اتفاق كردي أولي وأحزاب خارج المفاوضات.. ماذا يعني العودة إلى اتفاق دهوك؟

نورث برس – القامشلي

 

بعد نحو شهرين ونصف من دخولهما في حوارات مكثفة جاءت ضمن مبادرة أطلقها القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، وبدعم ورعاية أمريكية مباشرة، أعلن أكبر إطارين للأحزاب السياسية الكردية في سوريا، الأربعاء، توصلهما إلى تفاهمات أولية ورؤية سياسية مشتركة تنطلق من اتفاقية دهوك التي أعلن عنها عام 2014 للوصول إلى اتفاق شامل في المستقبل القريب. 

 

وأعلن الطرفان في بيان مشترك أن المرحلة الأولية من مفاوضات وحدة الصف الكردي اختتمت، أمس الثلاثاء، في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا. 

 

 واعتبرا أن اتفاقية دهوك التي توصل إليها المجلس الوطني الكردي في سوريا وحركة المجتمع الديمقراطي   حول الحكم والشراكة في الإدارة و الحماية والدفاع هي "أساس لمواصلة الحوار والمفاوضات الجارية بين الوفدين بهدف الوصول الى التوقيع على اتفاقية شاملة".

 

ماذا يعني العودة إلى "دهوك"؟

 

وتعني العودة إلى "اتفاقية دهوك" التي توصل إليها المجلس الوطني الكردي في سوريا وحركة المجتمع الديمقراطي في إقليم كردستان في تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2014، أن الطرفين سيناقشان تشكيل مرجعية سياسية تتكون من الطرفين ومن أحزاب وفعاليّات خارج الحوار، إضافة إلى مناقشة كيفية انضمام أحزاب المجلس إلى الإدارة الذاتيّة، مع إيجاد آليات لضم قوات عسكرية تابعة للمجلس إلى قوات سوريا الديمقراطية.

 

ولكن الملاحظ أن الطرفين لم يكشفا حتى الآن مضمون الرؤية السياسية التي توصلا إليها رغم إعلانهما انتهاء المرحلة الأولى والتي وصفها الطرفان بـ"الخطوة التاريخية المهمة".

 

 ورغم صدور عدد من التسريبات الإعلامية حول مضمون الرؤية السياسية إلا أن كلا الطرفين المشاركين في الحوار لم يحسما الجدل الدائر في الشارع حول النقاط المشتركة بينهما.

 

وعلى الأرجح فإن الرؤية السياسية قد تتقاطع مع تلك التي تبنتها المرجعية السياسية الكردية التي توصلت إليها اتفاقية دهوك، والتي تقول إن ”الرؤية السياسية الكردية المشتركة تتبنى سوريا دولة اتحادية تعددية ديمقراطية برلمانية متعددة القوميات، مما يستوجب إعادة بناء الدولة وفق النظام الاتحادي الفيدرالي بما يضمن حقوق جميع المكونات"، وفق النظام الداخلي للمرجعية المنشور آنذاك.

وتقول الرؤية السياسية المشتركة أيضاً إن "الكرد قومية ذات وحدة جغرافية سياسية متكاملة في مجال حل قضيتهم القومية والإقرار الدستوري بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في سوريا وفق العهود والمواثيق الدولية".

 

ولكن صالح مسلم، عضو هيئة الرئاسة المشتركة في حزب الاتحاد الديمقراطي كان قد أشار في تصريح سابق لـ"نورث برس" إلى أن الحوارات تسير وفق اتفاقية دهوك مع الأخذ بعين الاعتبار المستجدات والمتغيرات الداخلية في شمال شرقي سوريا، "ذلك أنه لم يكن للروس وجود في المنطقة، كما لم يكن الجيش التركي قد سيطر على أجزاء منها، ولم يكن هناك حرب ضد تنظيم داعش".

 

ورفض القيادي الكردي أثناء حديثه لـ"نورث برس" الدخول في تفاصيل الرؤية السياسية التي توصل إليها الجانبان، وذلك مراعاة لمبادئ اتفقا عليها تفضي بعدم الكشف عن التفاصيل، إلا أنه أكد أن الطرفان اتفقا في العموم على موقف كردي موحد تجاه الحكومة السورية وكذلك تجاه المعارضة وأيضاً حول شكل النظام السياسي المستقبلي في سوريا.

