على خط النار مع تركيا والفصائل شمالي الحسكة.. مزارعون يتخوفون من فقدان محاصيلهم

تل تمر – دلسوز يوسف – نورث برس

 

تحت أشعة الشمس الحارقة، ينهمك "أبو إبراهيم" في زراعة الخضروات الصيفية في قريته "أم الخير" بمنطقة تل تمر، شمال مدينة الحسكة، بعد تأخره بزراعتها هذا العام نتيجة نزوحه بفعل القصف المتكرر لعناصر الجيش التركي وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها المتمركزة على تخوم قريته.

 

وبالرغم من استمرار بعض المزارعين المتواجدين على خطوط التماس بين القوات التركية وفصائل المعارضة من جهة، وقوات الحكومة السورية من جهة أخرى، بزراعة أرضهم بالخضروات الصيفية وغيرها، إلا أنهم يتخوفون نتيجة التوتر الذي يسود المنطقة من فقدان محاصيلهم التي كلفتهم مبالغ مالية كبيرة.

 

وخضر حج أيو المعروف بـ "أبو إبراهيم" هو واحد من مئات المزارعين في منطقة تل تمر، ممن لحقت أضرار بمنازلهم وحقولهم عقب توغل الجيش التركي بالمنطقة في تشرين الأول/ أكتوبر العام الفائت، فقد خسر محصوله في قريته "الريحانية" التي سيطرت عليها القوات التركية والفصائل المسلحة التابعة لها خلال العملية العسكرية التركية في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي.

 

خسائر باهظة

 

ويتجول المزارع الخمسيني بين حقله المزروع بالخضروات، والعرق يتصبب من جبينه وهو يحمل محراثه اليدوي على كتفه، ويقول إن التوغل التركي واستيلاء عناصر الفصائل على مشروعه الزراعي كبده خسائر لم تكن في الحسبان.

 

"بحسب ما علمت به من سكان القرى المجاورة، فإن عناصر الجيش الحر (في إشارة لفصائل المعارضة المسلحة التابعة لتركيا) قاموا بحرق /1500/ متر من الخراطيم الزراعية وسرقوا مولدتي الكهربائية ومضخة المياه وجراري الزراعي، بالإضافة لـ /125/ كيساً من القمح و/75/ كيس شعير كنت قد خبأتها كبذار للموسم الجديد".

 

وأضاف: "هذه الخسائر تكلفني اليوم نحو /60/ مليون ليرة سورية (24 ألف دولار أمريكي)".

 

وكانت الحرائق قد أتلفت مساحات كبيرة من المحاصيل الزراعية في منطقة تل تمر خلال موسم الحصاد هذا العام، فيما اتهم مزارعون محليون فصائل المعارضة التابعة لتركيا، بإضرام النيران في حقولهم الواقعة بمناطق خاضعة لسيطرة الفصائل.

 

ولا يزال سكان عشرات القرى الممتدة بين بلدتي تل تمر وزركان (أبو رأسين) على طول مسافة /30/ كم، يعيشون في أجواء غير مستقرة نتيجة استهداف متكرر بالقذائف والرصاص الحي على قراهم من قبل الجيش التركي وفصائل المعارضة المسلحة التابعة لها.

 

يقول "أبو إبراهيم": "أوضاعنا هنا ليست بالمستقرة، نهرب من القصف بشكل شبه يومي نحو القرى التي خلفنا خوفاً أن يطالنا القصف وما أن يتوقف نعود مجدداً، ونعيش على هذا المنوال منذ وصول هؤلاء المرتزقة إلى مشارف قرانا".

 

إصرار

 

وزرع "أبو إبراهيم"، هذا الصيف، مساحة /10/ هكتارات بأصناف متنوعة من الخضروات في إصرار على التمسك بأرضه رغم المخاطر التي تحدق به وبأسرته، ورغم ارتفاع تكاليف المشاريع الزراعية.

 

"التكلفة الزراعية باتت مرتفعة جداً، فجميع المواد التي نقوم بشرائها باتت أضعاف القيمة الأولية، نقوم بشراء جميع المواد بالدولار".

 

أصوات الرصاص

 

لا تختلف معاناة عبد الكريم أيو (48 سنة)، وهو مزارع آخر من قرية قبر "كبير شرقي" بريف بلدة تل تمر الشمالي، عن سائر مزارعي المنطقة فالحياة والعمل في قريته يعني احتمال التعرض للمخاطر في أي وقت.

 

يقول آيو: "كما تسمعون الآن أصوات الطلقات.. هذا هو حالنا في خط الجبهة، لكن ماذا نفعل، لا نستطيع ترك قرانا والهجرة، ولا نملك مكاناً آخر نتجه إليه".

 

ويعتني أيو بقطعة أرض قام زراعتها ببعض الأصناف من الخضروات الصيفية يؤمن فيها حاجات أسرته، إلا أنه يشتكي هو الآخر من التكاليف الباهظة التي ترتبت عليه لزراعتها.

 

ولم يقم المزارع الأربعيني بزراعة القطن هذا العام نتيجة التكلفة الكبيرة لزراعته وكذلك الأوضاع الأمنية غير المستقرة "نعيش في خط المواجهة وقد ننزح في أي دقيقة في حال حدوث أي اشتباك".