"الضمنة" محمية طبيعية في السويداء في مرمى الحرائق والاحتطاب الجائر

السويداء – نورث برس

 

على مساحة تزيد عن /650/ هكتاراً تنتشر على التلال الشمالية الشرقية لمدينة السويداء جنوبي سوريا، محمية بيئية حراجية طبيعية، تُعرف بمحمية الضمنة، ترتفع عن سطح البحر /1200/م و تضم أنواع من الأشجار النادرة والمعمرة، إضافة إلى أنها توفر المأوى منذ العام  2001لعشرات الأنواع من الحيوانات البرية.

 

الاحتطاب الجائر

 

وشأن الكثير من المرافق والثروات الطبيعة في سوريا تعرضت المحمية منذ بدء الأزمة السورية بـ 2011 وحتى اللحظة ، إلى أضرار بالغة، نتيجة الاحتطاب الجائر من قبل تجّار الأخشاب وبعض الأهالي، وذلك نتيجة شح مادة المازوت وتوجه الناس إلى التدفئة على الحطب.

 

وتعود أول حادثة اعتداء مسجلة على المحمية إلى أواخر شهر كانون الأول/ ديسمبر 2013 حين سطا عدد من لصوص الأخشاب عليها وقاموا بتحطيب مئات الأشجار من السنديان المعمرة وأشجار البطم، حيث قُدرت كمية الأخشاب التي قاموا بنشرها آنذاك بنحو /100/ طن.

 

ويقول أنس أبو فخر رئيس دائرة الحراج التابعة لمديرية زراعة السويداء لـ "نورث برس" إن "عدم قدرة السكان على شراء مادة المازوت الحر بسبب ارتفاع سعره، جعل من تلك الأحراج هدفاً ومطمعاً لتجّار الأزمات ولصوص الأخشاب وسبيلاً سريعاً للربح"، وفق تعبيره.

 

وفي خريف العام 2015 تعرضت "الضمنة" مجدداً إلى تحطيب واسع، طال المئات من أشجار السنديان والبطم الأطلسي والبلوط والتوت البري وشجر الزعرور، حيث بلغ سعر الطن الواحد من الخشب المقتطع في سنته بحدود /35/ ألف ل.س، حين كان سعر صرف الدولار آنذاك /150/ ل.س.

 

وفي شتاء عام 2016 تم ضبط عصابة امتهنت قطع الأخشاب في المحمية وفي حوزتهم نحو /50/ طن من الأخشاب التي تم قطعها بواسطة المناشير ، حيث تم إحالتهم إلى القضاء.

 

خفراء موسميين

 

وأضاف "أبو فخر" أن المحمية تعاني من قلة عدد الخفراء /الحراس/ الذين يقومون بحراستها، حيث تراجع عددهم عام 2018 إلى خمسة عشر خفيراً حراجياً لا غير، وهو عدد لا يكفي لحراسة مساحات المحمية الشاسعة.

 

وتحتاج "الضمنة" بحسب تقديرات دائرة الحراج إلى ثلاثين خفيراً على الأقل، مما دفع الجهات المسؤولة في مديرية الزراعة إلى تعيين خفراء موسميين.

 

وفي أيلول/ سبتمبر 2018 تعرضت المحمية إلى اعتداء من قبل جنود سوريين يخدمون في الفوج /44/ المتاخم لحدود المحمية من جهة الشمال الغربي، حيث أقدموا على تقطيع عشرات الأشجار من السنديان المعمر والأشجار الأخرى.

 

ولاقت الحادثة حينها صدى كبيراً في السويداء، حيث تم توجيه أصابع الاتهام من قبل دائرة الحراج إلى ضباط يخدمون في تلك القطعة العسكرية.

 

دور المجتمع المدني

 

وكان للمجتمع المدني دور بارز خلال سنوات الحرب في حماية تلك المحمية وباقي الأحراج في المحافظة حيث أكد "أبو فجر" أنه تطوع مئات الشباب لحمايتها، ليتم تنظيمهم ضمن فرق استطلاع وحماية كما نصبوا خيامهم في الأحراج".

