سكان منبج يواجهون غلاء الأدوية وندرتها.. والحمية "حل نسبي"
منبج – صدام الحسن – نورث برس
يواجه سكان مدينة منبج، شمالي سوريا، ممن يعانون من أمراض مزمنة كالسكري والضغط وغيرها، صعوباتٍ كثيرة في تأمين الأدوية في ظل غلاء أسعارها من جهة وفقدانها من جهة أخرى، ليصل الأمر لدرجة لجوء البعض إلى التوجه للحمية الطبية أو استخدام الأعشاب الطبيعية كحل بديل وسط تحذيرات أطبائهم من مخاطر إيقاف أدويتهم.
وقال حمزة الخليف (60 عاماً)، من سكان مدينة منبج والذي يعاني من مرضي السكري والضغط، إنه يواجه مصاعب في تأمين الأصناف اللازمة له وسط الأسعار المرتفعة للأصناف المتوفرة.
وأضاف أنه حتى لو استطاع تأمين طلبه من الدواء فستكون أسعاره خيالية، "أشتري علبة دواء السكري بـ /3500/ ليرة سورية فيما كنت أشتريها سابقاً بـ /1800/ ليرة".
ودفعت هذه الحالة "الخليف" إلى الالتزام بالحمية والتعليمات الطبية، وسط مخاوفه من انقطاع تام لأصناف دوائه، بالإضافة إلى أن "من شأن ذلك أن يساعدني في تخفيف استخدامي الدواء إلى درجة معينة".
وشهد قطاع الصناعات الدوائية في سوريا تراجعاً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، ما فاقم من معاناة السوريين وأفقدهم الأمان في جانب حيوي، إذ كانت المعامل تغطي حاجة السكان من عشرات الأصناف من الأدوية المنتجة محلياً وبأسعار وجودة جعلتها منافسة لمثيلاتها الأجنبية قبل بدء الحرب.
لكن الأسواق المحلية حالياً باتت تعاني من حالة عدم استقرار في توفر الأصناف الدوائية السورية وفقدانها في أحيان كثيرة من الصيدليات.
وقال حسن الأمين (42 عاماً)، وهو مريض بالسكري منذ أربعة أعوام، إن هناك بعض الأمراض يستطيع المرء الاستغناء عن الدواء والاستعانة بالأعشاب الطبيعية أو طريقة أخرى للعلاج، "ولكن الأمراض المزمنة كالسكري تستوجب استكمال الدواء وعدم الاستغناء عنه إطلاقاً".
وأشار إلى تباين أسعار الأدوية رغم ارتفاعها إلى ثلاثة أو أربعة أضعاف، "أسعار الصيدليات غير موحدة فكل صيدلاني يبيع بسعر مختلف عن الآخر".
وقال محمد المحمود، وهو صيدلاني من منبج، لـ "نورث برس"، إن أسعار الأدوية تتأثر بأسعار صرف الدولار وتكاليف لشحن، كما أن أرباح أصحاب المستودعات زادت بنسبة كبيرة.
وزاد الصيدلي: "ثمن علبة دواء السكري كنا نبيعها سابقاً بـ /1800/ ليرة، أما الآن فثمن شرائها من المستودع يصل إلى /3300/ ليرة ونحن نبيعها بـ /3500/ ليرة".
وأضاف: "نحن مضطرون لشراء أصناف الأدوية بأسعار مرتفعة وكذلك بيعها بأسعار مرتفعة وذلك يعود إلى ثمن شرائها من المستودعات".
وقال حسن عثمان، وهو صاحب مستودع أدوية في منبج، إن ارتفاع أسعار بعض الأدوية وانقطاع أصناف منها، يعود إلى غلاء المواد الأولية التي تدخل في صناعة الأدوية في بلد المنشأ، يضاف إليها ارتفاع تكاليف الشحن بنسبة /200-300/ بالمئة، وكذلك توقف /25/ معملاً دوائياً في سوريا.
ويرى "عثمان" أن هذه الأمور كلها، تؤدي إلى خلق أزمة أدوية في المدينة، ناهيك عن إقبال كبير على الصيدليات وتوجه السكان إلى شراء كميات كبيرة من الأدوية بهدف تخزينها خشيةً من انقطاعها، ما يدفع إلى فقدان النوع والكمية في المستودعات والصيدليات.
ومن جانبٍ آخر قال عامر الحجو، وهو طبيب أخصائي بأمراض الغدد الصم، لـ "نورث برس"، "السكري نوعان، في الأول يكون العلاج على شكل جرعات يومية منتظمة من الأنسولين، أما الثاني فيعتمد على الحبوب".
وعن إمكانية تخفيف الأدوية العلاجية لمرض السكري يعتقد "الحجو"، بأنه في حال "التزم المريض بحمية غذائية قاسية يستطيع التخفيف من الجرعات اليومية للدواء لكن بشرط أن يبقى تحت المراقبة ويقوم بإجراء تحليل السكر وفي حال عدم استجابته للحمية فهو مضطر الى العودة للنظام السابق لأخذ الجرعات".
وتنتشر معامل صناعة الأدوية في محافظات حلب ودمشق وحمص واللاذقية وطرطوس، إضافة إلى معمل "تاميكو" الذي يتبع إلى وزارة الصناعة ومعمل "فارما" الذي يتبع للهيئة العليا للبحث العلمي بدمشق.
وقال محمد عامر المارديني، وهو خبير في التصنيع الدوائي، في وقت سابق لـ"نورث برس" ،إنّ عدد المعامل السورية الدوائية تراجع منذ بداية الحرب من /63/إلى /42/ معملاً، حيث توقفت العديد منها عن الإنتاج، بسبب الخسارة الشديدة مع بداية الأزمة، لكنها عادت إلى العمل حالياً وارتفعت أعدادها لتبلغ /92/ معملاً، لكن أسعار المتممات الغذائية فيها هي الأغلى.
وعدد "المارديني"، وهو أستاذ في كلية الصيدلة بجامعة دمشق، الصعوبات التي تواجه قطاع الأدوية السوري بوجود عقوبات اقتصادية نالت من المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج الدوائي، بالرغم من أدعاء الدول الأوربية عدم تأثير عقوباتهم على قطاع الأدوية، إضافة إلى أن العقوبات على التعاملات المصرفية التي شملت مصرف سورية المركزي، أثّر أيضاً على الإنتاج بشكل كبير.