ارتفاع الأسعار يتسبب بكساد إنتاج مربي الأبقار في الأسواق السورية
دمشق – نورث برس
يواجه مربو أبقار في مناطق سيطرة الحكومة السورية، مؤخراً، مخاوف ازدياد كساد إنتاجهم نتيجة عزوف معظم السكان عن شراء اللحوم والحليب ومشتقاته بعد ارتفاع أسعارها إثر غلاء الأعلاف، في حين يبقى التجار هم المستفيدون من جهدهم، حسب تعبيرهم.
وشهدت أسواق المواد العلفية ارتفاعاً غير مسبوق في أسعارها بالتزامن مع انهيار قيمة الليرة السورية والغلاء العام الذي تشهده الأسواق خلال الفترة الأخيرة.
ركود في البيع
وقال مهند صبيحة (45 عاماً)، وهو مربي أبقار في محافظة طرطوس، لـ "نورث برس"، إن ارتفاع أسعار الأعلاف "المفاجئ وغير المتوقع"، تسبّب بخسارة كبيرة للمربين وعدم تمكن بعضهم من المحافظة على حيواناتهم.
ورغم أن هؤلاء المربين رفعوا أسعار منتجات أبقارهم لتعويض المصاريف الباهظة للأعلاف والأدوية البيطرية إلى جانب ارتفاع أجور الأطباء البيطريين، إلا أن ذلك يتسبب بركود بيع تلك المنتجات وبالتالي تناقص أرباحهم يوماً بعد آخر.
وأضاف " صبيحة": "انعكس ارتفاع سعر العلف من نوع (جاهز) على أسعار الحليب ومشتقاته وأدى لارتفاع أسعار اللحوم التي لحقت بطابور الغلاء، بالتالي لن يستطيع المواطن شراءها، مما يتسبب لنا بكساد في بيع تلك المنتجات".
وارتفع سعر كيلو لحم العجل في أسواق طرطوس إلى عشرة آلاف ليرة، وهو قابل للزيادة على غرار ما حصل مع لحم الخاروف، بحسب أصحاب محال بيع اللحوم في المدينة.
"التاجر لا يخسر"
ووصف شادي الفهد، الذي يمتلك ثماني أبقار في سهل الزبداني بريف دمشق، ارتفاع أسعار الأعلاف في البلاد نتيجة انخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي بـ "الجنونية وغير المنطقية".
وقال: "هل يعقل أن يضطر المربي لبيع نصف القطيع ليطعم الباقي في حال لم يقدر شراء العلف لكل أبقاره؟ إذا بقي الصمت الحكومي ولم يوضع حد لهذا الارتفاع، فسيفلس المربون تدريجياً".
وكان كيس العلف "المركب" المستخدم لتسمين العجول ولأبقار الحلب يباع قبل شهر بثمانية آلاف ليرة، لكنه بلغ حالياً /22/ ألف ليرة، بينما ارتفع سعر التبن من /80/ ليرة للكيلو الواحد إلى /125/ ليرة سورية.
وذكر "الفهد" أن التاجر "هو الوحيد الذي لا يتعرض للخسارة كونه يلعب دور الوسيط بين المربي والمستهلك، فسعر كيلو الحليب الذي يستجره التجّار من المربين إلى المدينة كان قبل شهر بـ /250/ ليرة فقط، وارتفع إلى حالياً إلى /350/ ليرة بالجملة، في حين يبلغ سعر الكيلو بالمفرق بـ /500/ ليرة سورية".
واعتبر أن التدخل غير الفاعل للمؤسسة العامة للأعلاف لا يؤثر، لأنه لم يساهم حتى الآن في كسر الأسعار وإحداث توازن في السوق، "حيث تؤمن كميات قليلة وبأسعار مدعومة ولكنها لا تكفي، لذا نضطر لشراء الأعلاف من القطاع الخاص الذي يسعّر أثمانه على مزاج التجار".
"حلقة خفية"
من جهته، قال مدير المؤسسة العامة للأعلاف في وزارة الزراعة بالحكومة السورية، عبد الكريم شباط، إن الوزارة تفتتح دورات علفية كل شهر وتمنح المربين عبر الجمعيات الفلاحية كميات كبيرة قد تصل إلى أكثر من /100/ طن بسعر /15/ مليون ليرة.
لكنه أضاف: "لا نعرف إذا كانت تصل إلى المربين جميعهم، فعليهم متابعة مخصصاتهم بأنفسهم، لأن عدم حصول الجميع على مخصصاتهم سبّب مشكلة في الأسواق".
ويرى "شباط" أن المربي أصبح خاسراً، "ويعاني من وجود حلقة خفيّه تسهم في إفقاره ودفعه نحو ترك عمله"، في إشارة إلى عمليات بيع لكميات العلف المدعوم حكومياً بطرق غير مشروعة.
وقال، لـ "نورث برس": "لكن فرق السعر بين الخاص والحكومي المدعوم يغري بعض المربين ببيع العلف للقطاع الخاص، وهذا ما سبب سيطرة القطاع الخاص وتحكمه بالسعر في السوق".
وشدد مدير المؤسسة العامة للأعلاف على أن الوزارة لم ترفع سعر الأعلاف المدعومة ولكن القطاع الخاص هو الذي رفع السعر، "وطن مادة (الكسبة) المدعومة لا تزال تباع بـ /400/ ألف ليرة، بينما يبلغ ثمنها لدى القطاع الخاص إلى مليون و/200/ ألف".
ويشهد الاقتصاد السوري لأول مرة في تاريخه تخبط نتيجة فقدان الحكومة توازنها الناتج عن تهاوي الليرة السورية وقيام التجّار بوضع أسعار تعتمد على العملات الأجنبية، ما أدى لارتفاع جنوني في معظم المواد الاستهلاكية في البلاد.