التفاهمات الكردية بين العناوين الوطنية واتهامات معارضين بـ"عدم سورية الحوار"
جوان عثمان – نورث برس
قبل أن يعلن أكبر إطارين سياسيين كرديين في سوريا، توصلهما إلى اتفاق سياسي أولي قبل نحو عشرة أيام، وحتى بعده، تعالت أصوات من المعارضة ومن كتاب ومثقفين سوريين، من المشككين في "سوريّة الحوارات"، عدا محاولة طرح المسألة من زاوية أن لدى باقي المكونات هواجس من أن يأتي أي اتفاق كردي-كردي على حسابهم، جرى ذلك على الرغم من التأكيدات المستمرة من الطرفين الكرديين على أن الحوار الحالي خطوة من خطوات عدة، هدفها "ضم جميع مكونات المنطقة لاحقاً".
هواجس ونفي
وتعليقاً على هذه المسألة، قال رئيس وفد الأحزاب الوطنية الكُردية، آلدار خليل إن "الإدارة الذاتية الديمقراطية هي ليست للكُرد، وإنما يوجد فيها العرب والسريان ولدينا شركاء في المنطقة".
وأضاف: "ما نتحدث عنه هو اتفاق كردي-كردي، وشركاؤنا في الإدارة الذاتية من والعرب والسريان يشجعوننا على تطوير هذا الاتفاق لأنهم يدركون أن اتفاق الكرد من شأنه أن يطور الإدارة الذاتية، ويدعمها بشكل أكبر ما قد يجنّبها الكثير من المخاطر".
وقال السياسي الكردي: "رغم دعم شركائنا على ضرورة أن نتوصل لاتفاق كردي- كردي، إلا أننا لا نجد أننا نمتلك تلك الصلاحيات للتحدث باسمهم أيضاً، لذا نتناولها من زاوية الجانب الكردي فقط".
ورأى محمد صبرا، كبير مفاوضي المعارضة سابقاً، أن بعض المقولات التي يتم تداولها من دون تدقيق، هي أن المعارضة تتوجس من الحوار الكردي- الكردي، وهذا أمر "غير صحيح على الإطلاق. نحن نشجع دائماً على ضرورة أن يلتقي الجميع وأن يقربوا المسافات الفاصلة بينهم سواء بين التيارات السياسية في الوسط الكردي أو في الوسط العربي".
وأشار المعارض السوري إلى أن "الوصول لنتائج حقيقية لمثل هذه الحوارات رهن بتحقيق شرطين، أولهما أن يكون هذا الحوار بين تيارات سياسية وطنية، أي بين تيارات لا تملك امتدادات أيديولوجية وتنظيمية خارج الحدود، وهذا الشرط ليس قاصراً على الوسط الكردي بل هو شرط على الجميع".
وأورد "صبرا" مثالاً "لنتخيل أن تجلس جبهة النصرة المعروفة بأن بعض قياداتها غير سورية، وترتبط بأيديولوجيا عابرة للحدود ولا تؤمن بالوطنية السورية، تخيل أن تقيم حواراً مع أي طرف سياسي آخر لتقرر مصير إدلب، والشكل الذي ستكون عليه الدولة السورية".
وشدد المعارض "بالطبع جميعنا سيرفض مثل هذا الحوار لأنه لا يستند أصلاً على مقومات سياسية وطنية، وهذا موقفنا فيما لو قام الإخوان المسلمون أو حزب البعث وحزب الاتحاد الاشتراكي العربي بالحوار لتقرير مصير سورية، ولقد رفضنا مثل هذه الحوارات التي جرت سابقاً".
وقال صبرا إنه رفض ما قام به المجلس الإسلامي المعارض، عندما وضع ما أسماه "ثوابت الثورة السورية"، بعد أن أقام حواراً بين قوى وتيارات إسلامية، وكذلك رفض مسار آستانا وسوتشي بكل مخرجاته وأسسه "لأنه قام بتهميش جزء كبير من السوريين"، على حد تعبيره.
وأضاف أن رفضهم لا يعود لأنه حوار كردي-كردي، معللاً الرفض بالقول: "هو رفض ثابت لكل حوار يستثني أي شريحة من السوريين، ولا يستند لمرجعية وطنية شاملة".
لكنه قال: "لدينا تحفظ كبير على بعض قيادات قسد والتي هي قيادات تركية وجزء منها عراقي، وهذه القيادات ليست سورية ولا يمكن أن تفكر بكيفية بناء سوريا الجديدة، لأن ارتباطها الأيديولوجي ومرجعيتها تتواجد خارج الحدود في قنديل أو سواها".
وفي هذا الإطار رفض السياسي الكردي آلدار خليل التعليق على هذا الموضوع "لأنه ادعاء"، لكنه قال إنه أثناء هجوم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" على مدينة كوباني في العام 2014 شارك بعض الشبان الكرد من تركيا في المعارك ضد التنظيم.
"مواقف من شوفينيين"
وقال عضو هيئة الرئاسة في المجلس الوطني الكردي وعضو الوفد المفاوض، سليمان أوسو، إنهم "استغربوا من مواقف البعض الذين عملوا معهم ويعرفون جيداً مواقف المجلس الوطني الكردي من كافة القضايا الوطنية".
