أطباء في الرقة يطلقون مبادرات لمعاينات مجانية لمرضى من عائلات متدنية الدخل

الرقة- أحمد الحسن- نورث برس

أطلق أطباء من اختصاصات مختلفة في مدينة الرقة، شمالي سوريا، مبادرات لمعاينة المرضى من ذوي الدخل المتدني والمحدود والعائلات التي فقدت معيلها بشكل مجاني عن طريق تخصيص قوائم خاصة بهم مؤخراً، وذلك في ظل تدهور الوضع الاقتصادي للسكان وسوء الأوضاع المعيشية.

 

وأدى استمرار انهيار قيمة الليرة السورية وارتفاع أسعار المواد الغذائية وإيجار المنازل وأثمان الأدوية مع دخول قانون "قيصر" حيذ التنفيذ، إلى تفاقم معاناة عوائل ذات دخل محدود من ظروف معيشية صعبة، ولاسيما تلك النازحة أو التي يعاني أحد أفرادها من مرض ويحتاج إلى معالجة مستمرة أو تلك التي فقدت معيلها، فبات أفرادها الأكثر ضرراً من الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.

 

وقالت سعاد العلي (اسم مستعار)، البالغة من العمر /41/ عاماً، وهي أم لخمسة أطفال ونازحة من ريف إدلب، إن أحد أطباء المبادرة في الرقة عاين أطفالها مجاناً وهو ما ساعدها في معالجتهم وسط أوضاعها المعيشية المتدهورة.

 

وأضافت "العلي" أن "الطبيب يعالج أطفالي دون أن يشعرنا بأننا مختلفون عن غيرنا من المرضى، حيث أنه ثبّت اسمي في قائمة خاصة، وتتعرف علي الممرضة دون أن أشرح لها وضعي كل مرة".

 

وقال رائد الفاضل (38عاماً)، وهو من سكان مدينة الرقة وتعرض منذ شهر لحروق من الدرجة الثانية في يديه أثناء استخدامه البنزين لتشغيل موقد الكاز، إنه توجه إلى طبيب بادر بعلاجه "دون أن يتقاضى أجراً".

 

وأشار "الفاضل" إلى مروره بظروف "صعبة" بعد توقفه عن ممارسة عمله في العتالة بساحة الدلة بالرقة بسبب إصابته.

 

واضاف: "طبيعة عملي تحتاج إلى جهد جسدي، الحريق كان سبباً ايضاً لعجزي عن تأمين تكاليف معالجتي، لذا اضطررت للجوء إلى طبيب لا يتقاضى أجراً".

 

وكانت مدينة الرقة قد شهدت كغيرها من مدن مناطق شمال وشرق سوريا العديد من المبادرات خلال فترة حظر التجول وتوقف الحركة الاقتصادية تضمنت توزيع سلال غذائية وخبز وألبسة الأطفال وجمع مبالغ مالية وتوزيعها على العوائل ذات الدخل المحدود، إلا أن ظروف الغلاء فاقمت أوضاعهم أكثر من السابق.

 

وقال علي الشريف، وهو طبيب متخصص في أمراض الأطفال وأحد المبادرين لمعالجة العائلات التي تعاني من ظروف معيشية صعبة بشكل مجاني، إن بعض العائلات ذات الإمكانات المحدودة كانت تتردد سابقاً على عيادته لعلاج أبنائها دون مقابل، "ولكن اختلف الوضع اليوم، فقد امتلأت المدينة بالنازحين وذوي الدخل المحدود والأرامل والأيتام، ناهيك عن الوضع المعيشي لكثيرين من سكان المدينة ممن تدنى مستواهم المعيشي".

 

وأضاف: "نحن أصحاب الدخل الثابت نعاني من ضيق الوضع المعيشي بسبب الغلاء الفاحش الذي تمر به المنطقة، فما حال من لا دخل له؟ وليس منطقياً أن يأتيك شخص يعجز عن تسديد مصاريف علاج طفله وترده".

 

وخصص الشريف سجلاً لذوي الدخل المحدود يضم قرابة /125/ اسم من الذين لا يستطيعون دفع المعاينة، "حتى لا يتم إحراجهم أمام المرضى الآخرين"، على حد تعبيره.

 

وحذرت وكالة الغذاء التابعة للأمم المتحدة ، الخميس الفائت، من أن اليأس المتزايد في سوريا قد يؤدي إلى نزوح جماعي آخر، "ما لم ترسل الدول المانحة المزيد من الأموال للتخفيف من الجوع"، في حين لا يزال معبر تل كوجر/اليعربية الذي كانت تستخدمه الأمم المتحدة لإيصال المساعدات لشمال وشرقي سوريا مغلقاً بسبب الفيتو الروسي على إعادة فتحه.

 

وقال سعيد شبلي القاسم، وهو طبيب للأمراض الجلدية، إنه أطلق مبادرته بعد مبادرات مشابهة لأطباء من اختصاصات أخرى في الرقة، "للتخفيف من معاناة المرضى الذين يعانون من أوضاع معيشية صعبة وتضامناً مع الأطباء الآخرين".

 

وأضاف "القاسم" أن مبادرته للمعاينة المجانية لا تقتصر على سكان مدينة الرقة وريفها فقط، "وإنما تشمل سكان مناطق شمال وشرقي سوريا والنازحين إليها".

 

كما أشار إلى أن اختصاصه يختلف عن غيره من الاختصاصات، "فلا يأتيني الكثير من المرضى الذين يطلبون معاينة مجانية، وأحياناً يمر يوم ويومان ولا يأتيني مريض من عائلات ذات دخل محدود".

 

ورغم تصريحات عديدة لمسؤولين أمريكيين أن قانون "قيصر" لا يستهدف المدنيين السوريين ويستثني مناطق شمال وشرقي سوريا، إلا أن القانون بدت تظهر تبعاته السلبية مع دخوله حيز التنفيذ وانهيار قيمة الليرة السورية أمام الدولار والذي ترافق مع ارتفاع أسعار كافة المواد الغذائية والاستهلاكية وإيجار المنازل والأدوية والألبسة.