 

وقال أيضاً إن قضية المناطق التي سيطر عليها الجيش التركي من عفرين إلى تل أبيض وسري كانيه هي في صلب الحوارات التي تجري بين الجانبين.

 

أحزاب خارج المفاوضات

 

ولكن اتفاق أكبر إطارين سياسيين يطرح تساؤلات حول إمكانية أن يضم مستقبلاً حزبي الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا والديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا الذين يجمعهما ميثاق للعمل السياسي المشترك منذ أكثر من عام، خاصة وأن الحزبين يمتلكان حضوراً في الشارع الكردي، كما أن اتفاقية دهوك كانت قد أقرت تشكيل مرجعية سياسية لكل من الطرفين نسبة 40% بينما يتبقى نسبة 20% لأحزاب وقوى مجتمعية خارجهما.

 

 وكان الحزبان السياسيان قد أبديا دعمهما للحوار بين الأطراف الكردية، في وقت سابق، كما أدانا صدور بيان ضد عملية الحوار الكردي- الكردي من قبل شخصيات وأطراف معارضة، قالت إنها من المنطقة الشرقية في سوريا.

 

وسبق أن أثارت الأنباء حول قرب توصل الطرفين الكرديين إلى اتفاقية ورؤية سياسية مشتركة ردود أفعال متباينة على صعيد الأطراف السياسية في سوريا، وأيضاً على صعيد الدول الإقليمية.

 

 فبينما أبدى حزب الاتحاد السرياني المشارك في الإدارة الذاتية، دعمه لعملية الحوار الكردي الكردي، اعتبرت المنظمة الآثورية الديمقراطية التي تعمل في إطار الائتلاف السوري المعارض في موقف لافت، "ترتيب البيت الداخلي الكردي السوري خطوة مهمة للنهوض بحوار وطني ، بهدف تطوير حالة الإدارة في المنطقة من سلطة أمر واقع إلى إدارة تشاركية".

 

في السياق ذاته كان أنس العبدة، رئيس "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، قد اعتبر في تصريحات صحفية أن "أحد أهم شروط نجاح الحوار، والذي اعتمده أيضاً المجلس الوطني الكردي، هو انحياز الطرف الآخر للثورة السورية"، في إشارة منه لحزب الاتحاد الديمقراطي.

 

 واشترط العبدة أيضاً ما وصفه بـ"قطع أي صلة مع النظام، وفك الارتباط النهائي مع حزب العمال الكردستاني، وإخراج جميع العناصر الكردية غير السورية من منطقة سيطرة قوات سورية الديمقراطية (قسد)، والتأكيد على علاقات حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون دول الجوار، واعتبار القضية الكردية قضية وطنية سورية تحل في سورية، وليس خارجها".

 

وعلى صعيد الدول الإقليمية فإن الموقف الوحيد الذي صدر تجاه الحوار الكردي، فقد كان من جانب وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو  الذي عبر منتصف أيار/ مايو الفائت أن بلاده تعارض أي اتفاق يضفي الشرعية على قوات سوريا الديمقراطية، معرباً عن مخاوفه من وجود جهود روسية أمريكية لإشراك الإدارة الذاتية في مفاوضات الحل السوري.

 

 وباستثناء ما كشفه الوزير التركي حول الموقف الروسي من الحوار الكردي-الكردي، فإن روسيا لم تدلِ بأي تعليق حول ما يجري من حوارات بين الأطراف الكردية.   

 

ويبدو أن إعلان الطرفين الكرديين عن توصلهما إلى رؤية سياسية مشتركة في مؤتمر صحفي بحضور السفير الأمريكي وليم روباك يحمل دلالات حول احتمالية توجه الكرد في سوريا نحو التحول إلى طرف أساسي على طاولة الحل النهائي وفق مراقبين. 

 

إلا أن ذلك لا يخفي بقاء الكثير من  الأسئلة التي لا تزال معلقة حول كيفية الوصول إلى تلك النتيجة، خاصة وأن الحوارات تجري في أجواء من السرية ولم يخرج منها إلا الجزء اليسير إلى العلن.