رغم الكارثة الاقتصادية المتوقعة.. مصادر محلية: تركيا تمتنع عن دعم الشمال السوري

الشمال السوري ـ نورث برس

 

حذرت مصادر محلية في منطقة إدلب شمالي سوريا، من كارثة اقتصادية على موعد معها المنطقة بسبب الانهيار المتسارع لليرة السورية مقابل العملات الصعبة، إضافة لقرب تطبيق الإدارة الأمريكية لقانون العقوبات "قيصر" على الحكومة السورية، مشيرين في الوقت ذاته إلى غياب أي دور تركي لدعم تلك الأوضاع الاقتصادية المنهارة من خلال فرض التعامل بالليرة التركية بدلاً من السورية.

 

ووسط تلك التحذيرات يطفو على سطح الكارثة الاقتصادية المتوقعة في الشمال السوري، استفسارات حول المصلحة الكامنة لتركيا أو مخاوفها من فرض التعامل بالليرة التركية بدلاً من السورية، ومدى قابلية سكان الشمال السوري في الأصل للاستجابة لتلك الخطوة في حال تمت.

 

اعتماد الليرة التركية

 

وفي هذا الصدد قال المحلل السياسي الدكتور "مأمون سيد عيسى" والمقيم في منطقة إدلب لـ "نور برس"، إن "الأتراك من مصلحتهم أن تُعتمد الليرة التركية في الشمال السوري، حيث أن هنالك كم كبير من الدولار يصب في تلك المنطقة من رواتب الموظفين والعسكريين، إضافة لمساعدات تصل لسكان المنطقة من أهاليهم في دول عربية وغربية، حيث سيتم تبديل الدولار بعملة تركية لو تم اعتماد العملة التركية للتعامل على مستوى جملة ومفرق".

 

وأضاف، "لكن الأتراك لديهم أولويات ومصالح متعددة مع الروس منها مصالح اقتصادية ومصالح استراتيجية، وبالتالي فإن قيام تركيا بتكريس التعامل بالليرة التركية بدل الليرة السورية في تلك المناطق سوف يساهم في إضعاف اقتصاد النظام عبر قطع العمليات التجارية".

 

ويتم بموجب تلك العمليات بيع بضائع قادمة من الحكومة السورية وقبض ليرة سورية ثمنها، وقطعُ عملياتِ تبديل الدولار الذي كان يخرج من مناطق الشمال السوري ويدخل بدلاً عنه العملة السورية التي ليس لها رصيد مثل فئة الـ /2000/ ليرة سورية، حيث لن تكون العملة السورية مطلوبة في تلك المنطقة لو اعتمدت الليرة التركية فيها، بحسب "عيسى".  

 

وتضم تلك المناطق حوالي /4.2/ مليون نسمة، "وهو ليس بالقليل، وبالتالي فإن إضعاف اقتصاد النظام بالطبع ليس من مصلحة الروس"، حسبما أوضح "عيسى".

 

كارثة اقتصادية

 

وفيما يتعلق بالكارثة الاقتصادية التي تتهدد الشمال السوري قال "سيد عيسى" إن "المؤشرات تدل على كارثة اقتصادية قادمة لمناطق الشمال السوري بسبب انهيار الليرة السورية المتوقع في الأشهر المقبلة مع تطبيق قانون سيزر الشهر المقبل".

 

وأضاف المحلل السياسي، أن هناك أسباباً أخرى، أهمها قضية رامي مخلوف وغيرها، على اعتبار مناطق الشمال السوري تتعامل بالليرة السورية وأغلب أسعار المواد ترتبط بالدولار، "فقد لاحظنا ارتفاع الأسعار بنسب كبيرة تصل إلى /150/% في تلك المناطق، بالترافق مع انهيار الليرة السورية الذي تصاعد منذ أيار/ مايو الجاري".

 

انهيار قادم

 

وأشار إلى أنه "مع الانهيار القادم والكبير المتوقع في سعر صرف الليرة السورية، سوف يحل ارتفاع هائل في أسعار المواد في تلك المناطق، وهذا سوف يؤدي إلى شلل في الأسواق خاصة أن مستوى دخل الفرد منخفض جداً ولا يجاري ارتفاع الأسعار ما يسبب مشاكل اجتماعية عديدة".

 

لا بديل عن الليرة السورية

 

وعلى الرغم من تعالي الأصوات التي تدعو إلى ضرورة التعامل بالليرة التركية بدلاً من الليرة السورية في مناطق الشمال السوري، وأن تبدأ الجهات التي تعطي رواتب صرفها بالليرة التركية بدلاً من الليرة السورية، محذرين من أن الأيام القادمة ستكون صعبة جداً، إلا أن الحاضنة الشعبية في منطقة إدلب ترى عكس ذلك وأنه ليس لديهم رغبة باعتماد الليرة التركية في تعاملاتهم.

 

وفي هذا الصدد قال "فادي الإدلبي" ناشط إعلامي المقيم في ريف إدلب لـ"نورث برس"، إنه "من الطبيعي أن أي دولة في العالم تحاول توسيع نفوذها الاقتصادي لتحمي حالها من تذبذب سوق العملة، وتركيا تسعى إلى ذلك في شمال سوريا بدليل أنّ كافة المعاملات والإجراءات في المجالس المحلية بمنطقتي السيطرة التركية في الشمال السوري تتم بالعملة التركية، إضافةً إلى أنّ الرواتب الرسمية هناك تُدفع أيضاً بالعملة التركية.

 

وأضاف أن "في شمال سوريا يوجد تجار برؤوس أموال لا يستهان بهم، والحركة التجارية بين تركيا وتلك المناطق ضخمة جداً لا سيما بالاستيراد، وبالتالي لو أراد التجار التعامل بالعملة التركية لاستطاعوا فرضها في الأسواق بكل بساطة".

 

وأشار إلى أن ما يمنعهم عن ذلك بحسب اعتقاده، "تخوفهم من عدم استقرار العملة التركية أولاً، وثانياً للحفاظ على أرباح أكبر نتيجة هبوط الليرة السورية الذي يخدمهم كونهم يتعاملون فيما بينهم بالدولار الأمريكي".

 

وتابع أن "أغلب الآراء الشعبية في الشارع تتخوف من استبدال العملة السورية إلى التركية، بسبب عدم ضمان منع انتقال أسعار الأسواق في تركيا إلى الأسواق السورية، خاصة وأن سعر صرف الليرة التركية في الشمال السوري وصل لعتبة الـ 200 ليرة سورية".