تربية الإبل في الرقة.. وفرة المراعي صيفاً وصعوبات بالغة في الشتاء
الرقة – أحمد الحسن – نورث برس
يواجه مربو إبل نازحون في منطقة الرقة، شمالي سوريا، عقباتٍ عدة في عملهم بعد نزوحهم من البادية السورية عقب الحرب بحثاً عن الأمان لهم ولقطعانهم من الإبل.
ويجد المربون القادمون من مناطق البادية السورية صعوبات حيال رعيها بشكل جيد طوال العام على عكس البادية التي تعتبر مكاناً ملائماً لتربية الإبل التي يعتبرها أصحابها تراثاً اقتصادياً هاماً توارثه سكان البادية السورية عن آبائهم وأجدادهم.
وتعتبر تربية الإبل مهنة جديدة في الرقة حيث دفعت ظروف الحرب وسيطرة جماعات مسلحة على البادية السورية، معظم مربي الإبل في المنطقة للجوء إلى مناطق آمنة قريبة منهم، ليسكن أغلبهم في ارياف الرقة التي يعتبرونها ملاذاً آمناً لرعاتهم وجمالهم.
وقال محمد البطوشي (٢٨ عاماً)، وهو مربي إبل من سكان منطقة "قباقب" بريف دير الزور الجنوبي، إن ظروف الحرب أجبرته للانتقال إلى ريف الرقة منذ العام ٢٠١٢، "جئنا إلى هنا طلباً للأمان وبحثاً عن المراعي والمياه التي تحتاجها قطعاننا".
وأضاف لـ "نورث برس" إن رعاية الإبل في البادية بات أمراً مستحيلاً، "فقد سرقت جماعات عسكرية مجهولة مئات الإبل من أقاربنا، لذلك تركنا المنطقة للمحافظة على مهنتنا التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا ولا نملك مصدر زرق آخر غيرها".
وتركزت تربية الإبل في سوريا قبل الحرب في مناطق متعددة، أبرزها هضبة "الحماد" بالقرب من التنف والبوكمال في دير الزور كون هذه المناطق صحراوية تلائم الإبل، إضافة إلى مناطق في ريف حماة ودرعا وغوطة دمشق الشرقية، وتعتبر تربيتها أحد جوانب التراث الاقتصادي لسكان البادية السورية.
وكان لاختيار الرقة من بين المناطق السورية الأخرى أسباباً عدة منها توفر المراعي في الصيف ووفرة النباتات الشوكية مثل "العاكول والرمث والشيح" والتي يعتبرها اصحاب الإبل "طعامها المفضل"، ناهيك عن سهولة تأمين المياه واتساع المنطقة الريفية، على حد قوله.
ورغم توفر المياه والمراعي الواسعة، لكنها لا توازي مناطق تربية الإبل الأساسية في البادية، حيث يعاني مربو الإبل من عدة معوقات في الرقة، أبرزها عدم توفر المراعي في الشتاء، فضلاً عن طبيعة الارض الطينية التي تتسبب بانزلاق إبلهم.
وقال ثامر محمد (١٧ عاماً) وهو شاب يعمل في تربية الإبل، إن هناك مراعي وافرة للإبل خلال فصل الصيف في الرقة ولكنهم يضطرون إلى شراء العلف لها في الشتاء، الأمر الذي "يكلفهم مبالغ باهظة"، حسب قوله.
وأضاف: "كنا نرعى إبلنا في البادية السورية بشكلٍ مجاني خلال فصلي الصيف والشتاء لكثرة النباتات الرعوية هناك، أما في الرقة فرعي الإبل يقتصر على الصيف كما أن المنطقة طينية وذات طبيعة زلقة شتاء، وهو ما يعرض الإبل للإصابة بكسور قد لا تجبر خلال فترة قصيرة".
وكانت للإبل أسواق كثيرة في سوريا لتجارتها مثل أسواق دوما وحماة والمناطق الشرقية إلا أن معظمها اختفت مع بدء الحرب السورية منذ عام 2011.
وبحسب تقارير محلية، فقد تناقصت أعداد الإبل في سوريا بعد الحرب إلى النصف بعدما كانت تتجاوز /50/ ألف رأس.
ووفق تقرير سابق لـ "نورث برس"، كان يوجد في الرقة وحدها في أيار/ مايو العام الماضي حوالي /4000/ رأس من الإبل.
وكان أحمد الشريف (٣٢ عاماً)، وهو نازح من منطقة قباقب ، يمتلك /70/ رأس من الإبل عندما انتقل معها إلى منطقة الرقة منذ العام 2017، لكن لديه الآن فقط /30/ فقط منها.
يقول "الشريف": " اضطررت إلى بيع قسم منها لكي أتدبر أموري المعيشية ولأشتري العلف لبقية الإبل".
وأكد أن "الفلتان الامني" الذي شهدته البادية السورية هو سبب انتقالهم الى ريف الرقة "لم يبق أي مربي إبل في البادية، واستولت جماعات مسلحة مجهولة على كثير منها، ما دفع المربين إلى بيع قطعانهم والفرار طلباً للأمان".
بالإضافة إلى ذلك، يعاني المربون في الرقة من صعوبة في تسويق إبلهم ومنتجاتها ولحومها، لعدم وجود أسوق تصريف خاصة بها.
يضيف "الشريف": "لا يوجد أي بيع او شراء للإبل في الرقة، أما في البادية فقد كانت لها أسواقها الخاصة وكان تصريفها سهلاً وخصوصاً في منطقة حماة حيث يكثر الطلب عليها هناك".
وتتفاوت أسعار بيع وشراء الإبل في الرقة حيث تتراوح الأسعار ما بين /500/ ألف ومليوني ليرة سورية وفقاً لأنواعها وألوانها، فقد يتجاوز ثمن البيض مليوني ليرة، ويتراوح ثمن الحمر ما بين مليون ليرة ومليون ونصف المليون ليرة، أما الجمال السوداء فأسعارها دون المليون، بحسب مربين للإبل في الرقة.