"جيل الحرب".. شباب دمشق يحلمون بالسفر إلى خارج البلاد بعد فقدان آمالهم في الداخل

دمشق – أحمد كنعان – نورث برس

 

تعاني شريحة كبيرة من الشباب، ممن يطلق عليهم تسمية "جيل الحرب"، في العاصمة دمشق من الاحباط نتيجة انعدام الأمل في الحياة الكريمة أو العمل أو تحقيق الذات، وسط امتداد ظروف الحرب والتدهور المعيشي مؤخراً.

 

ويرغب العديد من هؤلاء الشباب في السفر إلى خارج البلاد، طلباً لحياة أفضل وبحثاً عن متنفس لمطامحهم المستقبلية.

 

وقالت شهد شديد ( 17عاماً)، وهي طالبة في المرحلة الثانوية، إنها فقدت الأمل بتحقيق أي من أحلامها بسبب إحباطها مما تشهده حولها من ظروف قاسية، "فأبسط حقوقنا غير متوفرة، صرت أعيش يومي ولا أفكر أبعد من ذلك".

 

وأضافت: "أعتقد أنّ الأمل قد مات لدى أغلب الشباب من جيلي، وأنا يوميّاً أفكر بالسفر، مع أنّه هو الآخر صار شبه مستحيل".

 

وتكفي جولة سريعة في مواقع التواصل الاجتماعي، لرؤية كثير من الشباب يعبرون عن حرمانهم من أساسيات الحياة، وعن رغبتهم بالسفر بحثاً عن أماكن يستطيعون فيها تحقيق ما تبقى من أحلامهم، فتقرأ مثلاً "اللهم هجرة بلا رجعة" أو "ما بعد الأمل إلّا خيبة الأمل"، أو "خايفين علينا من الموت مفكرين إنو هاي عيشة"، في إشارة إلى إجراءات الحكومة السورية للوقاية من كورونا.

 

 وقالت رغد عامر /24/ عاماً، وهي طالبة في كليّة الإعلام، لـ "نورث برس"، إنها لا تزال تملك أملاً في تحقيق أحلامها، "ولكن ليس في هذا البلد، وقرار السفر لأننا في بلد ذاهب إلى المجهول، وكل يوم يزداد الوضع سوءاً".

 

وأضافت: "لا شيء مضمون حتى رغيف الخبز، فكل ما حوالي يدعو للإحباط وأحاول عدم التفكير بالتفاصيل لأنها مخيفة".

 

وحذرت الأمم المتحدة، قبل يومين، من موجة نزوح جماعية للسوريين إلى الخارج بسبب الغلاء والمجاعة في الداخل بعد 10 سنوات من الحرب وأشهر من الإغلاق بسبب فيروس كورونا، لتتبعها الآن تداعيات عقوبات "قانون قيصر".

 

وقال المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيسلي: " في دولة يبلغ عدد سكانها 20 مليون شخص، ينام /9.3/ مليون شخص جائع، يعانون من انعدام الأمن الغذائي كل يوم وكل ليلة في سوريا. (..) حرفياً هم على حافة المجاعة".

 

وقال حسن مارديني ( 24عاماً)، في اتصال مع "نورث برس" عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إنه غير نادم على مغامرته بعد حصوله على الشهادة الثانوية عام 2015، "تملكني إحساس بأنه من المستحيل تحقيق حلمي وسط الظروف التي كنا نعيشها، فقررت السفر وغامرت بركوب القارب المطاطي – البلم – من تركيا إلى اليونان ومنها إلى ألمانيا".

 

وأضاف أنّه كان يعرف أنّه يعرض نفسه للموت، "ولكن الحياة في سوريا أصعب من الموت، فقبل السفر لم تكن هناك أي فرصة للحياة أو تحقيق الذات".

 

وقالت نوار عباس، وهي باحثة اجتماعية وحاصلة على ماجستير بعلم الاجتماع المعاصر، وتعيش في دمشق لـ "نورث برس"، "إنّ الحروب تخلق واقعاً يصعب فيه تحقيق الطموحات بسبب تدني الشرط الإنساني، فيحتد الشعور بالإحباط تحديداً لدى شريحة الشباب التي تحلم بتحقيق ذاتها ولا تتمكن من ذلك".

 

وأضافت "عباس": "نحتاج إلى صور إنسانية مليئة بالسعادة، لنتجاوز صورنا المأساوية المحتملة، لذلك نفكر بالهروب الى أوروبا، لأننا نبحث عن احتمالات أرحم بنا، فيما أدى الانهيار الاقتصادي خلال أيام الأزمة القاسية، إضافة إلى صعوبة السفر وإغلاق الحدود بين الدول بعد كورونا، إلى خلق هذه الحالة من فقدان الأمل واليأس".

 

فيما أعاد محمد الشماع، وهو رئيس تيار "وعي" المدني، حالة الإحباط عند فئة الشباب إلى "غياب أي أفق لحل سياسي في البلد، خصوصاً بعد الحصار الاقتصادي في الفترة الأخيرة".

 

وأضاف: " خسرت سوريا جيلاً كاملاً من الشباب وحتّى الأطفال، فهناك نسبة كبيرة منهم خارج المدارس، وهذا بحد ذاته سيخلق عراقيل كبيرة في المستقبل القريب، نتيجة وجود جيل غير متعلم، وهو الجيل الذي يعول عليه في إعادة الإعمار وعودة عجلة الاقتصاد للعمل، وهذا سينعكس سلباً على تعافي سوريا".