تفاقم الأزمة المعيشية في دمشق وسط ارتفاع الأسعار واتهام تجار بالاحتكار

دمشق – نورث برس

 

تتفاقم الأزمة المعيشية في العاصمة السورية دمشق يوماً بعد آخر نتيجة ما منيت به الليرة من خسائر فادحة خلال الفترة القليلة الماضية، وقرب موعد تطبيق قانون العقوبات الأمريكي "قيصر"، وبالتزامن مع هذا الواقع تزداد وتيرة الاستياء في الشارع لا سيما من قبل أصحاب الدخل المتدني والمحدود.  

 

ويجري ذلك في ظل اتهامات حول "عدم وجود إجراءات فاعلة من قبل الحكومة لضبط الأسعار، واتهم بعضهم التجار بالمساعدة في رفع الأسعار وفقدان المواد الأساسية بسبب الاحتكار".

 

وقال سامي قربي (61 عاماً)، وهو عامل بناء، لـ "نورث برس"، إن بعض التجار كانوا يقومون بتغيير التسعيرات بشكل يومي وساعي ويتحكمون بالأسعار حتى قبل ظهور قانون قيصر.

 

ورأى أنّه لو أرادت الحكومة السورية ضبط الأسواق والتعامل مع المستجدات في الأيام القادمة، فإن عليها السيطرة على التجّار الكبار لضبط الأسعار التي ترتفع كل لحظة.

 

وأضاف قربي: "عند شراء المستهلك لأي مادة يتم الاتصال بين التجار للتأكد من السعر قبل إتمام عملية البيع، ورغم أن تلك البضائع موجودة في المستودعات سابقاً لكنهم يبيعون وفق آخر سعر لصرف الدولار".

 

ومن المقرر أن يدخل "قانون قيصر" الذي أقره الكونغرس الأمريكي بشأن سوريا في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2019، حيّز التنفيذ في النصف الثاني من الشهر الجاري، وينص القانون على فرض عقوبات اقتصادية خانقة على الحكومة السورية وملاحقة الأفراد والمجموعات والدول التي تتعامل معها.

 

 

ويشكل تنفيذ "قيصر" والذي يضم حزمة كبيرة من العقوبات الاقتصادية على سوريا امتحاناً كبيراً للحكومة السورية التي "تفشل" حتى الآن في إدارة الملف المعيشي وفق متابعين.

 

وحمّل جورج صردينيان، وهو صاحب مطعم في حي باب توما الدمشقي، المحتكرين مسؤولية ارتفاع الأسعار، ورأى أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الحكومة السورية.

 

وأضاف: "نحن نعاني من قياصرة الداخل من التجار المحتكرين، فهم يتحملون مسؤولية ما يجري كونهم يغلقون متاجرهم ويسهمون في تفاقم معاناة المواطن سواء في تأمين الأدوية أم المواد الغذائية الأساسية كالسكر والرز وغيرها".

 

وأشار "صردينيان" إلى أن ثمن كيلو المسبّحة ارتفع من /700/ ليرة إلى /1,800/ ليرة سورية، بينما وصل سعر سندويشة الفلافل إلى /400/ ليرة سورية، والبائع يرفض البيع بالأقراص ليجبر الزبون على شراء السندويشة، ويرتفع سعر الدخان بزيادة مئة ليرة كل يوم، بحسب ما أوضحه صردينيان.

 

وأضاف "أمتلك مطعم وإذا أردت فتحه سوف تأتي الدوريات من كافة الجهات للتدقيق في الرخصة وأغطية الطاولات ومنع الأركيلة، فكيف ستعمل الحكومة على محاربة قانون قيصر في ظل قوانين داخلية أكثر سوء منه".

 

ورأى صردينيان الحل بدعم المنشآت والمستوردات والزراعة والصناعة لتجنّب الأسوأ القادم.

 

والأسبوع الماضي أصدر المصرف المركزي، قراراً نص على تحديد سقف للأموال المسموح نقلها بين المحافظات برفقة مسافر بخمسة ملايين ليرة سورية، كما تداولت وسائل إعلام مقربة من الحكومة أنباءً عن تسيير دوريات من التموين في الأسواق، الأمر الذي لا يرى السكان والتجار فيه أي نتيجة لتخفيض الأسعار.

 

وقال عمار يوسف وهو خبير اقتصادي، يعيش في دمشق، إن الحل يكمن في سياسة الاكتفاء الذاتي، بالإضافة إلى الاعتماد على الإنتاج الزراعي وكذلك الصناعي المعتمد على المنتجات الزراعية.

 

لكن شادي حمدان (37 عاماً)، ويعمل في مزرعة بريف دمشق الغربي، قال إن "أسعار المنتجات الزراعية مرتفعة أيضاً ويعود ذلك للغلاء الفاحش في أسعار الأسمدة والبذور والمبيدات والمستلزمات الأخرى".

 

وأضاف: "إذا أرادت الحكومة التوجه نحو منتجات الزراعة لمواجهة العقوبات، فيجب تخفيض أسعار مستلزمات الإنتاج ودعم المزارع الذي لا يزال يبحث عن المازوت لتشغيل الآبار وسقاية أرضه".

 

وأشار إلى أنه يمكن الاستغناء عن بعض المواد المستوردة من الخارج، ولكن "ماذا عن المواد المحلية التي ترتفع أسعارها أيضاً؟. يجب أن نتحمل الحصار وأن لا تكون الضغوط داخلية وخارجية معاً".