يحمل اسمها دلالة رمزية لهزيمة “داعش”.. سكان كوباني قلقون من هجوم تركي ضد مدينتهم

كوباني – فتاح عيسى- نورث برس

 

بعد تداول أنباء عن استقدام تركيا لحشود عسكرية إلى ريف مدينة تل أبيض شمالي سوريا، وعقد القمة الثلاثية الافتراضية بشأن سوريا لدول الضامنة لعملية "أستانا" (روسيا، إيران وتركيا) في الأول من الشهر الجاري، ازدادت مخاوف سكان مدينة كوباني وريفها من شن تركيا عملية عسكرية ضد المنطقة وتكرار ما حدث لمنطقتي سري كانيه وتل أبيض في منطقتهم، وخاصة أن بعض السكان يرون أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تخلت عنهم، فيما لا يثق آخرون بالطرف الروسي .

 

وقال محمد محمد (40 عام) وهو من سكان مدينة كوباني، إن هناك مخاوف جدية من شن تركيا عملية عسكرية ضد منطقة كوباني، "في ظل سوابق لتركيا في المنطقة التي هاجمت أكثر من مرة على مدن سورية".

 

ويشير "محمد"  إلى أن تركيا تهدد المنطقة كل ثلاثة أشهر مرة، "وتأثيرات التهديدات تطال حركة البناء والعمران والتجارة، إضافة إلى توقف عمل المنظمات الإنسانية في المدينة، كما تؤثر تلك التهديدات على تجميد رؤوس الأموال، وتتوقف حركة البيع والشراء وتقل فرص العمل".

 

وبحسب "محمد" فإن سكان منطقة كوباني "لا يثقون بالدول الكبرى مثل روسيا وأمريكا كضامنين لأمن واستقرار المنطقة لأن لهم مصالح في المنطقة ويعملون على تحقيقها، فأمريكا تخلت عن المنطقة، ورغم أن الأمريكيين يقولون نحن معكم ولكنهم وبشكل سري يتفاوضون مع تركيا".

 

ويقول "محمد" إن روسيا وتركيا وإيران يقولون على طاولة المفاوضات أنهم ضد تقسيم سوريا، "روسيا تسيطر على مناطق النظام، وهناك مناطق تحت سيطرة إيران، وتركيا تحتل إدلب وعفرين وسري كانيه وكري سبي وجرابلس هم فعلياً من يقسمون سوريا".

 

وقال المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية كينو كبرئيل، في اتصال مع "نورث برس"، الخميس الماضي، إن هناك "حشود تركية في عدة مواقع بمناطق تسيطر عليها القوات التركية في شمال شرقي سوريا"، معتبراً أن ذلك يشكل تهديداً "نأخذه بجدية".

 

وأشار كبرئيل إلى أن "هذه التهديدات" تأتي في وقت تطالب الأمم المتحدة بوقف إطلاق نار شامل وعالمي بينما التحركات التركية هذه "تنسف الجهود التي تقوم بها القوى العالمية والأمم المتحدة على مستوى النزاعات في العالم".

 

وعبَّر قادة الدول الضامنة لعملية "أستانا" (روسيا، إيران وتركيا)، من خلال بيان مشترك صدر عن القمة الثلاثية الافتراضية والتي عقدت مطلع الأسبوع الجاري عن رفضهم أي مبادرات تهدف لإعلان حكم ذاتي في سوريا".

 

وكان المحلل السياسي الروسي دينيس كوركودينوف، قد قال لـ "نورث برس"، السبت الماضي إنه وبعد المؤتمر "من المرجح أن تكثف موسكو وأنقرة وطهران عملياتها العسكرية في شمال غربي وشمال شرقي سوريا، حتى تحصل على نفوذ إضافي".

 

وأضاف المحلل السياسي إن "المؤتمر بين روسيا وتركيا وإيران يمثل إعلانًا بشأن استعادة القوة في سوريا، ويشكل إشارة أكيدة لمرحلة جديدة في تصعيد النزاع، حيث أن الهدف الرئيسي هو السيطرة على إدلب وشمال شرقي سوريا".

