الشمال السوري ـ نورث برس
مع تغير المعطيات على الأرض في ملف القضية السورية ميدانياً وتغيرها في أروقة السياسة الدولية ولدى صناع القرار، فإن سكان الشمال السوري باتت نظرتهم للطرف التركي في الوقت الحالي بعكس ما كانت عليه سابقًا.
وقال الناشط الميداني "أبو البراء قصيراوي" والذي يقطن في منطقة عفرين شمالي حلب، إنه "وبكل صراحة فإن السكان بدأوا يفقدون ثقتهم بالضامن التركي كونه إلى الآن ينفذ اتفاقات دولية تضمن مصالحه فقط بعيداً عن مصلحة السكان".
حدود أستانا
وأرجع "قصيراوي" سبب حديثه هذا إلى أن "تركيا ادعت بداية أنها ستعيد قوات النظام السوري وحلفائه لحدود أستانا والانسحاب من المناطق التي تقدموا إليها، وحتى الآن لم يحصل شيء، وثانياً عدم تحريكها للفصائل التي تمولها في شمال حلب للدفاع عن إدلب والمناطق التي سيطر عليها النظام، وأيضاً إغلاق المعابر بوجه الحالات الإنسانية، وعدم إدخال مساعدات إنسانية كافية".
ورغم كل التهديدات التي يوجهها أردوغان في خطاباته للحكومة السورية وداعميها وبأنها في حال انتهكت وقف إطلاق النار في إدلب فإنها ستكون أمام مشاكل لا تحمد عقباها، إلا أن سكان الشمال السوري باتوا لا يعلقون كثيراً على تلك التصريحات التي ينظرون إلى أنها مجرد تصريحات إعلامية ورسائل لا أكثر.
مرحلة الانعدام
وقال الناشط الإعلامي "أحمد الحموي" والذي يقطن في إحدى بلدات الريف الإدلبي، إن "الثقة بالضامن التركي وصلت إلى مرحلة الانعدام عند شريحة كبيرة من الأهالي، ولكن رغم فقدان الثقة بتنفيذ الضامن التركي بكل تعهداته وكل كلامه إلا أنه يبقى لديهم أمل في أن ينفذ شيئاً منها، ولذلك نلاحظ أنهم يعيشون حالة التناقض ما بين غير المصدق لوعود الضامن التركي وبين من يترجى ويأمل أن ينفذ الضامن التركي لتلك الوعود، وهذا الكلام لمسته عند كثيرين من السكان".
وأضاف "الحموي" أن "الضامن التركي منذ بداية (الثورة) وحتى اليوم لم يصرح أي تصريح ويقف عنده، بداية عندما تكلم أن حماة خط أحمر وحلب خط أحمر وإدلب خط أحمر ورسم الكثير من الخطوط الحمر، إلا أنه لم يقف عند أي خط أحمر وعند أي شيء من وعوده التي أطلقها".
هزائم فقط
وتابع "الحموي" أن "كل ما تلقيناه من الضامن التركي منذ بدء دخوله في اتفاقيات مع روسيا وإيران في أستانا وسوتشي وغيرها حتى تاريخ اليوم هي هزائم فقط لا غير، ولم نتلق بعد التدخل التركي سوى خسارة الأرض وتسليم المناطق منطقة تلو الأخرى بحجة اتفاقيات المناطق الأربع وخفض تصعيدٍ هنا وهناك وبدأ تسليم المناطق واحدة تلو الأخرى".
وأكد "الحموي" أن "الضامن التركي لم يقدم لنا سوى شريط حدودي لإقامة المخيمات كي تجلس الناس في خيام فوق بعضها البعض وهي تفتقر لأدنى مقومات الحياة الإنسانية".
وفي 5 آذار/مارس الماضي، وقع الطرفان التركي والروسي اتفاقاً في سوتشي يقضي بوقف دائم لإطلاق النار في منطقة إدلب، وتسيير دوريات مشتركة على طريق (M4)، إلا أن حالة من الشك والريبة وعدم الارتياح تنتاب السكان تجاه ما جرى في كواليس هذا الاتفاق، وفق ما ذكرته عدة مصادر محلية.
فرض السيطرة
وقال " أبو عبدو زكور" مهجر من ريف حماة إلى ريف حلب الشمالي، إنه "بالنسبة للضامن التركي ومنطقة الشمال السوري فقد أيقنا أن التركي لم يأت ليحارب النظام السوري ولا حتى لترجيع المناطق، إنما جاء ليفرض سيطرته على المنطقة فقط، وما تم تسليمه من مناطق كان على يد تركيا وهو واقع مرير للأسف ولم يعد لنا أي ثقة لا بالطرف التركي ولا حتى ببعض الفصائل".
وأضاف "زكور" أن "التركي جاء بعملية نستطيع القول إنها احتلال ولا في يوم من الأيام فكروا أن ينفعوا (الثورة السورية) إلا للمصلحة التركية، وفي وقت من الأوقات مدت تركيا يدها اليمنى لنا لكن في المقابل التفوا بيدهم اليسرى على (الثورة السورية) وقدموا لروسيا كل مطالبها على طبق من ذهب".
وأشار "زكور" إلى أن "النظام السوري وروسيا حتى اليوم لم يعطوا تركيا ولا مطلب من المطالب التي تحدثت عنها وكذبت علينا فيها، ومنذ بداية الأحداث في الشمال السوري وحتى اليوم لم تأخذ تركيا أي موقع من المواقع التي تحدثت عنها ولم تقدم أي شيء للشعب السوري من انتصارات في (الثورة) إنما ساعدت على تدميرها".
وبعد أن أيقن الطرف التركي أن شعبيته بدأت تخف لدى الحاضنة الشعبية في منطقة إدلب والشمال السوري، قام طيرانه الحربي، قبل أيام، بإلقاء مناشير دعا فيها السكان إلى التعاون مع الجيش التركي بحجة أنه جاء لإحلال الأمن والأمان في المنطقة وأنه يسعى لتأمين عودة السوريين إلى مناطقهم التي هجروا منها، إلا أن كل تلك الدعوات لم تلق أي صدى بين السكان، بحسب مصادر أهلية.