فقدان أصناف عدة من الأدوية في الرقة.. تعددت الأسباب والمعاناة مستمرة

الرقة – فواز العكلة – نورث برس

 

يواجه سكانٌ في مدينة الرقة وأريافها شمال سوريا، ممن يعانون أمراضاً مزمنة، مشكلة تفاقم أزمة الأدوية الضرورية لاستكمال علاجهم، لتضاف إلى أزمات كثيرة يعانون منها في ظل سنوات الحرب في سوريا، كان آخرها ارتفاع حاد في أسعار الأدوية والسلع والبضائع، نتيجة انهيار قيمة الليرة السورية.

 

وباتت غالبية صيدليات الرقة تفتقد إلى أصناف عدة من الأدوية منها دواء الغدة الدرقية  "الكتروكسين عيار 100" منذ 8 أشهر، ودواء الصداع النفسي "ابركيسيا عيار 5" منذ سنتين، ودواء الضغط "سيتامول وريدي ونوركان" منذ 6 أشهر، ودواء الفيالات منذ سنة، ودواء الصداع والاغماء "بيتاسيرك 16" منذ شهرين بالإضافة إلى دواء القولون والمعدة  "دوسباراز"، بحسب سكان وصيادلة من المدينة.

 

ويعتقد البعض أن أسباب فقدان الأدوية يعود إلى توقف عدد من المعامل الدوائية المحلية في دمشق وحماه، فيما يرجعها آخرون إلى احتكار المستودعات الرئيسية للأدوية بالإضافة إلى فرض رسوم جمركية من قبل حواجز الحكومة السورية وارتفاع تكاليف النقل والشحن.

 

وتقول كاملة المظلوم (60 عاماً) من قرية عقربة التابعة لبلدة الكرامة، /33/ كم شرق الرقة، "لدي مرض الغدة الدرقية، وأبحث عن دواء الكتروكسين /عيار 100/ منذ سنتين، ولا أجده في الصيدليات". وتضيف: "عند سفري إلى دمشق للعلاج، بحثت عنه طويلا ولم أجده".

 

ومن جانبه يقول محمد عبد القادر (57 عاماً) من قرية حمرة بويطية، /11/ كم شرق الرقة "أنا اتناول دواء الفيالات منذ العام 1997 ومنذ سنة ونصف سنة أبحث عنه ولم أجده حتى في حماة ودمشق وغيرها".

 

ويعاني فراس الكناص المتقدم في السن، من الريف الشرقي من المشكلة ذاتها، ذلك أنه لا يجد دواء "بيتاسيرك 16"  في صيدليات المدينة، ويعتقد أنه ربما يتوفر الدواء لدى بعض الصيادلة لكنهم يقومون باحتكاره.

 

وفي هذه الحالة يضطر السكان المحليون ممن يعانون من أمراض الضغط والقلب والسكري والأعصاب وأمراض أخرى إلى شراء أصناف بديلة عن الأدوية الموصوفة لهم من جانب الأطباء، لتخفيف آلامهم.

 

وبالنسبة لخالد الحيتو (32 عاماً) وهو صاحب صيدلية من قرية جديدة كحيط، /40/ كم شرق الرقة، فأن السبب الرئيسي في فقدان بعض الأدوية يعود إلى توقف عدد من معامل دمشق وحماة في تصنيع الأدوية، وأحياناً تتأخر الأدوية لدى شحنها إلى الرقة.

 

ويضيف أن "المستودعات تقوم بزيادة سعر الدواء على الصيدليات بنسبة /70/ بالمئة، بالإضافة إلى /10/ بالمئة تكلفة الشحن، ليصبح سعر الدواء مضاعفاً مرتين لتسعيرة وزارة الصحة السورية، وأحياناً هناك أدوية يكثر الطلب عليها مما يتيح الفرصة لأصحاب المستودعات في دمشق وحماه، لاستغلال الظروف ورفع التسعيرة بنسبة /200/ بالمئة".

 

ويقول ابراهيم اليوسف (43 عاماً) وهو صاحب مستودع أدوية من قرية حمرة بلاسم /18/ كم شرقي الرقة "منذ حوالي عشرة أشهر نواجه مشكلة فقدان أصناف من الأدوية".

 

ويشير إلى أن سعر الدواء يرتفع أحياناً إلى الضعفين أو إلى ثلاثة أضعاف بسبب فرض رسوم جمركية من قبل الحواجز الأمنية التابعة للحكومة السورية، وذلك بحسب ما أخبره تجار يقومون بشحن الأدوية من دمشق وحماه.

 

وحول ارتفاع أسعار أصناف أدوية بديلة وفقدانها يقول ابراهيم القاسم (49 عاماً) وهو صاحب مستودع آخر للأدوية في مدينة الرقة، إن فرض ضرائب ورسوم جمركية من قبل الحواجز الحكومية، وتضاعف سعر النقل واحتكار أصحاب المستودعات الأساسية في دمشق وحماه يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأدوية وفقدانها".

 

ويتابع "أصحاب مستودعات التصنيع يقومون باحتكار أدوية الضغط والقلب والسكري والأعصاب وبعض مسكنات الألم، لبيعها بثمن غالٍ جداً".

 

وفي السياق يقول جوان الذخيرة الرئيس المشترك للجنة الصحة التابعة لمجلس الرقة المدني، "نقوم بجولات ميدانية على جميع الصيدليات بشكلٍ يومي عن طريق موظفي مكتب الصيادلة في الرقة".

 

وينوه بأن مهمتهم حالياً تتركز على مراقبة أصحاب الصيدليات والمستودعات، لمنع احتكار الأدوية "نعمل على منع الاحتكار، ومعاقبة الصيادلة".

 

وسبق أن كشف تقرير لـ"نورث برس" أواخر أيار / مايو الفائت، أنّ عدد المعامل الدوائية السورية تراجع منذ بداية الأزمة السورية من  /63/إلى /42/ معملاً، حيث توقفت العديد منها عن الإنتاج، بسبب الخسارة الشديدة مع بداية الأزمة، لكنها عادت إلى العمل حالياً وارتفعت أعدادها لتبلغ /92/ معملاً، لكن أسعار المتممات الغذائية فيها هي الأغلى.

 

 ويشير التقرير إلى أن سياسات الحكومة السورية "المدمرة" بحسب مدراء بعض الشركات في تعاملها مع المعامل وفرضها سعر لصرف الدولار أقل بكثير مما في السوق السوداء، يغلق إمكانية استيراد الكثير من المواد الضرورية بالدولار من الخارج، ما يدفع الشركات لإيقاف صناعة عدة أصناف حيوية، كأدوية القلب والضغط والأعصاب، إضافة إلى تفضيل إنتاج المتممات الغذائية أو إنتاج أدوية أقل فعالية تجنباً للخسائر.