المناطق الصناعية شمال حلب.. دمار وسرقات و”استهتار” من الحكومة السورية
حلب – نورث برس
لاتزال المنشآت الصناعية والمعامل في ريف مدينة حلب الشمالي عاجزة عن العودة للعمل وإطلاق عجلة الإنتاج، نتيجة ما تعرضت له من دمار وسرقة محتوياتها خلال السنوات والأشهر القليلة الماضية، وسط انتقادات للحكومة السورية من جهة عدم قدرتها على إعادة الحياة والعمل لهذه المنطقة.
وتسبب دخول قوات الحكومة السورية قبل ثلاثة أشهر إلى مناطق كفر حمرة وحريتان وعندان، بعد اشتباكات عنيفة مع فصائل المعارضة المسلحة، بدمار كبير في هذه المناطق، ولا سيّما في المنشآت الصناعية والمعامل التي جرى نهب آلاتها ومعداتها، بالإضافة لتعرّضها للقصف من قبل الطيران الحربي والمدفعية.
ووضع الدمار والنهب أصحاب المنشآت أمام تحديات يصفها بعضهم ب ـ"الكبيرة"، خاصة بعد فشل محاولة البعض منهم في تخطيها، بسبب الأوضاع الاقتصادية ووسط ما يعتبرونه "تجاهل الحكومة"، بالتزامن مع غياب "أي مبادرة لإطلاق العجلة الصناعية".
وقال محمد بكري سكر، وهو صاحب معمل نسيج وتصنيع ستائر يقع في الجهة الشمالية الشرقية من بلدة كفر حمرة، لـ "نورث برس" إنه عاد إلى معمله في البلدة بعد سيطرة القوات الحكومية على المنطقة. لكن "لم أجد سوى الدمار، فحتى محتويات المعمل كانت قد سرقت".
وأضاف سكر: "حاولت جلب آلات جديدة وإعادة تشغيل منشأتي، لكن اصطدمت بالواقع المرير فإدخال الآلات وإعادة التشغيل يحتاج سلسلة من الإجراءات التعجيزية".
وقال: "علي دفع مبالغ كبيرة تحت بند إكراميات للجهات المعنية، ناهيك عن أنّ المنطقة لا زالت خالية من السكان ومن حركة العمل، لذلك عزفت عن تشغيل المعمل بانتظار تبدل الأحوال وتغير الأوضاع اقتصادياً لصالح الصناعة الحلبية".
وقال نائب رئيس غرفة صناعة حلب مجد ششمان لـ "نورث برس" إنه: "من الليرمون ووصولاً لتل رفعت بريف حلب الشمالي، تتوزع مئات المعامل والمرافق الصناعية الكبيرة والصغيرة والمتوسطة، ولطالما كانت هذه المعامل تعتبر من أعمدة الصناعة في حلب، كما كانت تعتبر الأهم والأكثر إنتاجاً قبل إنشاء المدينة الصناعية في الشيخ نجار".
وأضاف: "مع دخول القوات الحكومية حاول الكثير من الصناعيين إعادة تشغيل معاملهم، ولكنهم اصطدموا بواقعٍ مريرٍ، وبنتائج كارثية لتواجد المسلّحين في منشآتهم وقيامهم بسرقة الآلات والمعدات، بالإضافة إلى الدمار الحاصل نتيجة القصف، وغياب أي مشروع للحكومة لتأهيل هذه المنطقة الصناعية الهامة".
وفي هذا السياق اتهم صفوان خالد وهو صاحب معمل بسكويت في ريف حلب الشمالي في حديث لـ "نورث برس" تركيا بلعب "دور سلبي" في التدمير وسرقة آلات ومعدات المعامل والمصانع.
لكنه عبر عن استغرابه من الحكومة السورية ودورها في تأخير وعرقلة عودة المنشآت الصناعية إلى العمل، "لاتزال جميع الخدمات غير متاحة، لا الماء ولا كهرباء، لاسيما الخطوط الصناعية".
وقال خالد إنّ الحكومة "لم توفّر بيئة استثمارية ملائمة، تمكننا من استيراد معدات وآلات وتأهيل معاملنا دون فرص ضرائب ورسوم ودفع رشاوى للجان الحكومية المسؤولة عن الصناعة".
وأضاف: "ما نطلبه هو الجدية من قبل الحكومة السورية في التعاطي مع ملف المعامل والمنشآت الصناعية، خاصة على جانبي الطريق الدولي شمال حلب نظراً لعددها الكبير ونوعيتها".
وفي وقت سابق جابت كاميرا نورث برس هذه المنطقة المحاذية لبلدة الليرمون وجمعية الزهراء، بين المباني والأنقاض، ونقلت حجم الدمار الذي خلّفته الاشتباكات المترافقة مع القصف المدفعي وغارات الطيران الحربي، في منطقة معامل الليرمون الواقعة تحت سيطرة قوات الحكومة السورية في الوقت الحالي.
وخلال الجولة وثقت "نورث برس" رفقة عناصر من القوات الحكومية، وجود ممرات سرية تحت الأرض كان يستخدمها عناصر فصائل المعارضة المسلّحة، خلال سنوات سيطرتهم على المنطقة.
وسيطرت فصائل المعارضة المسلّحة على منطقة الليرمون للمرة الأولى عام 2012 بعد اشتباكات مع قوات الحكومة السورية، وتعرضت المنطقة على إثرها للقصف من القوات الحكومية، ومن طيرانها الحربي إضافة للبراميل المتفجرة من المروحيات الحربية.
واستعادت فصائل المعارضة سيطرتها على منطقة الليرمون في النصف الأول من عام 2015، بعد أن فقدتها لصالح القوات الحكومية، في بداية العام نفسه.
وبعد العام 2015، تناوبت قوات الحكومة السورية وفصائل المعارضة المسلحة في السيطرة على المنطقة، إلى أن سيطرت عليها القوات الحكومية بشكل كامل في السادس عشر من شباط/ فبراير الجاري، والتقدم باتجاه كفرحمرة وحريتان ومناطق أخرى في الريف الشمالي الغربي لحلب.