تدهور الأوضاع الاقتصادية يفاقم الوضع المعيشي لعائلات ذات دخل محدود في دير الزور
دير الزور – صفاء عامر – نورث برس
يتفاقم الوضع المعيشي يوماً بعد آخر لعائلات ذات دخل محدود في دير الزور، شرقي سوريا، وسط التدهور الاقتصادي للبلاد عموماً، ما دفع عشرات منها لاستكمال احتياجاتها الغذائية عن طريق ما تقدمه المنظمات الإنسانية من مساعدات.
"أصبحنا في عداد الفقراء, خسرنا كل ما نملك منذ بداية الحرب، هُجرنا من منزلنا الذي سرق ونهب من قبل المسلحين الذين سيطروا على حيينا, واليوم نحن بلا منزل ونعيش في منزل بالإيجار". هكذا تقول رشا خرابة (46 عاماً)، الأم لستة أولاد والتي تقيم حالياً بحارة "البيجامات" في حي القصور بمركز مدينة دير الزور.
وأوضحت السيدة لـ "نورث برس"، أن زوجها توفي منذ عامين نتيجة أزمة قلبية، وأنها تعتمد اليوم على عمل ابنها الذي يبلغ /20/ عاماً في محل للحلويات، "وما يقوم به من أعمال حرة أيضاً ولكن كل ما يجنيه من مال لا يكفي حاجتنا".
وكانت السيدة قد هجرت من منزلها في حي العرفي منذ سيطرة الفصائل المسلحة على المدينة عام 2012, لتستقر بمنزل في حي القصور إلى أن هاجرت إلى دمشق نتيجة حصار تنظيم "الدولة الإسلامية" لدير الزور سنة 2015, لتعود إلى مدينتها بعد فك الحصار صيف عام 2017.
ونتيجة لظروف مشابهة، تعتمد الأربعينية أم محمد (اسم مستعار) التي تربي أربعة أطفال والمقيمة في حي الجبيلة وسط مدينة دير الزور، على "المعونة المحدودة" التي تتلقاها من منظمة الهلال الأحمر السوري، حيث تتضمن السلة الغذائية مواد أساسية من رز وبرغل وسكر وزيت، بالإضافة لمواد تنظيف.
وفي المجال الصحي ليس لأم محمد إلا الاعتماد على بعض المنظمات المدنية كهيئة "مار أفرام" وما تقدمه في مركزها الصحي من خدمات صحية مجانية.
وكانت السيدة يملك ورشته الخاصة بتصليح السيارات، لكنه خسر محله وورشته خلال سنوات الحرب، ليتلقى أجراً يومياً عن "أعمال حرة" حين تتوفر له.
وتفصح أم محمد في حديثها لـ"نورث برس" أن أشد ما يؤلمها هو أن أولادها يشاهدون أصدقائهم في المدرسة، "ويشعرون بالفوارق بين أوضاعهم المعيشية وأوضاع أقرانهم،.. أفضل الموت ألف مرة في اليوم على أن أراهم بهذه الحالة".
وتوضح السيدة أن ليس بمقدورها تأمين كل متطلبات أولادها الصغار، خاصة بعد ما اضطررت "لبيع قطع الذهب التي كانت تملكها لترميم منزلها بعد أن طالته آثار الحرب أثناء المعارك بين الفصائل المسلحة والقوات الحكومية في عام"2013.
"أنفقنا كل ما جمعناه من المال ما قبل الحرب, مع نزوحنا نحو الرقة ومن ثم العودة للمدينة عام "2014.
أما محمد عمرو الخمسيني من سكان حي الجييلة ، فيحاول جاهداً تأمين متطلبات عائلته عبر عمله في بيع الخضار.
ويقول الأب لخمسة أولاد شاكياً: "لو عملت لـ/24/ ساعة كاملة، فلن أستطيع تأمين متطلبات المعيشة لعائلتي، لأن الأسعار ترتفع كل يوم أكثر ولا طاقة لنا لتحمل الأعباء التي تثقل كاهلنا".
ويختم عمرو حديثه: " الله يفرجها ويرحمنا أحسن شيء".
وكان المركز السوري لبحوث السياسات، قد كشف أول أمس، في آخر تقاريره عن آثار النزاع السوري، أن معدل الفقر الإجمالي في سوريا بلغ /86/ % في نهاية 2019.
وأن انخفاض قيمة الليرة كل مرة رافقه ارتفاع في أسعار المواد بشكل عام، حيث بلغت في آخر انخفاض لها /1,800/ ليرة مقابل دولار أمريكي واحد.
ويؤكد التقرير ايضا أن معدّل البطالة بلغ /42,3/ % مع نهاية عام 2019، بعد أن كان /14,9/% خلال العام 2010.