دمشق – صفاء عامر – نورث برس
"اليوم وأنا عم شوف أسعار الألبسة، مرّ علي رقم تلفوننا الأرضي"، بهذه الكلمات تسخر بشرى العلي (29 عاماً) بحسرة جولتها في سوق الشعلان بالعاصمة دمشق على مبدأ أن "شر البلية ما يضحك".
ولم يقتصر الغلاء في خلال الأسابيع الماضية على المواد الغذائية، بل شمل أسعار الألبسة وجميع المواد الاستهلاكية، فالتهبت الأسواق بأسعار خيالية مقارنة بما كانت عليه قبل أشهر.
تضيف "العلي" أن معظم رواد الأسواق يكتفون بالتفرج على البضائع دون التمكن من شرائها، ليفوق عدد الباعة أعداد المشترين, وسط دعوات أصحاب المحلات للزبائن لدخول محالهم، لكن بعض الأسعار المعلنة على واجهة المحلات تجعلهم غالباً يكملون سيرهم.
ويمكن لأي عابر من الأسواق في دمشق سماع عبارات اعتاد عليها السوريون حين لا يكون بيد المواطن حيلة من قبيل: "لاحول ولا قوة إلا بالله" و"العين بصيرة واليد قصيرة" و"لا ندري أنضحك على واقعنا أم نبكي بسببه".
وسجل سعر الليرة السورية الاثنين الماضي، انخفاضاً غير مسبوق مقابل الدولار الأمريكي، فتجاوز ثلاثة آلاف ليرة مقابل الدولار الواحد، في حين عدل المصرف المركزي في 18 حزيران/ يونيو الجاري من سعره "الرسمي" /700/ ليرة مقابل الدولار الأمريكي إلى /1250/ ليرة، وذلك بعد يوم من دخول قانون العقوبات الأمريكية "قيصر" حيز التنفيذ.
وتتحسر ريما الحمصي (36 عاماً) على أيام ما قبل الحرب حين كان مبلغ /10/ آلاف ليرة قادراً على تغطية كل تكاليف كسوة الأولاد، "واليوم يجب زيادة عدد الأصفار أكثر إلى ذلك الرقم، حتى أتمكن من شراء ما تيسّر لأولادي، مع خطة تقشف حادة أو ديون متراكمة".
ووصل ثمن الكنزة النسائية إلى /13/ ألف ليرة سورية، ليرتفع الرقم كلما تميز موديل الكنزة أو المحل أو السوق، إذ تتنافس الأسواق مع بعضها فسعر الكنزة في سوق الصالحية يختلف عن سوق الحمراء وينافسهما الشعلان بالغلاء، بحسب "الحمصي".
ويعيش أكثر من /80/ % من السوريين تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بمعدل /133/ % منذ أيار/مايو 2019، بحسب برنامج الأغذية العالمي.
وقالت دعاء المحمد (33عاماً) إن "محلات الماركات لها أهلها وناسها، فأسعارها مقبولة لمن يكون مصروفه اليومي نصف مليون ليرة سورية وليس لمن لا يزال يتقاضى /50/ ألف ليرة سورية شهرياً".
ويبلغ متوسط الراتب الوظيفي لدى القطاع العام الحكومي حوالي /50/ ألف ليرة سورية (ما يعادل 20 دولاراً).
وأضافت أنها تعتمد مؤخراً على ما تملكه من ملابس قديمة، وقلما ترتاد الأسواق، "فحتى الأسواق الشعبية لم تعد تغيثنا كسوق الحميدية والحريقة، لأن أسعارهما أيضاً ارتفعت بشكل لا يصدق وواقعها اليوم لا يختلف عن غيرها".
وتأتي سوريا، وفق منظمة العمل الدولية، في صدارة دول العالم من حيث معدلات البطالة، في حين قدرت الأمم المتحدة عدد من هم بحاجة إلى المساعدات في سوريا خلال فصل الشتاء الماضي بنحو ثلاثة ملايين شخص.
ويعيد أبو علي (اسم مستعار)، وهو صاحب محل للألبسة النسائية، بعض أسباب غلاء الألبسة الجاهزة إلى "تجّار يرجعون بدورهم الأسباب لغلاء الأقمشة وتكاليف الصنع، إضافة إلى أجور النقل والعمالة".
ويأمل أبو علي "إيجاد حل قريب" ينقذهم من تهاوي قيمة الليرة السورية وينقذ الأسواق، وسط تداعيات تطبيق قانون "قيصر" على سكان البلاد.