الارتفاع المضاعف لأسعار الأدوية في كوباني يفتح باب المطالبات لإيجاد بدائل محلية

كوباني – فتاح عيسى/صدام الحسن – نورث برس

 

تفاجأ سكان مدينة كوباني شمال سوريا، خلال الأسبوع الماضي بارتفاع أسعار الأدوية بشكل غير اعتيادي، لتصل أسعار معظم أصنافها السورية إلى أكثر من ثلاثة أضعاف من قيمتها السابقة، حيث يرجع البعض أسباب ذلك إلى احتكار بعض التجار، مطالبين الإدارة الذاتية بإيجاد بدائل محلية وإنشاء مستودع مركزي للأدوية.

 

ويقول فواز خليل (35 عاماً) من سكان كوباني إن أسعار الأدوية تضاعفت أربع أو خمس مرات في كوباني، كما أن هناك فقدان لبعض أصناف الأدوية في الصيدليات، مشيراً إلى أن "الأوضاع سيئة جداً، بسبب ارتفاع أسعار الأدوية من جهة وفقدان بعضها من جهة أخرى".

 

ويوضح  "خليل" أن الصنف الدوائي الذي كان يباع بسعر /500/ ليرة سورية قبل شهر، بات سعره يصل حالياً إلى /2500/ ليرة، مطالباً الإدارة الذاتية بإيجاد حل لهذه المشكلة ودعم أسعار الأدوية.

 

ويوضح خليل عبو (70 عاماً)، وهو من سكان كوباني، أن مستودعات الأدوية أضافت مؤخراً، نسبة ربحية بقيمة /55/ بالمئة على أسعار الأدوية، بالإضافة إلى نسبة ربح الصيدليات التي تتراوح بين /25%-30%/ وهذا ينعكس سلباً على السكان وعلى تراجع قدرتهم في الحصول على الأدوية في ظل تردي الأوضاع المعيشية بشكل كبير.

 

ويبين "عبو" أن الحل يكمن في إنشاء مؤسسة أدوية أو مستودعات أدوية في كوباني تابعة للإدارة الذاتية مثلما هي موجودة في القامشلي أو إنشاء صيدلية مركزية مثل تلك الموجودة في مدينة منبج، لتقوم بتوزيع الأدوية على الصيدليات بنسبة أرباح منخفضة من أجل تخفيف العبء على السكان.

 

ويرى عمر يوسف صيدلاني من كوباني، أن أسعار الأدوية السورية كانت رخيصة عندما كانت الحكومة السورية تقدم دعماً لشركات ومعامل الأدوية، إلا أن الوضع تغير الآن والحكومة لم تعد تتقيد بالتزاماتها تجاه شركات ومعامل الأدوية، ما دفع أصحاب معامل الأدوية لشراء الدولار من السوق السوداء، وبالتالي ارتفاع اسعار الأدوية السورية بشكل مباشر.

 

ويضيف "يوسف" أن فرض رسوم جمركية مرتفعة جداً على الأدوية التي تصل من مناطق الحكومة السورية إلى مدينة منبج ساهم أيضاً برفع أسعار الأدوية، في ظل تحكم التجار بالطرق التجارية الواصلة بين مناطق الإدارة الذاتية والحكومة السورية.

 

ويشير أيضاً إلى أن غياب ضبط الأسعار التي تفرضها الشركات، وكذلك عدم وجود مراقبة على الطرق التجارية، وفي مستودعات الأدوية والصيدليات، تساهم بمجملها إلى خضوع الأسعار لمبدأ "العرض والطلب" بدون ضوابط.

 

ويؤكد "يوسف" أن مستودعات الأدوية تفرض على أصحاب الصيدليات شراء أنواع أدوية لا تلزمهم، بعضها ذات تاريخ صلاحية قصير، كما أن هناك احتكار وتلاعب بأسعار بعض أصناف الأدوية.

 

ويقول بدرخان شاهين، من اتحاد الصيادلة في كوباني، إنه لا يمكن ضبط أسعار الأدوية لأن المشكلة موجودة في شركات ومعامل الأدوية الموجودة في مناطق الحكومة السورية، مشيراً إلى أن "الحل الإسعافي الوحيد حالياً هو إنشاء مستودع مركزي للأدوية".

 

ويضيف "شاهين" أن إنشاء مستودع مركزي للأدوية من جانب هيئة الصحة سيساهم في توحيد أسعار الأدوية لدى كافة الصيدليات، حيث أن وجود مجموعة من مستودعات الأدوية، يؤدي إلى اختلاف أسعارها، وبالتالي اختلاف سعر نفس الدواء لدى الصيدليات.

 

ويشير إلى أنه خلال أكثر من سنة ونصف، كان هناك ضبط للأسعار وتوحيدها بنسبة /90/ بالمئة في مناطق شمال شرقي سوريا، ولكن منذ ما يقارب الشهرين "الوضع مختلف ويصعب ضبطه".

 

ويرى "شاهين" أن هناك نوع من الاستغلال في مستودعات الأدوية التي أضافت نسبة تتراوح بين /25 و60/ بالمئة على أسعار الأدوية، ما أدى إلى تفاقم أزمة أسعار الأدوية.

 

و يقول حسن عثمان وهو صاحب مستودع أدوية في مدينة منبج، إن هناك نقص في الأدوية وخاصة أدوية الضغط والمضادات الحيوية وأدوية الالتهابات، مشيراً إلى أن انقطاعها يعود لارتفاع أسعار المواد الأولية في بلد المنشأ وارتفاع أجور الشحن بنسبة تتراوح بين /200 إلى 300/ بالمئة.

 

ويضيف عثمان أن نحو /25/ معملاً للأدوية في حلب توقفت عن العمل، كما أن هناك بعض المعامل تعمل بشكل جزئي، كما أن أجور شحن الأدوية من حلب إلى منبج ارتفعت بشكل كبير، مشيراً إلى أن مستودعات الأدوية فقدت أكثر من نصف مخزونها بسبب إغلاق المعامل من جهة وقيام السكان بشراء بعض الأدوية وتخزينها.

 

ويكشف عثمان أن بعض الموردين يمتنعون عن بيع الأدوية للمستودعات بانتظار تعديل أسعارها من قبل وزارة الصحة التابعة للحكومة السورية ما يؤدي لفقدان الأدوية من الأسواق وارتفاع أسعارها.

 

ويرى خبراء في مجال الأدوية أن الشركات السورية لم تعد قادرة على إنتاج كافة الأصناف الدوائية كما السابق، بسبب سياسة وازرة الصحة في الحكومة السورية" المدمرة" في التعاطي مع شركات الأدوية كونها تعتمد في التسعير على سعر صرف الدولار في البنك المركزي المنخفضة بشكل كبير عن السوق السوداء، ولذا بات الحل الوحيد أمامها انتاج المتممات الغذائية والتوقف عن انتاج أدوية حيوية كأدوية الأعصاب والقلب والضغط وغيرها، وذلك وفق تقرير نشرته "نورث برس" في وقتٍ سابق من أيار/مايو الفائت.