فقدوا ذويهم في الحرب.. زوجات و أطفال في حلب دون ثبوتيات رسمية

حلب – زين العابدين حسين – نورث برس

 

رغم مرور نحو أربع سنوات على انتهاء المعارك داخل مدينة حلب، شمالي سوريا، وخروج فصائل المعارضة من الأحياء الشرقية والجنوبية، لا تزال نساء من سكان هذه الأحياء يعانين نتيجة افتقادهن إلى أوراق ووثائق تثبت زواجهن أو ولادة أبنائهن، بالإضافة لمعاناة البعض من عدم وجود ما يثبت ملكيتهم لأملاك اشتروها خلال السنوات السابقة من عمر الحرب السورية، حينما كانت الأحياء الشرقية من المدينة خاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة حتى العام 2016.

 

وقالت بيان (اسم مستعار)، وهي امرأة من سكان حي الكلاسة، إنها لا تستطيع حتى الآن أن تسترجع المنزل الذي اشتراه زوجها الذي فقد حياته إثر سقوط قذيفة صاروخية في الحي، وذلك لعدم امتلاكها أوراق ملكية حكومية من جهة، وعدم توفر عقد زواج رسمي من جهة أخرى.

 

وأضافت، لـ "نورث برس"، "لا أملك إمكانية لتوكيل محام خاص لمتابعة قضيتي بشكل رسمي، حتى أستطيع تثبيت نسب ابني وتحصيل حقوقي".

 

وأشارت بيان إلى أنها وبسبب عدم امتلاكها أوراقاً رسمية لعائلتها لم تحصل على الإعانات التي توزعها المنظمات الإنسانية العاملة في حلب وفق دفاتر العائلة والثبوتيات الرسمية. "ما ذنبي إن كنا قد عشنا في منطقة لا توجد فيها دوائر حكومية لنثبت كل شيء قانونياً؟ نحن لسنا إلاَّ ضحايا لهذه الحرب".

 

عائلات كثيرة

 

وقالت جهان سمان، وهي ناشطة حقوقية بمدينة حلب، لـ "نورث برس"، إن أهم مشكلات العائلات المقيمة في مناطق كانت تخضع لسيطرة المعارضة، هي "مشاكل قانونية متعلقة بعدم وجود أوراق ثبوتية رسمية معترفة بها كالأوراق المتعلقة بالزواج والولادة وتثبيت النسب والطلاق والوفاة وتوزيع الإرث وملكية العقارات".

وأضافت أن حل هذه المشاكل يكمن في المحاكم القضائية "عن طريق المحامين ولكن وتيرة هذا الحل بطيئة جداً، نظراً لكثرة عدد هذه العائلات، عدا عن التكاليف التي لا يستطيع الجميع دفعها".

 

وأشارت سمان إلى أنها صادفت عوائل كثيرة، من بينها مثلاً أرملة تزوجت وأنجبت من ثلاثة أزواج دون وثائق، وكل أبنائها غير مسجلين، بالإضافة إلى عائلات "منها من فقد رب المنزل ومنها من خرج الأب من البلاد وبقيت عائلته في حلب".

 

وكانت قوات الحكومة السورية قد قامت أثناء سيطرتها على أحياء حلب في 2016 بإخراج قسم من عائلات مسلحي الفصائل نحو ريف حلب الغربي والشمالي ضمن سياسة نقل العمليات العسكرية من أحياء حلب الشرقية إلى الجهة الغربية، كما أجرت تسوية لقسم آخر من الذين انخرطوا بصفوف القوات الحكومية.

 

تكاليف ووقت طويل

 

ويترتب على كل عائلة تقوم بتوكيل محام حوالي /500/ ألف ليرة سورية تقريباً ما يعادل /270/ دولاراً أمريكياً، وسط افتقاد تلك العائلات لأبسط إمكانات توفير الشروط المعيشية الأساسية.

 

وترى الناشطة الحقوقية "سمان" أن الحل يمكن أن يكون عبر "تكليف نقابة المحامين للأعضاء المسجلين لديها بعدد معين من القضايا شهرياً لمتابعتها مجاناً، بشرط إعطاء ميزات خاصة للمحامين الذين يتولون ذلك، أو تكليف الخريجين الجدد الذين لا يزالون يخضعون لفترة تدريب بهذه المهمة أو السماح بالاعتماد على الوثائق غير الرسمية لإصدار وثائق رسمية، بالاستناد عليها بعد التأكد منها من خلال الشهود".

 

وقالت إن هذا المقترح: "بهدف حل المعضلة وتقليل معاناة الأهالي واختصاراً للوقت بعيداً عن التسويف والبيروقراطية"، حسب تعبيرها.

 

ورغم أن بعض الجمعيات تقدم الاستشارات القانونية في مجال تثبيت الزواج والنسب والطلاق، وتم إضافة بعض أنواع الملكيات العقارية عن طريق برامج ممولة من منظمات أممية عاملة في سوريا، إلا أن تلك الإجراءات لا تخلو من عقبات وصعوبات.

 

وأفاد المحامي فيصل مشلح، "نورث برس"، أنّ الأمانة السورية ومنظمة الهلال الأحمر السوري تقومان بمساعدة هؤلاء الأشخاص ولكن الأمر يستغرق وقتاً طويلاً.

 

وأوضح أن طول المدة يستغرق، "ما بين حلول موعد فتح قسم المساعدة القانونية مروراً بحلول دور المشترك والبدء بمعاملته وانتهاءً بعرض القضية على القضاء، ومن ثم إصدار قرار الحكم فيه وثم تثبيت الأملاك والقيام بإجراءات حصر الإرث".

 

وأضاف مشلح أنه ليست هناك إحصائية رسمية لأعداد الأطفال غير المسجلين حتى الآن، حيث لجأ البعض لتسجيل الأولاد على أسماء أعمامهم والبعض الآخر لا يزال غير مسجل بسبب الإجراءات الروتينية في الأمانة السورية والهلال الأحمر السوري.

 

وتستغرق متابعة هذه القضايا عبر الجمعيات ما بين شهرين إلى ستة أشهر أو أكثر، لا سيما في القضايا التي لا يوجد لديها شهود ولا إثباتات خطية تثبت الزواج والولادات.