الغلاء يدفع عائلات في حلب إلى الاقتصاد في تلبية متطلبات أطفالهم
حلب – زين العابدين حسين – نورث برس
تتحسر مرام جعفر، الأم لطفلين، على ما آل أليه وضعها المعيشي في ظل الغلاء وانهيار قيمة الليرة السورية، "لقد وصل بي الأمر إلى أن أقتصد في متطلبات أطفالي، بعد أن كنتُ ألبيها سابقاً".
وحال مرام، البالغة من العمر /25/ عاماً والمقيمة بحي الشيخ مقصود الشرقي، هو حال كثير من سكان مدينة حلب هذه الأيام إثر تدهور قيمة الليرة لمستوى /2.500/ مقابل الدولار الأمريكي الواحد ودخول قانون العقوبات "قيصر" حيّز التنفيذ.
وتعبر "مرام" عن ما ينتاباها من مشاعر الحزن على حال طفليها: "أشعر بقهر شديد، لم يعد باستطاعتي تأمين شيء لحياتهم اليومية سوى الضروريات".
وكان المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيسلي، قد حذر في تصريحات الأسبوع الماضي، من انزلاق سوريا إلى حافة المجاعة، بسبب الانهيار الاقتصادي في البلاد، وقال إنّ "استمرار تدهور الأوضاع في سوريا قد يجعل خطر المجاعة يطرق الأبواب".
وتشير أرقام برنامج الغذاء العالمي، في أيار/ مايو الفائت، إلى أن هناك /1,4/ مليون شخص فقدوا إمكانية وصول الغذاءِ الكافي إليهم خلال الأشهرِ الستة الماضية، ما يرفع إجمالي عدد الذين عانوا انعدامَ الأمن الغذائي في سوريا إلى /9,3/ مليون شخص.
وقال أحمد كبو (40 عاماً)، وهو مصور فوتوغرافي، إنه ألغى بعض السلع من قائمة مشترياته، "فكيلو اللحمة تجاوز 16 ألف ليرة سورية، وقمنا بحذفه من قائمة الأكل".
ورغم زيادة "كبو" من ساعات عمله نتيجة تفاقم الوضع المعيشي، إلا أنه لم يتمكن من تأمين كل احتياجات عائلته، "أقتصد بالمصارف اليومية، فهناك الكثير من الأمور والأشياء تخطيناها ولم نعد نشتريها بسبب سعرها المرتفع حتى إنها أصبحت كالحلم بالنسبة لعائلاتنا".
وباتت سوريا تتقدم دولاً مثلا مدغشقر وزمبابوي وسيراليون، لتأتي في صدارة قائمة الدول الأكثر فقرًا في العالم، وفق بيانات موقع “World By Map” العالمي، بنسبة بلغت 82.5%، وهي نسبة تتوافق مع ما أورده تقرير سنوي للأمم المتحدة الأمم المتحدة العام 2019، حول أبرز احتياجات سوريا الإنسانية.
وذكر التقرير للأمم المتحدة أن 33% من السكان في سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وقدر أن 11.7 مليون سوري بحاجة شكل من أشكال المساعدات الإنسانية المختلفة، كالغذاء والمياه والمأوى والصحة والتعليم.
لكن شوكت شيخو (25 عاماً)، والذي يعمل مصلح إلكترونيات في حي الشيخ مقصود، قال إن وجود طفل رضيع في عائلته يحتّم عليه محاولة تلبية احتياجاته رغم صعوبة ذلك.
"كل يومين اشتري علبة حليب يتراوح سعرها من خمسة إلى ستة آلاف ليرة، وثمن كيس الحفاضات بلغ سبعة آلاف ليرة،".
وأضاف: "هذه الحال جريمة بحقنا، لأن مردودي من المحل كله لا يتجاوز أكثر من خمسة آلاف يومياً، وهذا لا يكفي المأكل، فكيف سيكفي المبلغ احتياجات طفلي".