وأضاف السياسي الكردي أنهم في البداية "لم يجدوا أي مبرر لهذه الهواجس، وفي الوقت نفسه لم يندهشوا من مواقف بعض الشوفينيين الذين كانوا حتى الأمس القريب مسؤولين في دولة البعث".
وقال أوسو: "الوطنيون السوريون يدركون أن وحدة الموقف والصف الكردي يخدم وحدة المعارضة السورية، والمجلس الوطني الكردي لايزال صمام أمان وحدتها، وهيئة التفاوض نموذج على ذلك".
وأضاف: "بكل تأكيد وبعد ترتيب البيت الكردي، ستكون هنالك لقاءات وحوارات مع كافة المكونات المتعايشة معنا في المنطقة. نحن حريصون على إقامة علاقات متوازنة مع جميع أطراف المعارضة وفي مقدمتهم الائتلاف الوطني السوري".
"أبلغنا الإئتلاف المعارض"
وأما عن مدى تقبل شركاء كلَي الطرفين لفكرة الحوار الكردي، خاصة وأن لحزب الاتحاد الديمقراطي مجموعة شركاء من الأحزاب والشخصيات غير الكردية من العرب والسريان الآشوريين ضمن الإدارة الذاتية، كما أن المجلس الوطني الكردي عضو في الإئتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، وأيضاً عضو في هيئة المفاوضات السورية.
وقال أوسو: "أبلغنا رئيس الائتلاف قبل البدء بالمفاوضات، وقلنا إننا مقبلون على عملية تفاوضية مع حزب الاتحاد الديمقراطي، وسيكون هذا الاتفاق برعاية أمريكية، لوضع حد للخلافات في البيت الكردي في سوريا".
وقال رئيس وفد أحزاب الوحدة الوطنية الكردية، آلدار خليل، إن "هذه المرجعية السياسية الكُردية تمثل البيت الكُردي الداخلي، وهي ليست وصيّة على الإدارة الذاتية المتشكلة منذ العام 2014 ، والمرجعيّة السياسيّة الكُرديّة لا تقرر بالنيابة عن المكونات الأخرى، فالإدارة الذاتية الديمقراطيّة يوجد فيها العرب والسريان والكُرد بجميع تنوعاتهم".
وفي هذا الإطار، قال المعارض السوري، محمد صبرا، إن "المجلس الوطني يضم أحزاباً عديدة منها تيارات عريقة متجذرة في المجتمع ولها وجودها وثقلها الحقيقي في الوسط الكردي السوري، ومنها أحزاب صغيرة طغى صوتها الأيديولوجي المتطرف".
دعوة لتوسعة الحوارات
ويرى "صبرا" أن منطقة الجزيرة السورية، كان من الممكن أن تكون الحامل الأساسي للمشروع الوطني الديمقراطي السوري"، لكنه قال إن "إصرار قسد على ارتباطها الأيديولوجي بتنظيمات عابرة للحدود وعدم قدرتها على فك الارتباط مع هذه التنظيمات يمنع عملياً من أن تكون الجزيرة هي منطلق ومرتكز المشروع الوطني الديمقراطي السوري".
لكن السياسي الكردي، آلدار خليل، ذكر في إطار حديثه أن "مشروعنا لا يفرق بين الكردي والعربي والسرياني، لذلك تلك الأقاويل والإشاعات وتوجيه بوصلة الحديث والتقييم نحو أمور تافهة قد لا يساعد على الوصول إلى تقييم جيد، فنحن ككرد سوريين نستفيد من علاقاتنا الكردستانية، ولنا بعد كردستاني ولنا أصدقاء ويحق لنا أن نطلب الدعم والمساندة عندما نتعرض للخطر".
وقال خليل: "كما تعلمون احتل أردوغان جرابلس واعزاز والباب وعفرين وكري سبي وسري كانيه، احتل كل هذه المناطق فهل هو سوري، هل يحمل الهوية والمواطنة السورية؟ لماذا هم يساندون أردوغان على احتلال هذه المناطق؟ حتى أنهم أرسلوا بعض الشباب كمرتزقة معه إلى ليبيا فهل هم مواطنون ليبيون كي يذهبوا ليحاربوا في ليبيا؟
وأضاف: "هدفنا الأساسي هو بناء سوريا ديمقراطية حرة، وهذا النموذج الذي نعتمد عليه هو نموذج ديمقراطي".
لكن المعارض محمد صبرا عاد وقال: "على الجزء السوري من قسد والسيد مظلوم عبدي تحديداً أن يعلم أن قوات سوريا الديمقراطية يمكنها أن تشكل ركيزة أساسية في بناء المشروع الوطني السوري وفي بناء الدولة السورية الديمقراطية الجديدة، شرط أن يتم فك ارتباط قسد الأيديولوجي والتنظيمي مع التنظيمات التي تقبع خارج الحدود السورية أيا كانت طبيعة هذا الارتباط ومستواه»، وفق تعبيره.
وأضاف: "نحن نريد لأبناء المنطقة من عرب وكرد أن يحكموا هذه المنطقة ويديروها، ولا نريد أن نقع ضحية التناقضات التركية الداخلية، وهذا دورنا جميعاً".