"أحرقوا المحصول ومنعوا إطفاءه"… مزارعون بريف الحسكة يتهمون الفصائل التابعة لتركيا

تل تمر – دلسوز يوسف – نورث برس

 

على بعد كيلومتراتٍ قليلة من بلدة تل تمر، شمال مدينة الحسكة، يتأمل الرجل الستيني، عبود ميزر، أرضه الزراعية التي تحول محصول الشعير فيها إلى رماد، عقب انتشار النيران فيها بفعل فصائل مسلحة تابعة لتركيا، ليفقد مصدر رزقه الرئيسي أمام ناظريه دون تمكنه من إخماد الحريق.

 

ويخشى مزارعون محليون، بعد أن التهمت النيران عدة حقول زراعية مع بدء موسم الحصاد لهذا العام، من تكرار "سيناريو حرائق" العام الماضي، في حين تعجز فرق الإطفاء و الاستجابة من إخماد الحرائق التي طالت خلال الأيام القليلة الماضية أراضٍ على خطوط التماس بين القوات الحكومة السورية و فصائل مدعومة من تركيا في ريف تل تمر بسبب استهداف آليات الإطفاء، وفق ما يؤكد فوج الإطفاء في تل تمر.

 

وبعد وصول القوات التركية وفصائل المعارضة إلى مشارف قريته "شيخ علي" في تشرين الثاني/ نوفمبر العام الفائت، كان "ميزر" (65 عاماً)، يعيش كغيره من السكان وسط خوف من ممارسات وانتهاكات تلك الفصائل، وذلك قبل أن تتحول مخاوفه إلى "حقيقة" باحتراق محصوله السنوي من الشعير.

 

ويقول الرجل المسن: "احترقت أراضينا ومنها حصتي /50/ دونماً من الشعير بعد وصول الحريق من قرية المناخ التي يسيطر عليها المسلحون التابعون لتركيا، ولم نتمكن من إطفائه بسبب القصف والاستهداف".

 

ويضيف بحزن: "كنت أعتمد على هذا المحصول لكنني فقدته، ولا حول ولا قوة إلا بالله".

 

وتواصل القوات التركية استهداف كل من يقترب من الحدود أو مناطق سيطرتها داخل الأراضي السورية، كان آخرها قتل مزارع في قرية ديرنا آغي بريف جل آغا/ الجوادية يوم أمس الأحد أثناء محاولة حراثة أرضه التي تبعد نحو/  200/متر عن الحدود.

 

ولا تختلف المعاناة بالنسبة لمحمد شيخ علي، وهو مزارع خمسيني من قرية "قبور قراجنة" المجاورة، فقد تعرض محصوله من الشعير للتلف بعد أن التهمتها نيران "قادمة من جهة الفصائل"، على حد قوله.

 

ويقول: "منذ سبعة أشهر والقصف مستمر على قرانا بالرغم من تسيير القوات الروسية دورياتها في المنطقة، وقبل يومين أضرم المرتزقة النيران في محاصيلنا، وقدمت فرق الاطفاء لكنهم لم يستطيعوا الوصول إلى المحاصيل بسبب إطلاق الرصاص عليهم من قبل الجيش الحر".

ويضيف "شيخ علي": "تحولت محاصيلنا إلى رماد أمام أعيننا لكن ماذا نفعل! يتم استهدافنا في حال اقترابنا من الحقل".

 

ويقدر سكان المنطقة مساحة الحقول التي التهمتها النيران في خطوط التماس بفعل مسلحي الفصائل التابعة لتركيا، حتى الآن بنحو /2500/ دونم، وسط استمرار الحرائق في المنطقة، حيث تشاهَد يومياً أعمدة الدخان وهي تتصاعد فوق القرى المحاذية لمناطق سيطرتها.

 

وسجلت بلدة تل تمر حتى الآن ستة حرائق أخرى، ما عدا الحرائق "المفتعلة" التي تعمدت الفصائل المدعومة من تركيا إضرامها، بحسب سجلات فوج الإطفاء في بلدية تل تمر.

 

وقال محمود دعار، وهو مسؤول في فوج الإطفاء ببلدية تل تمر، لـ "نورث برس"، إنهم قاموا بتعميم الأرقام الساخنة على المزارعين، إلى جانب "تحديد آبار على الطرق السريعة للتعامل مع الحرائق في حال كانت تلك الأراضي بعيدة عن مركز البلدة".

 

وأضاف أنهم يتبعون برنامج مناوبات يومي على مدار الساعة، لكنهم لا يملكون سوى "آلية أطفاء واحدة وأربعة صهاريج".

 

وكان موسم العام الماضي قد شهد احتراق مساحاتٍ واسعة من حقول القمح والشعير، شمال شرقي سوريا قُدرت بـ أكثر من /54/ ألف هكتار.