 

وتشكلت في السنوات الثلاثة الأخيرة منظمة مدنية تعنى فقط بالبيئة وزرع الأشجار وحماية الغابات من الأضرار البشرية هي منظمة "أبناء السنديان" تضم الآلاف من شباب وشابات السويداء، وقد ساهمت في زراعة الآلاف من الأشجار في المناطق المتضررة وذلك بدعم من سكان منطقة جبل العرب.

 

حرائق حديثة

 

وكانت المحمية قد تعرضت في الـ 21 من أيار /مايو  الجاري لحريق كبير استمر لساعات طويلة، قبل أن تتمكن أليات الفوج المدني وبمساعدة الأهالي على إخمادها، وهي المرة الأولى التي تتعرض فيها للحرائق.

 

وقدرت مديرية زراعة السويداء مساحة الأراضي التي لحقت بها أضرار جراء الحرائق بـ /2,500/ دونم، ما يزيد عن /500/ شجرة سنديان والصنوبر البري والتوت البري وأشجار السماق، كما تضررت عشرة آلاف شجرة حراجية".

 

وشهدت ساحة السير مقابل مجلس مدينة السويداء وقفة احتجاجية شارك فيها العشرات من سكان المدينة بعد وقوع عدة حرائق في المنطقة شملت الحقول الزراعية و مساحات واسعة من محمية الضمنة شرقي السويداء، حيث طالب المحتجون الحكومة السورية بتحمل مسؤولياتها إزاء الحوادث التي باتت تتكرر في الفترة الأخيرة.

 

أهمية المحمية

 

وترتفع المحمية عن سطح البحر /1,200/ م، وتعتبر من أهم المحميات الطبيعية التي تضم أغنى الغابات متوسطة الكثافة في السويداء، لما تحتويه من أشجار نادرة ومعمرة كأشجار السنديان والبطم الأطلسي وأشجار الملول وتوت العليق والصنوبر البري والمحلب والعديد من الأشجار الحراجية، حيث تغطي أشجار السنديان الدائمة الخضرة ما يقارب /95/ بالمئة و/5/ بالمئة أشجار من أنواع أخرى.

 

وإلى جانب عشرات الأنواع النباتية الطبيعية كالبابونج والقراص والحماض والزعتر البري والمطلوبة للصناعات الدوائية، ونباتات عطرية نادرة كالخزامى ورشاد البري والكزبرة والعكوب والفطور.

 

ويرى "خالد حامد" مدير زراعة السويداء أن عمر أشجار السنديان "يبلغ نحو مائتي عام أو تزيد على ذلك وعلى الجميع العمل والتكاتف لحماية تلك الثروة الطبيعية النادرة من الأضرار الناجمة من الحرائق أو الاحتطاب الجائر".

 

وقد أعلنت المنطقة محمية بيئية حراجية بموجب القرار رقم /35/ تاريخ 2001 وذلك للمحافظة على التنوع النباتي والحيواني فيها، حيث تبلغ مساحتها /6,531/ دونماً، أي ما يعادل أكثر من  /650/ هكتاراً على أرض ذات طبيعة صخرية بازلتية.

 

وتضم المحمية نحو /117,600/ شجرة حراجية، بحسب ما أفاد مسؤول المحمية نزيه عماشة.

 

وساهمت المحمية أيضاً منذ إنشائها في حماية أنواع عديدة من الحيوانات كالضباع والذئاب والثعالب والنمس والسناجب والأرانب والأفاعي الكبيرة، وأنواع مختلفة من الطيور المستوطنة كالحجل والدوري والبومة الجبلية، إضافة إلى طيور مهاجرة موسمية كاللقالق والبط والصقور والنسور وغيرها.

 

 وتعتبر محمية الضمنة إلى جانب محمية اللجاة في السويداء، اثنين من أصل 24 محمية طبيعية في سوريا تعرضت غالبيتها لأضرار بالغة نتيجة سنوات الأزمة التي دخلت عامها العاشر.