"الحرامية".. حي في الرقة من معقل لمسؤولين ثم مسلحين إلى وجهة لنازحين

الرقة- مصطفى الخليل- نورث برس

 

في بناء مكون من طابقين في "حارة الحرامية" بمدينة الرقة، شمالي سوريا، يسكن خالد الخميس (56 عاماً)، والذي ينحدر من ناحية العشارة شرقي دير الزور، مع زوجتيه وأبنائه البالغ عددهم /14/ شخصاً.

 

يقول "الخميس" إن منظمات المجتمع المدني العاملة في الرقة، لا تقدم أي مساعدات للنازحين في الحي كونهم يسكنون في أبنية فاخرة، "تأتي المنظمات إلينا، ويرون أننا نسكن في أبنية فخمة وراقية جداً، فلا يقدمون لنا أي شيء".

 

وغادر غالبية سكان حي "حارة الحرامية" في الرقة منازلهم منذ خروج المدينة عن سيطرة الحكومة السورية عام 2012، ، فمنهم من ذهب إلى العاصمة دمشق ومدينتي حماة واللاذقية، ومنهم من سافر إلى دول الخليج ودول الجوار، بالإضافة إلى من فضلوا اللجوء للدول الأوروبية.

 

وتقع "حارة الحرامية" الذي بدأ العمران فيه في تسعينيات القرن الماضي في الطرف الغربي من مدينة الرقة إلى الغرب من المشفى الوطني وإلى الشرق من حي الدرعية العشوائي.

 

واستطاع بعض سكان الحي ممن كانوا يشغلون مناصب قيادية حساسة في مؤسسات الحكومة السورية "والمحسوبين عليها"، أن يوفروا الدعم للحي ويوفروا مستلزماته الخدمية كاملة قبل عام 2011، حسب ما يذكر بعض أهالي الحي ممن لم يغادروا الرقة حتى الآن.

 

التسمية

 

ويقول سكان من الحي إن التسمية جاءت من اتهامات الناس لعدد من المسؤولين السابقين في الحكومة السورية والذين كانوا يقطنون الحي بالفساد وسرقة المال العام، "مسؤولو النظام هم الذين سرقوا البلد وعمروا الفلل هنا".

 

وأضحى الحي شاهداً على التغيرات التي لحقت بالمدينة لتتحول أبنيته الفاخرة، والتي تهدم العديد منها ولحق الضرر أجزاء بعضها الآخر، إلى مكان يأوي عائلات نازحة معظمها من ريف دير الزور، شرقي سوريا.

 

وعلى عكس "حارة الحرامية" في الرقة، والذي كان يمتاز بشوارعه المستقيمة الواسعة المخدمة والمزروعة بالورود وشجيرات الزينة، كان "حي الدرعية" المحاذي له عشوائياً وأبعد ما يكون عن الخدمات الأساسية والبناء الفاخر.

 

وقال أحمد الحسين (24عاماً)، وهو مصور صحفي من حي الدرعية: "قبل الحرب، كانت السيارات الحديثة تخرج في الساعة الثامنة صباح كل يوم وهي تقل المسؤولين وأبنائهم من حي حارة الحرامية، في حين أن الشاحنات المتوسطة كانت تغادر حي الدرعية نحو الأراضي الزراعية المجاورة مع بزوغ الفجر كل يوم وفي صندوقها الخلفي عشرات من البنات والنساء".

 

وأشار الحسين إلى أن بعض أهالي "حارة الحرامية" كانوا يمنعون أبناءهم " الذين كانوا يرتدون أحدث موضات الألبسة وأغلاها"، من الاختلاط بأبناء حي الدرعية الذين كان بينهم فئة أشبه بالفتوات يطلقون على أنفسهم تسمية "عقارب الدرعية".

 

من المسؤولين إلى المسلحين

 

 وتمكن بعض أهالي "حارة الحرامية" في الرقة، من العودة إلى الحي مؤخراً بعد الاستقرار النسبي الذي تشهده الرقة ليقوموا بإصلاحات على نفقتهم الخاصة في الأجزاء المتضررة من أبنيتهم.

 

وكان مسلحو تنظيم "الدولة الإسلامية"(داعش) في الرقة يطلقون تسمية "حي الحرمين" على "حارة الحرامية" التي اتخذ مسلحون من فئة مهاجري التنظيم بعض أبنيتها كسكن لهم، ومن بينهم من سُمي بـ"والي الرقة" والذي تنقل في بنايات عدة ضمن الحي خوفاً من تحديد مكانه، بحسب ما أفاد به سكان من الحي.

 

وقبيل خسارة عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" مدينة الرقة خريف العام 2017 ومع ارتفاع حدة المعارك ما بين "قسد" والتنظيم، لجأ الأخير للتحصن وحفر الخنادق والأنفاق داخل الغرف والأبنية في منازل حي حارة الحرامية للتخفي بعيداً عن أنظار قوات سوريا الديمقراطية وطائرات التحالف الدولي.

 

ولا تزال الأتربة التي استخرجها عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" من الأنفاق موجودة في إحدى الغرف في منزل وسط حارة الحرامية والذي يقطنه حالياً ماهر الفاضل(47عاماً)، وهو نازح من مدينة العشارة شمال شرق مدينة دير الزور، مع أفراد عائلته المكونة من/15/ شخصاً.

 

وبحسب الفاضل فإن النفق الموجود في مطبخ المنزل الذي يقطنه، "له موزع رئيسي يصل بعدة جهات متصلاً بأنفاق أخرى ضمن حي الحرامية في الرقة".

 

نقص في الخدمات

 

ويقارن أحمد الشريف (55عاماً)، من سكان "حارة الحرامية" في الرقة، وإمام مسجد "العلو" الواقع في الحي، ما بين الحي قبل الحرب وواقعه في وقتنا الحالي، "كان حي حارة الحرامية مميزاً عن باقي أحياء الرقة، أما حالياً كل شيء فيه تغير، فغالبية أهله تركوه و هاجروا، تدهورت الخدمات فالنامس والبق لا يتركننا ننام، ولا توجد كهرباء في الحي".

 

وعاد الشريف إلى  منزله في الحي منذ شهر تقريباً، بعد أن كان قد غادره منذ عام /2011/ إلى بيت أهله الريفي في قرية "الرحيات"، /55/ كم شمال الرقة.

 

ويعاني الحي حالياً من نقص في تعبيد طرقاته ومشكلات في الصرف الصحي، بينما تتوفر مياه الشرب إلى جانب اعتماد سكانه على كهرباء "الأمبيرات"، بينما تنتشر أنقاض وركام المنازل المدمرة كما هو الحال في أحياء أخرى من المدينة.