كانت تنشر التآلف خلال رمضان.. “الطعمة” عادة اجتماعية غيبها الغلاء في الرقة
الرقة – مصطفى الخليل – نورث برس
على خلاف السنوات الماضية، عادات وتقاليد اجتماعية قديمة اختفت بشكل شبه كامل في مدينة الرقة، شمالي البلاد، ومناطق سورية أخرى بسبب تدهور الظروف الاقتصادية، ومنها عادة "الطعمة" أو كما تسمى في مناطق أخرى بـ"السكبة الرمضانية"، حيث اعتاد الناس قديماً قُبيل فترة الإفطار بلحظات على إرسال أطباق من الطعام إلى الجيران.
ومع اقتراب نهاية رمضان هذا العام، يتحسر بعض السكان على انحسار تلك العادات التي كانت تنشر التآلف بين الناس، بينما يخشى آخرون من استمرار تدهور الوضع الاقتصادي لسنوات وهو ما ينذر بالتخلي عن قيم اجتماعية وعادات شاعت في المنطقة منذ عصور.
ويرى فادي الجعبر (22 عاماً)، من حارة القويدر في شارع سيف الدولة، أن الطعمة عادة قديمة بين الجيران لكنها باتت صعبة في الوقت الحالي، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق، فكل عائلة تشتري فقط كفايتها من الطعام ".
ويعمل "الجعبر" في محل تركيب بلورات، بالقرب من جامع عمر بن الخطاب، وسط شارع سيف الدولة، وأجرته اليومية لا تتعدى /1500/ ليرة سورية، في حين أن مصاريف معيشته، هو وعائلته، تصل بشكل وسطي، إلى عشرة آلاف ليرة سورية يومياً، على حد قوله.
وتشهد أسواق الرقة ركوداً اقتصادياً، وضعفاً في حركة التسوق، بسبب انهيار قيمة الليرة السورية أمام سعر صرف الدولار الذي تخطى مؤخراً حدود الـ /1600/ ليرة سورية، الأمر الذي أدى إلى "غلاء فاحش" لم تشهده سوريا منذ اندلاع الحرب عام 2011.
وبلغ ثمن الكيلوغرام الواحد من البندورة ألف ليرة سورية في أسواق الرقة، ووصل كيلوغرام البطاطا إلى /500/ ليرة سورية، بينما بلغ سعر كيلو الرز /1200/ ليرة سورية، بحسب بائعي خضار من الرقة.
وقال محمد الصفو (32 عاماً)، وهو صاحب مطعم، لبيع اللحوم في شارع المنصور، إن "الطعمة كانت تقليداً وعادة جميلة في الرقة، تضفي تآلفاً بين الجيران خصوصاً في شهر رمضان".
وأضاف أن سبب اختفاء تقليد "الطعمة" هو أن كل شخص مشغول بأمور عائلته وحاجاتها الأساسية، ما يجعلهم يهملون التقاليد الاجتماعية.
وقالت فوزة العلي (47 عاماً)، وهي متزوجة تعيش مع زوجها وأولادها الثلاثة في الرقة، "خفَّت الطعمة بين الجيران، وأصبحت على نطاق ضيق جداً، في أيامنا هذه".
وأضافت "العلي" أنها استقبلت خلال شهر رمضان الجاري، خمسة أطباق من إحدى صديقاتها ولم تستطع أن ترد لها الأطباق على نحو مماثل كما جرت العادة، سوى مرتين فقط، لأنها تعاني من "أوضاع معيشية سيئة"، على حد تعبيرها.