التهريب من إدلب إلى تركيا.. نازحون في مرمى الرصاص التركي وابتزاز المهربين و"قاطع الحدود"
إدلب – نورث برس
لا يجد الكثير من النازحين في مناطق ريف إدلب سوى طرق التهريب، حلاً للوصول إلى الأراضي التركية، التي يرونها كملاذ يمكن أن ينقذ عوائلهم من واقع يومي يشهد مواجهات عسكرية لا تتوقف وفلتان أمني، بالإضافة إلى تدهور معيشي لا يرحم.
إلا أن الكثيرين ممن يحاولون الدخول إلى الأراضي التركية عبر الحدود السورية التركية شمال إدلب، يواجهون مصاعب ومخاطر كثيرة أبرزها استغلال المهربين واستهداف القوات التركية لهم بالرصاص الحي.
ويدخل يومياً عشرات الأشخاص، من بينهم عوائل كاملة، إلى تركيا بحثاً عن العمل وعن مكان آمن، لا سيما مع الظروف المعيشية المتدهورة في الآونة الأخيرة، في ظل نقص فرص العمل وغياب دعم المنظمات الإنسانية للنازحين شمال إدلب.
وقال أحمد مراد (52 عاماً)، وهو نازح من ريف حماة ومقيم في مخيمات قاح شمال إدلب، إنه اضطر لبيع سيارته التي كان يملكها، لدفع تكاليف دخوله مع عائلته إلى تركيا "بهدف تأمين عمل هناك وبحثاً عن أماكن آمنة نوعاً ما".
وأضاف: "إلا أن الدخول إلى تركيا لم يكن بالسهولة التي كنت أتوقعها، حيث قمنا بمحاولة الدخول إلى الأراضي التركية عبر الحدود بالقرب من مدينة حارم شمال غرب إدلب، عبر أحد المهربين، إلا أن ما يسمى بـ(قاطع الحدود) التابع لهيئة تحرير الشام قام بمنعنا لعدم قيامنا بقطع وصل (إذن خطي) بسعر /50/ دولاراً أمريكياً لكل فرد من العائلة".
ولفت "مراد" إلى أن المبلغ الذي كان بحوزته لم يكفه، خاصةً أنه دفع للمهرب مبلغ /650/ دولاراً أمريكياً عن كل شخص من عائلته، الأمر الذي أجبرهم على العودة إلى المخيمات.
وقال "أبو حامد" (اسم مستعار)، وهو أحد المهربين على الحدود شمال إدلب، إن "قاطع الحدود" التابع لهيئة تحرير الشام يعمل على "ترخيص التهريب"، ويتقاضى /50/ دولاراً أمريكياً عن كل شخص لمنحه الإذن بالدخول غير الشرعي، "وذلك مقابل إجبار المهرب على إعادة المال في حال فشلت عملية التهريب".
وأضاف: " هيئة تحرير الشام باتت مسؤولة عن مُحاسبة المهربين على سوء تعاملهم مع الناس، وبذلك تقوم بدور شركات التأمين"، على حد تعبيره.
وأشار "أبو حامد" إلى أنه يأخذ /700/ دولار أمريكي عن كل شخص في حمولة التهريب "العادي" الذي يعتمد على اجتياز الحدود خلسة، "أما التهريب المضمون فأجرته تتراوح بين /1,800/ و/2000/ دولار، بعد أن يجري اتفاق مع الدورية التركية المناوبة، للسماح بدخول الناس مقابل حصة مالية تحصل عليها الدورية".
وذكر أيضاً أن "المهربين لا يتقاضون المبالغ المتفق عليها فوراً، بل توضع النقود لدى طرف ثالث، حتى تصل المجموعة إلى بلدة تركية، ويقوم العميل التركي بتصويرهم وإرسال فيديو إلى المهرب السوري، الذي يرسله للطرف الثالث، وعلى أساسه يتم تسليم المال".
ويتعرض الفارون من الأوضاع الأمنية والمعيشية المتدهورة شمال إدلب لإطلاق نار وقتل على يد حرس الحدود التركي، أثناء محاولتهم الدخول إلى الأراضي التركية، فضلاً عن حالات الاستغلال الكثيرة التي يتعرضون لها خلال سعيهم للحصول على مأمن وقوت يوم لعائلاتهم، ولا سيما بعد سيطرة قوات الحكومة السورية على أرياف حماة وإدلب وحلب.
وقال الشاب محمود العمار (28عاماً)، لـ "نورث برس"، إنه يحاول العبور إلى تركيا منذ شهر، لكنه فشل في ذلك ثلاث مرات، "فالمهرّبون كانوا يخبرونني أن الطريق سهل، لكن ورغم أنني كنتُ أتقيد بإرشاداتهم، لم أتمكن من العبور إلى الجانب التركي".
ولفت إلى أنه وخلال هذه المحاولات تعرض للضرب والإهانة من قبل حرس الحدود التركي، "إضافةً إلى إطلاق الرصاص بشكلٍ مباشر باتجاه الذين يحاولون اجتياز الحدود على الرغم من وجود الأطفال والنساء معنا، إذ وقعنا في المرة الأخيرة التي حاولت بها اجتياز الحدود بكمين لعناصر حرس الحدود التركي".
وأضاف: "قاموا بأخذنا ليلاً إلى أحد ملاعب كرة القدم قرب مدينة الريحانية التركية وهناك تعرضنا للضرب المبرح من قبل الجندرمة التركية، إضافةً إلى إفلات الكلاب علينا داخل الملعب".
ويقول "العمار" حالياً: "إذا بدي اغتني بتركيا ما عاد فوت".