مزارعو تل تمر بريف الحسكة في مواجهة حرائق "افتعلها" الجيش التركي

تل تمر – دلسوز يوسف – نورث برس

 

أمام حقله التي كانت مزروعة بالقمح حتى قبل ساعات، يضع محمود الخضر يديه وراه ظهره ويجول بناظريه يمنة ويسرى صوب رزقه الذي تحول إلى رماد بفعل النيران التي التهمت "الأخضر واليابس".

 

يتهم الرجل الستيني القوات التركية والمعارضة المسلحة التابعة لها بافتعال الحريق، "هذه ممارسات المحتلين، يحاربونك حتى في لقمة عيشك".

 

وتحولت مخاوف معظم السكان المحليين القاطنين في القرى الواقعة على خطوط التماس بين قوات الحكومة السورية والجيش التركي بريف بلدة تل تمر، /40/ كم شمال مدينة الحسكة، من فقدان مصدر رزقهم إلى واقع بعد حرائق واسعة أضاعت تعب سنة كاملة من انتظارهم جني محاصيلهم الزراعية.

 

وشهد ريف بلدة تل تمر، قبل يومين، حرائق ضخمة قدرت خسائرها بآلاف الهكتارات الزراعية المزروعة بمحصولي "القمح والشعير" في قرى "تل طويل، تل كيفجي، وأم الكيف، والعريشة والداودية" الواقعة على سرير نهر الخابور، كما احترق نحو /90/ منزلاً في قرية تل طويل ذات الغالبية الآشورية.

 

محاصيل ومنازل محترقة

 

ولم يغادر الخضر (65 سنة) منزله في قرية أم الكيف، بريف تل تمر، رغم سقوط القذائف والرصاص الذي كانت فصائل المعارضة المسلحة التابعة لتركيا تطلقه بشكل عشوائي خلال الأشهر الماضية، وتمسك بالبقاء في بيته الطيني رغم إصابة ابنه البكر منذ نحو شهرين بشظية قذيفة هاون وقعت بالقرب من منزله، ولا يزال قيد المعالجة.

 

وكغيره من سكان القرية، لم يتمكن من حصد محصوله خوفاً من استهداف الجانب التركي للمزارعين وعمال الحقول هذا العام، إلى أن أُتلفت الحرائق كامل محصوله، في / 300/ دونم مزروعة بالقمح.

 

ويقول الخضر وهو يقف تحت شجرة التوت أمام منزله: "يحرقون أرزاقنا رغم أننا بقينا في منازلنا وأراضينا، لا أدري ما أفعل، فليس لدي مصدر معيشة سوى هذه الأرض".

 

وأضاف: "الحرائق وصلت إلى المدارس والكنائس ومنازل المدنيين، جمعيها احترقت".

 

ويقول الخضر إن "الأمم لا تزال تتفرج على الجرائم بحق المدنيين وتقف عاجزة عن وضع حدا للانتهاكات التي تقوم بها تركيا وفصائلها".

 

"آلاف الدونمات"

 

وبحسب سكان المنطقة، فإنه لا يمر يوم إلا ويشاهدون أعمدة دخان متصاعدة نتيجة الحرائق في المحاصيل الزراعية، متهمين القوات التركية والمعارضة التابعة لها بافتعالها.

 

من جانبه، قال الخمسيني ياسين الجاسم من قرية "تل كيفجي" والذي احترق /200/ دونم من محصوله المزروع بالشعير، "احترقت حقولنا وكان عيننا على الله ومن ثم على هذه المحاصيل، لكننا خسرناها".

 

وأضاف "الجاسم": "لا يمكنني ووصف نسبة الحرائق لكنها تقدر بآلاف الدونمات، وهذه النيران تأتينا من الجهة الشمالية والغربية الواقعة تحت سيطرة الأتراك والمرتزقة".

 

وعلى طول /10/ كيلومترات على خطوط التماس شمال وغرب تل تمر، تحولت مساحات واسعة من الحقول الصفراء خلال الأيام القليلة الماضية إلى أرض سوداء جرداء جراء الحرائق التي نشبت فيها.

 

جرحى وحالات اختناق

 

وأسفرت الحرائق التي نشبت، الأحد الماضي، عن إصابة أربعة أشخاص من سكان المنطقة بحالات اختناق وحالات حروق مختلفة وصلوا إلى مشفى "الشهيدة ليكرين" بتل تمر.

 

وأوضح حسن أمين، مدير المشفى لـ"نورث برس"، أن "من وصلوا إلى المشفى كانوا فاقدين للوعي جراء نقص الأوكسجين أثناء محاولتهم إطفاء الحرائق لذا قمنا بجميع الإجراءات الإسعافية لإنقاذ حياتهم".

 

وأَضاف: "الحالات لم تقتصر على الاختناق، بل كانت هناك حالات حروق أيضاً، وهذا يدل على أن هؤلاء المدنيين تناسوا حماية أنفسهم أثناء محاولتهم لحماية رزقهم من النيران".

 

وبحسب "أمين" فإن جميع المصابين بحالات الاختناق بصحة جيدة حالياً، بينما تتفاوت حالات الحروق بين الدرجة الأولى والثانية ويتلقون العلاج.