انتشار أمراض الصيف بين أطفال ريف الحسكة جراء ارتفاع درجات الحرارة وعدم توفر الكهرباء
تل تمر – دلسوز يوسف – نورث برس
أمام باب عيادة طبية في بلدة تل تمر شمال مدينة الحسكة، يقف عبدالمحسن مع زوجته بين جموع المراجعين في انتظار دورهم لمعاينة طفلهم الذي يعاني من التجفاف.
إذ أدى ارتفاع درجات الحرارة في الآونة الاخيرة إلى إصابة طفلهم الذي لم يكمل عامه الأول بإسهال حاد، وسط معاناتهم من انقطاع مستمر للتيار الكهرباء طيلة فترة النهار.
وتشهد العيادات الطبية ومشفى "الشهيدة ليكرين" في بلدة تل تمر، شمال الحسكة، ورود عشرات الحالات من الأطفال بسبب ارتفاع درجات الحرارة، الأمر الذي يشكل أرضية خصبة لانتشار الأمراض بين الأطفال بحسب أطباء أخصائيين.
وقال عبدالمحسن محمد (25 عاماً)، من سكان منطقة جبل عبدالعزيز شمال الحسكة، إن طفله الذي لم يتجاوز عمره السنة يعاني آلاماً في البطن والأمعاء ولا يكاد ينام الليل منذ أيام من شدة المرض.
وأضاف: "قبل يومين راجعت المستوصف، وبعد معاينته قال الطبيب إنه يعاني من تجفاف جراء تأثره بحرارة الجو، لذا قمت اليوم بمراجعة الطبيب الأخصائي في تل تمر لاستكمال علاجه بشكل أفضل".
ولا يتمكن سكان المنطقة من تشغيل مكيفات الهواء أو وسائل التبريد نتيجة الانقطاع المتكرر للكهرباء وسط درجات الحرارة المرتفعة التي وصلت مؤخراً إلى معدلات قياسية.
ليس ابني فقط بل معظم أطفال المنطقة مصابون بأمراض جراء ارتفاع حرارة الجو وعدم توفر الكهرباء"، على حد قول "محمد".
وتتعرض الحسكة في الأيام الأخيرة لموجة حر شديدة، حيث تشير النشرات الرسمية لدائرة الأرصاد الجوية إلى زيادة /2/ إلى /6/ درجات أعلى من المعدل السنوي، لتبلغ درجة الحرارة الأحد في الحسكة /42/ درجة مئوية مع تنبؤات بارتفاعها في الأيام القليلة القادمة.
وقال الطبيب عبدالعزيز حسن، وهو أخصائي بأمراض الأطفال في تل تمر، لـ"نورث برس"، إن نسبة الأطفال المصابين بالتجفاف وأمراض أمعاء وحالات تسمم وأمراض أخرى نتيجة حرارة الجو "ارتفعت كثيراً" في الآونة الاخيرة.
وأضاف الطبيب وهو يعاين طفلاً تم إسعافه إلى عيادته بعد تعرضه لضربة شمس: "أغلب الحالات هي إصابات بإنتانات معوية حيث تترافق بأعراض مثل الإسهال والإقياء، كما تزايدت الحاجة إلى قبول كثير من الحالات المصابة في المشافي خلال هذه الفترة".
ويعيد الطبيب أغلب أمراض الأطفال هذه الأيام إلى الظروف المعيشية الصعبة للسكان وإلى عملية النزوح التي حدثت، خاصة بالنسبة للذين يقطنون في المخيمات والمدارس التي تفتقر للمعقمات والحماية من الجراثيم.
كما أن "ما زاد من تفاقم مشكلة الأمراض هو الانقطاع المستمر أو المتكرر في التيار الكهربائي وسط درجات الحرارة المرتفعة".
وقال فهد سمعيلة، المسؤول بدائرة الكهرباء في بلدة تل تمر، إن زيادة ساعات التقنين للكهرباء بمنطقة تل تمر في الفترة الأخيرة يعود إلى قطع الدولة التركية للمياه الواردة إلى سد الفرات، وانخفاض كميات المياه الواردة من الطرف التركي عبر نهر الفرات إلى أقل من النصف.
وأضاف: "قبل أن تقوم الدولة التركية بقطع المياه كانت ساعات الكهرباء التي تغذي منطقة تل تمر تصل إلى /18/ ساعة يومياً، أما الآن فهي تصل إلى /12/ ساعة، لكنها مقتصرة على ساعات الليل فقط".
وبحسب المسؤول بدائرة الكهرباء في بلدة تل تمر، فإن المعاناة تتفاقم لأن 60% من أحياء بلدة تل تمر وريفها تفتقر إلى مولدات الأمبير( المولدات الخاصة)، "ولا توجد حلول سوى الضغط من قبل المجتمع الدولي على تركيا للسماح بعودة تدفق المياه إلى السدود لتتم تغذية المنطقة بالكهرباء".
وكان المهندس جهاد بيرم، رئيس غرفة العمليات في سد تشرين، قد قال في تصريح الأسبوع الفائت لـ"نورث برس"، إنه حسب الاتفاقيات الدولية "يجب أن يكون الوارد المائي عبر نهر الفرات /500/ متر مكعب بالثانية، إلا أن ما يصل الآن إلى سدود المنطقة لا يتجاوز /200/ متر مكعب بالثانية".
وأضاف "بيرم" أن تركيا تتحكم بمنسوب وارد المياه و"تحاصر سكان مناطق شمال شرقي سوريا مائياً" بحسب قوله.