 

 

ويرى صالح محمد (45 عام)، من سكان كوباني، أن على روسيا أن تقوم بدورها "بشكل جيد" وتنفذ اتفاقياتها الموقعة مع الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية لضمان أمن واستقرار هذه المنطقة، "على روسيا القيام بدورها لمنع تركيا من شن حرب جديدة في المنطقة، فحصول حرب في هذ المنطقة ليس من مصلحة أحد"، على حد تعبيره.

 

ويعتبر صالح محمد أن حياة سكان منطقة كوباني "في خطر، فقيام تركيا بارتكاب مجزرة مؤخراً في قرية حلنج راح ضحيتها ثلاث نساء مدنيات، يدل على أن تركيا يمكن أن تستهدف المنطقة بأي لحظة".

 

وبحسب ما يوضحه صالح محمد أنه "لا توجد حشود عسكرية حتى الآن في كوباني، لكن تلك الحشود موجودة في منطقة عين عيسى وريف تل أبيض".

 

ويتفق صالح محمد مع سابقه من أن مخاوف السكان من شن تركيا عملية عسكرية ضد المنطقة "يتؤثر بشكل عام على الأوضاع الاقتصادية وعلى نفسية المواطنين وتؤثر على حركة البيع والشراء في السوق".

 

وقالت مصادر أمنية مطلعة لـ"نورث برس"، أمس الأحد، إن روسيا وتركيا وإيران اتفقت على توجيه "ضربة قوية" لقوات سوريا الديمقراطية في منطقة عين عيسى بريف الرقة الشمالي.

 

وبحسب مصدر من القوات الحكومية فإن اجتماعاً جرى بين مسؤولين روس وأتراك وإيرانيين خارج سوريا خلال الأيام القليلة الماضية، وطرح الجانب التركي خلال الاجتماع توجيه "ضربة قوية" لقوات سوريا الديمقراطية بحيث لا يكون لها تواجد في المستقبل، وهي من ستتكفل بتنفيذ "هذه المهمة"، فيما وافق الروس والإيرانيون على الطرح التركي شريطة أن تتمركز في منطقة الهجوم قوات الحكومة السورية بدلاً عن "قسد".

 

من جهته يرى عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا عمر يوسف أن التفاهمات الأولية والرؤية السياسية المشتركة التي أعلن عنها المجلس الوطني الكردي في سوريا وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية الشهر الماضي، "مهمة وتشكل عائقاً أمام التهديدات التركية".

 

ويضيف يوسف "أنه لا يمكن الثقة بأحد للأسف، فالموضوع هو موضوع مصالح بالنسبة للدول الإقليمية والدولية، والكل يبحث عن مصالحه".

 

وبحسب قول عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا فإن "الكرد عبر التاريخ يتم المتاجرة بهم لأن أعداءهم، هي دول ذات ثقل اقتصادي وسياسي ودبلوماسي"، على حد تعبيره.

 

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد قال أثناء زيارته لواشنطن في تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي في مؤتمره الصحافي المشترك مع نظيره الأميركي، دونالد ترمب، إن "أنقرة لم تحقق بعد كلّ أهدافها وأن المنطقة الآمنة ستمتد من مدينة سري كانيه إلى جرابلس"،  وتقع مدينة كوباني بين المنطقتين على الحدود السورية ـ التركية.

 

وتحظى المدينة بمكانة رمزية عالية لدى الكرد السوريين، كما تحمل دلالة رمزية لبداية النهاية لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، إذا شكل هجوم التنظيم على المدينة بداية للتعاون بين وحدات حماية الشعب وقوات التحالف الدولي ولاحقا مع قوات سوريا الديمقراطية ليتمكنا معاً من هزيمة التنظيم عسكرياً في أذار من العام الفائت.

 

ويستبعد مراقبون أن يقدم أردوغان على أي حرب ضد مدينة كوباني، على الأقل في الفترة الحالية، بناءً على اتفاقاته التي جرت في تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، مع روسيا والولايات المتحدة، إلا أنه قد يلجأ إلى سياسة أخرى من الحرب وهي الحصار بقطع الطرق عن المدينة من جانب عين عيسى إذا ما أقدم على دخولها، ومن جانب جرابلس، بحسب ما تتناقله وسائل إعلام.