تفاقم الأوضاع المعيشية في مراكز إيواء النازحين بريف الحسكة الشمالي
تل تمر – دلسوز يوسف – نورث برس
في باحة مدرسة اتخذت كمركز إيواء لنازحين وسط بلدة تل تمر، /40/ كم شمال مدينة الحسكة، يلهو أطفال حفاة، بينما يجلس مسنون على درج أمام باب المدرسة يتبادلون أطراف الحديث حول تدهور أوضاعهم المعيشية إلى حد وصفها من قبل بعضهم بالمجاعة، وذلك بعد تهجيرهم بسبب الهجوم العسكري التركي على مناطق سري كانيه وتل أبيض في تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي 2019.
وقال حميد عبدالله (52 عاماً)، الذي ينحدر من قرية المناجير بريف تل تمر، إن معظم معاناتهم هي بسبب ارتفاع الأسعار، "فوضعنا المعيشي حالياً سيء للغاية، كما أن فرض حظر التجول والإجراءات الوقائية أثرت علينا بشكل كبير".
وحذر من أن الأمور تتجه "نحو الأسوأ" وباتت "المجاعة تطرق الأبواب"، مع عدم تقديم المنظمات أي مساعدات لهم منذ شهر ونصف رغم ما يعانونه بعد تهجيرهم من قراهم.
وجددت الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا، الاثنين، تمديد فترة حظر التجول اعتباراً من يوم غد وحتى نهاية عطلة عيد الفطر، مع السماح لكافة المحلات والمهن بفتح المحال من الساعة السادسة صباحاً وحتى السابعة مساءً، مع مراعاة قواعد الوقاية الصحية والتباعد الاجتماعي.
ومقابل غرفة ليلى كاسو (32 عاماً)، وهي نازحة من مدينة رأس العين/سري كانيه، أوساخ تملأ المكان وسط انتشار روائح كريهة، دون اكتراث لأدنى مقومات النظافة والحماية من الأمراض، حتى بعد تهديد جائحة "كورونا" للسكان المحليين وتسجيل إصابتين في منطقة الجزيرة.
وقالت كاسو إن المنظمات " لا تقدم لنا المساعدات، والنظافة في هذه المدرسة معدومة، خاصة وأن الدود والقمل وجميع أنواع الجراثيم منتشرة في أرجاء المدرسة"، مطالبة المنظمات الإنسانية بزيارة مكان إقامتهم والنظر في حالتهم المعيشية "الميؤوسة"، على حد تعبيرها.
وأضافت، "نحن على أعتاب عيد الفطر والجميع هنا لا يمكنه شراء مستلزمات أطفالهم وعائلاتهم لأن الوضع المعيشي مأساوي جداً".
وتشهد الأسواق عموماً في شمال شرقي سوريا ارتفاعاً في أسعار السلع نتيجة الانهيار المتسارع لقيمة الليرة السورية أمام الدولار الذي بات على أعتاب /1500/ ليرة سورية، بحسب صرافين من القامشلي، ما يزيد من معاناة السكان المحليين وبشكل خاص النازحين حيث باتت بعض العوائل النازحة تقتات الخبز فقط نتيجة الحالة المعيشية المتردية.
وقال خليل خلو، رئيس لجنة شؤون المنظمات الإنسانية في بلدة تل تمر، لـ "نورث برس "، إن "النازحين يعيشون ظروفاً صعبة بسبب غياب فرص العمل واعتمادهم بشكل رئيسي على مساعدات تقدمها المنظمات الإنسانية".
وانسحبت معظم المنظمات الدولية العاملة في منطقة شمال شرق سوريا، بعد بدء الهجوم التركي في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الفائت، بحجة "لا يستطيعون العمل في ظل هذه المعادلة السياسية والعسكرية" بحسب تصريحات لمكتب شؤون المنظمات في "إقليم الجزيرة" .
ورغم الهدوء الذي يسود مركز بلدة تل تمر وأريافها الجنوبية والغربية والشرقية، إلا أن منظمات إنسانية عاملة في المنطقة تغض النظر حيال "تدهور أوضاع نازحين إلى تحت خط الفقر", بحسب "خلو".
وذكر رئيس مكتب شؤون المنظمات، خالد إبراهيم، في وقت سابق لـ "نورث برس " أن المنظمات والجمعيات المحلية هي من قامت بتقديم المساعدة الأكبر للنازحين رغم إمكانياتها الضعيفة".
وفي هذا الإطار تتهم الإدارة الذاتية ومنظمات محلية منظمات الأمم المتحدة بالعمل وفق قرارات الحكومة السورية، وسياسات بعض الدول الإقليمية ولا تقوم بدورها المطلوب.
وتقول إحصائيات رسمية من لجنة شؤون المنظمات بتل تمر، إن الهجمات التركية في العام الماضي تسببت بنزوح نحو ثلاثة الآلاف عائلة إلى منطقة تل تمر يبلغ تعداد أفرادها قرابة /30/ ألف شخص جلهم أطفال ونساء تم إيواءهم في مخيمات وقرى ومدارس اتخذت كمراكز إيواء.
وتسببت سيطرة القوات التركية والفصائل التابعة لها على منطقتي سري كانيه وتل أبيض، بنزوح أكثر من /300/ ألف شخص، بحسب بيانات للإدارة الذاتية.