مخيمات إدلب.. غياب الدعم الإغاثي من عدمه مرهون بوجود “هيئة تحرير الشام”

إدلب ـ نورث برس

 

يطرح غياب المنظمات الإغاثية عن دعم النازحين والمهجرين في مخيمات النزوح التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة الإنسانية، العديد من التساؤلات في ظل الشكاوى اليومية والأصوات التي تتعالى مطالبة بتوضيح الأسباب التي تقف وراء ذلك.

 

ويبدو للوهلة الأولى أن الأمر اعتيادي في ظل الأعداد الكبيرة للنازحين، وفي ظل حجم المطالب والاحتياجات مقارنة بقدرة المنظمات حسب التقارير الإنسانية الواردة بشكل مستمر من منطقة المخيمات.

 

إلا أن بعض المصادر المحلية من سكان الشمال السوري، أشارت إلى أن هناك طرف يتحكم في عمل المنظمات ويضغط عليها بل حتى إنه يفرض عليها الإتاوات.

 

وقال الناشط الإعلامي "حسن العلي" والذي يقطن في إحدى قرى الريف الإدلبي لـ"نورث برس"، إن "قدرة المنظمات الإنسانية في الشمال السوري لا تتوازى مع حجم المأساة وعدد النازحين والمهجرين، فالأعداد كبيرة وتفوق قدرة المنظمات المحلية".

 

عمل خجول

 

وأضاف أن "المنظمات الدولية تعمل بخجل، والمنظمات التركية عاجزة عن سد العجز والخلل الذي خلَّفه الغياب شبه الكامل للمنظمات الدولية عن المنطقة".

 

وأوضح أنه "من جهة أخرى فإن وجود (هيئة تحرير الشام) في المنطقة دفع بالعديد من المنظمات للبحث عن مكان جديد  وساحات جديدة للعمل بعيداً عن الشمال السوري".

 

وأشار إلى أن "الهيئة تفرض الإتاوات على المنظمات، وتقوم باقتطاع جزء من المساعدات الإغاثية المقدمة للسوريين في الشمال وتستفرد بها لنفسها، وهذا يعتبر من باب المضايقات، ما دفع بالعشرات من المنظمات للذهاب بعيداً عن تلك المناطق، ما أثر سلباً على النازحين وخاصة سكان المخيمات".

 

ووسط كل ذلك تبدو السمة الأبرز لعمل المنظمات هي  انخفاض قلة الاستجابة بنسبة كبيرة جداً، والدليل على ذلك هو أن عدداً كبيراً من المخيمات لا يحصلون في العام الواحد سوى على سلة غذائية واحدة أو سلتين، بينما يضطرون لتدبر أمورهم من خلال الاعتماد على "الديون" التي أثقلت كاهلهم.

 

بدوره قال الناشط الحقوقي "مختار العلي" والمقيم في منطقة إدلب لـ "نورث برس"، إنه "سابقاً كانت المنظمات الخيرية السعودية تلعب دوراً في دعم تلك المناطق، لكن بعد الخلاف السعودي مع تركيا تم تعليق أنشطة تلك المنظمات التي كانت تتخذ من تركيا مقراً لها".

 

"تحرير الشام" السبب

 

وأضاف أنه "بالنسبة للمنظمات الأوروبية فلا يوجد لديها رغبة في الدعم بسبب وجود (تحرير الشام) في حكم إدلب، وهناك منظمات من سياستها أن تقدم الدعم بشكل مباشر للمحتاجين وبدون وسطاء، وبنفس الوقت لا يستطيعون الدخول بنفسهم لإدلب بسبب سيطرة الهيئة".

 

وتبسط "هيئة تحرير الشام" سيطرتها على كل شيء، حيث ذكرت مصادر محلية خاصة من إدلب، أن "كل شاحنة مساعدات تدخل إدلب فلها نسبة فيها، إضافة لحصولها على نسبة من دعم المنظمات للمنطقة".

 

وأضافت المصادر أنه "حتى بالنسبة لمشاريع الإعمار الخاصة بالنازحين في المنطقة فإنهم يأخذون نسبة مقابل السماح لهم بذلك، فمثلاً هناك منظمات تنجز مشروع بناء /100/ غرفة لصالح النازحين، فتمنع الهيئة البناء حتى تأخذ نسبة /20/ غرفة على سبيل المثال".

 

وفي هذا الجانب قال الناشط السياسي الإدلبي، "أبو أيمن السيد عيسى" لـ "نورث برس"، إن "(هيئة تحرير الشام) وعبر حكومة الإنقاذ وضعت يدها على المخيمات عبر ما يدعى بمكتب المخيمات، فكل واردة وشاردة في المخيمات يجب أن تمر من خلاله، ولا يستطيع أحد العمل بدون إذن هذا المكتب، وهي بنفس الوقت لا تمنع أحد من العمل لكن هنالك نوع من العرقلة الواضحة لعمل المنظمات".

 

وأشار إلى أن "وجود (هيئة تحرير الشام) أثر على المعونات المقدمة للمنطقة بسبب تحفظ كثير من الدول حول تقديم الدعم مع سيطرة الهيئة على تلك المنطقة".

 

وأوضح "السيد عيسى" أن "المبالغ المخصصة للاستجابة لازالت قليلة ولا تفي باحتياجات الحالة الكارثية التي تمر بها تلك المناطق".

 

وبيَّن التقرير الأخير للأمم المتحدة والصادر منتصف شباط/ فبراير الماضي، حجم النقص الناجم عن النزوح الأخير بسبب معارك الدائرة في المنطقة، والذي بدأ في أيار/ مايو 2019 وحتى تاريخ صدور التقرير الأممي، حيث بلغ في قطاع المأوى /86/%، وفي قطاع  مكملات الخيمة /65/%، وفي قطاع المعونات الكاش /60/%، و/49/ % في موضوع الغذاء، و/40/% باحتياج قطاع الصحة".

 

الوصف: خارطة التقرير الأممي الصادر منتصف شباط/ فبراير الماضي.
 

يشار إلى أن "هيئة تحرير الشام" تضع يدها على كامل مفاصل الحياة في منطقة إدلب، ومن أجل ذلك أسست  "حكومة الإنقاذ" الذراع المدني لها، بعد أن طردت "الحكومة السورية المؤقتة" من المنطقة، لتكون الآمر الناهي والمتسلط على السكان والضاغط عليهم بلقمة عيشهم.