فقدان أصناف من الأدوية وغلاء أخرى يزيد معاناة المرضى وعائلاتهم في القامشلي

القامشلي – عبد الحليم سليمان – نورث برس

 

بملامح متعبة تجلس كلالة بكاري (45 عاماً) أمام مدخل بناء يضم عيادات أطباء وصيدلية وسط مدينة القامشلي، شمال شرقي سوريا، وهي تحمل كيساً يحتوي علب أدوية، من بينها علبة دواء فارغة كانت تستخدمها لمعالجة آلام المفاصل والركبة ولم تتمكن من الحصول عليها مجدداً.

 

تقول "بكاري" القادمة من مدينة عامودا، غرب القامشلي، لـ"نورث برس" إنها اضطرت قبل أسابيع لاستعمال دواء بديل، إلا أن طبيبها طلب منها التوقف عن استعماله، "بعد أن بدت له تأثيرات جانبية سلبية".

 

وتعاني مدينة القامشلي ومناطق شمال شرقي سوريا عموماً من فقدان أنواع عديدة من الأدوية وغلاء بعضها الآخر، من بينها علاجات الأورام والأمراض المزمنة، فيما يرجع مختصون الأمر إلى عدة أسباب أبرزها تضرر الصناعة الدوائية السورية بسبب تدهور قيمة الليرة السورية وتكاليف الشحن وإيقاف دخول المساعدات الأممية إلى المنطقة.

 

وتشكل القامشلي مقصداً لمعظم المرضى في مناطق شمال وشرقي سوريا لتوفر أطباء من اختصاصات طبية مختلفة ومشافٍ خاصة وأخرى تابعة للإدارة الذاتية، بالإضافة لمراكز للتصوير الطبي والخدمات التشخيصية والعلاجية الأخرى.

 

وقالت خالدة حسين (42 عاماً)، إنها تبحث عن أدوية والدتها المسنة التي تعاني من مرض في القلب وقصور كلوي وتحتاج لـ/13/ صنفاً من الأدوية، "لكن غلاء أسعار الأدوية أضعاف ما كانت عليه قبل فترة قليلة وتباين الأسعار بين الصيدليات حال دون شرائها الأصناف التي تحتاجها والدتها".

 

وأضافت "حسين" أنها اشترت علبة دواء "كالبيكول" (يستخدم لخفض الكوليسترول والدهون) بسعر /2200/ ليرة سورية، في حين أنها اشترته بـ/1200/ ليرة قبل حوالي عشرة أيام من مدينة تربسبيه، /30/ كم شرق القامشلي، حيث تسكن هي ووالدتها المسنة.

 

بينما يعيد جلال عمر، وهو صيدلاني في القامشلي، سبب فقدان الأدوية وغلاء سعرها إلى توقف الحكومة السورية عن تأمين الدولار بالسعر المدعوم لمعامل الأدوية في مناطق سيطرة الحكومة، بالإضافة إلى قيمة تكاليف الشحن التي حددتها الإدارة الذاتية بـ /28/ في المئة ونسبة ربح الصيدلاني البالغة /25/ بالمئة.

 

وتنتشر معامل صناعة الأدوية في محافظات حلب ودمشق وحمص واللاذقية وطرطوس، إضافة إلى معمل "تاميكو" الذي يتبع إلى وزارة الصناعة ومعمل "فارما" الذي يتبع للهيئة العليا للبحث العلمي بدمشق.

 

ويشير الصيدلاني "عمر" إلى تخزين المستودعات لكميات من الأدوية فور سماع أصحابها بإغلاق المعابر التجارية في مناطق شمال وشرقي سوريا، ويضيف أن بعض المرضى المحتاجين للأدوية باستمرار اشتروا كميات أكثر مما يحتاجونه لتخزينه خوفاً من فقدانه، وأن كل هذه الأسباب تساهم في فقدان بعض أنواع الأدوية.

 

من جهتها، قالت روجين أحمد، الرئيسة المشاركة للجنة الصحة في مقاطعة القامشلي، إنهم يعملون على متابعة ومراقبة المستودعات بعد ورود معلومات حول تخزين بعضها للأدوية، وإنهم عازمون على فرض مخالفات على من يثبت تخزينه للأدوية بصورة غير مشروعة.

 

وأضافت "أحمد" أن الإدارة الذاتية تعمل على تأمين مصادر بديلة للأدوية وبأسعار مقبولة لتخفيف العبء على السكان.

 

وكانت منظمة الصحة العالمية قد ذكرت على موقعها الرسمي، بداية العام الجاري، أن سوريا تعاني من مشاكل حقيقية في فقدان بعض أنواع الأدوية، وأشارت إلى أن المرافق الصحية والصيدليات المحلية "غير قادرة على توفير الأدوية ولا سيما لعلاج الأمراض المزمنة المستمرة، وأن الأنسولين، والأوكسجين، ومواد التخدير، والأمصال والسوائل الوريدية لم تعد متوفرة داخل سوريا لتلبية الاحتياجات".

 

وكانت مجلة "فورين بوليسي الأمريكية" قد قالت، في تقرير نشرته أيار/ مايو الفائت، إن الأمم المتحدة وبعد تعرضها لضغط شديد من روسيا أصدرت تعليمات إلى وكالاتها بوقف تمويل البرامج الخاصة بالخدمات الصحية المنقذة للأرواح في شمال شرقي سوريا عبر الحدود العراقية.