودة بعد إغلاق المعابر بسبب جائحة كورونا كان صعباً، وبقي الحل الوحيد للعودة هو طريق التهريب من غرب بلدة نبل، وإلى أطراف عفرين، وطلب المهربون /1000/ دولار، لقاء نقلي وابني إلى عفرين".
وتابعت بأنها ماتزال حائرة ومتوجسة، نظراً لضخامة المبلغ، وعدم معرفتها للطريق وما مدى خطورته.
وقال ياسين فواز سهيل (44 عاماً)، وهو موظف في جامعة حلب، لـ "نورث برس": عائلتي تقطن في بلدة دارة عزة في ريف حلب الغربي، واعتدت السفر إلى بلدتي من خلال معبر التايهة في ريف منبج، ومن ثم إلى جرابلس وصولاً إلى اعزاز وعفرين ثم دارة عزة".
وأضاف "الطريق كان شاقاً وصعباً، لكنه أقل تكلفة وخطورة من التهريب، وبعد إغلاق المعابر بسبب كورونا، مرض والدي، فاضطررت للسفر عن طريق نبل، بواسطة مهربين، وكلفني الأمر مبلغاً كبيراً".
ويعتبر غرب بلدة نبل، المحطة الأولى للراغبين بدخول مناطق المعارضة المسلّحة، حيث يتم الاتفاق بين مهربين من مناطق سيطرة الحكومة السورية مع مهربين في مناطق سيطرة فصائل المعارضة لإدخال المسافرين.
ويقول أبو سعيد (اسم مستعار)، وهو أحد العاملين في طرق التهريب لـ "نورث برس" أنّ الظروف الاقتصادية الصعبة، وحاجتهم لمداخيل مالية، دفعتهم للعمل في هذا المجال الخطر، "الأجهزة الأمنية تلاحقنا وتمنعنا، وتتهمنا بإدخال السلاح والمسلحين عبر هذه الطرق الجبلية التي نعرفها جيداً، ونعرف مداخلها ومخارجها".
وأوضح آلية عملهم بأنهم يضعون المسافر في منزل مخصص، بعد الاتفاق على المبلغ، ويتواصلون مع شركائهم في الطرف الآخر لتحديد ساعة الانطلاق، "ننقل المسافرين بسيارة ليلاً إلى نقطة محددة، ثم يقودهم شخص يسمى الدليل، إلى طرق سرية وعند نقطة معينة نطلب منهم السير على الأقدام وصولا الى مناطق سيطرة المسلحين حيث شركائنا".
وأضاف "يقوم شركاؤنا بنقل المسافرين إلى داخل عفرين، والمبالغ التي نجنيها تقسم مناصفة بيننا وبين مهربي الطرف الثاني".
وقال: نحن أصحاب الأرض ولنا خبرة كافية بها وفي كيفية التملص من أي رقابة إن وجدت، لذا فالقوات الحكومية لا تستطيع تعقبنا.
وتقول مصادر مقربة من الحكومة السورية إن المهربين لا يقومون بتهريب البشر فقط عبر هذه الطرق، بل "يهربون السلاح والمطلوبين للجهات الأمنية عبر هذه طرقهم لقاء مبالغ كبيرة".
وأغلقت المعابر بين مناطق سيطرة الحكومة السورية ومناطق سيطرة فصائل المعارضة في ريف حلب الشمالي وإدلب، بعد تشديد إجراءات الحظر لمواجهة انتشار جائحة كورونا، من جانب الحكومة السورية، خلال شهر آذار/ مارس الفائت.