الخبز ومواد أخرى.. أزمة معيشية خانقة في مخيمات بريف إدلب
إدلب – نورث برس
تفتقر مخيمات "الكرامة" في منطقة الشيخ بحر، شمال إدلب، إلى أدنى مقومات الحياة، فالوضع العام للمخيمات يوصف من سكانها بأنه سيء، والخيام المهترئة تسمح لأشعة الشمس بالوصول لداخلها، والمعونات التي اعتاد عليها سكان المخيمات لم تعد توزع كما كان الحال في السابق.
وتحوي منطقة الشيخ بحر على /17/ مخيماً، وكل مخيم يؤوي أكثر من /100/ عائلة، بحسب مصدر من إدارة المخيمات في إدلب، وتفتقر هذه المخيمات العشوائية إلى أبسط سبل العيش والخدمات.
لا دعم من المنظمات
وقال عضو في المجلس المحلي لقرية "الشيخ بحر" والمسؤول عن مخيماتها، ثروت الجابي (35 عاماً): "تعاني هذه المخيمات من شح في الدعم، فكل فترة ثلاثة أشهر نحصل على سلّة لا تكفي لشيء، وهي بأمسّ الحاجة للمياه والخبز، حيث وصل سعر ربطة الخبز إلى /650/ ليرة سورية".
وأضاف لـ "نورث برس"، "لم تدخل أي منظمة إلى المخيم منذ ثلاثة أشهر، وهناك عائلات محتاجة وخاصة في ظل الغلاء الذي تشهده الأسواق في المنطقة، من بينهم /50/ إلى /60/ عائلة في حالة يرثى لها".
ويبلغ عدد المخيمات العشوائية في إدلب وريفها /242/ مخيماً، تضم /121.832/ شخصاً، بحسب إحصائيات فريق "منسقو استجابة سوريا".
وقال عبد الله الجاسم (62 عاماً)، وهو نازح من ريف حماة الغربي منذ أربع سنوات، ويسكن في مخيمات الشيخ بحر شمال إدلب، إنه شهد الكثير من المعاناة إلى أن استقر هنا، "بداية نزوحنا كانت إلى قلعة المضيق، ثم انتقلنا إلى معرة النعمان، ومنها انتقلنا للعيش في كفر بطيخ، لقد ذقنا الموت ونحن أحياء، قضينا ثلاثة أيام متواصلة سيراً على الأقدام بدون انقطاع ليلاً ونهاراً، وهذا صعب جداً بالنسبة لرجل كفيف لديه عائلة كبيرة مؤلفة من زوجتين وتسعة أطفال".
وأضاف لـ "نورث برس": "والآن نعاني الفقر والتشرّد فلا يوجد لدي ما يكفيني لشراء خبز لأولادي، ولسوء حظنا انقطع الدعم عن المخيم".
يختم "الجاسم" حديثه: "والله جوعانين، والله عريانين".
وكان فريق "منسقو استجابة سوريا" قد أوضح بداية حزيران/ يونيو الجاري تخفيض كمية المساعدات الإنسانية من برنامج الأغذية العالمي WFP، حيث انخفضت كمية السعرات الحرارية داخل السلة من /1855/ إلى /1650/ بسبب تخفيض محتويات السلّة الغذائية.
غلاء فاحش
وقال فيصل أبو أنس (46 عاماً)، وهو نازح من ريف معرة النعمان الشرقي انتقل منذ ستة أشهر إلى مخيم الكرامة، إنه لم يعد يستطيع شراء "أي شيء من احتياجات عائلته بسبب الغلاء".
وأضاف: "ربطة الخبز التي لا نستطيع الاستغناء عنها وصل سعرها إلى /650/ ليرة سورية، ولا تكفي لأكثر من ثلاثة أشخاص في اليوم، وهناك من يغلق محله اليوم، ليبيع بسعرٍ أعلى غداً، فالنازح والمقيم يتساويان اليوم في عدم القدرة على مقاومة التدهور المعيشي".
وكان مئات المدنيين في مدينة إدلب، شمالي سوريا، قد خرجوا مساء أمس الأحد، في احتجاجات ضد قرارات "حكومة الإنقاذ" التي رفعت أسعار مواد أساسية مثل الخبز والدواء.
وطالب المحتجون بتدخل المنظمات والمؤسسات المعنية لإيجاد حل لغلاء الأسعار التي ترتفع بين دقيقة وأخرى.
كما اشتكى علي أبو أحمد (58 عاماً)، وهو نازح من ريف المعرة الشرقي منذ عامين، إنه لم يتمكن من الحصول على عمل ولا يتوفر له دخل لإعالة عائلته، "تركنا منازلنا وأراضينا، ولا يوجد لدينا أي مصدر للكسب، وتأمين رغيف الخبز صار الهم الأكبر لسكان المخيمات في ظلّ الغلاء الذي نعيشه، وكله بحجة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية، في الأمس كان سعر ربطة الخبز /500/ ليرة سورية، واليوم /600/ ليرة وغداً لا نعرف".
وأضاف "عائلتي مكونة من /16/ فرداً، تحتاج كمعدل وسطي لـ /7/ ربطات من الخبز، وهذا يعني /4200/ ليرة يومياً ثمن الخبز فقط، فإن استمر هذا الوضع، سوف تحصل كارثة إنسانية، فاليوم وبسبب هذا الوضع أصبح المحتاجون ينبشون في القمامة، لعلهم يجدون رغيف خبز أو لقمة طعام".
وقلص أصحاب معظم الأفران وزن ربطة الخبز مجدداً في إدلب وريفها، الاثنين، لتنخفض من /775/ غرام بمبلغ /600/ ليرة سورية إلى /600/ غرام فقط بسعر /600/ ليرة سورية، بالتزامن مع استمرار انخفاض قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية.
وكتب سعد الخابوس، وهو ناشط إعلامي من إدلب، على حسابه في موقع فيسبوك، "تخرج الفتاوى ويعلو أصوات مشايخ المنابر في الجوامع عن لعبة البوبجي وحرمانيتها، بالوقت نفسه سعر ربطة الخبز /600 / ليرة هذا الأمر أخطر وينذر بكارثة طبعاً".
وتحدثت أمينة عليوي (50 عاماً)، وهي نازحة من ريف حماة الشرقي، وأرملة وأم لثلاثة أطفال، لـ "نورث برس"، عن أنّه لا يوجد لديها من يساعدها في تأمين معيشتها في ظل هذا الغلاء.
وأضافت: "أعمل منذ الصباح للحصول على مبلغ ألف ليرة التي لا تكفي لشراء كيلو سكر، والذي يباع بـ /1200/ ليرة، وإن لم نحصل على دعم أو حل فلن يبقى أمامنا سوى التسول لتأمين طعام أطفالنا".