دير الزور – صفاء العامر – نورث برس
يضطر موظفون لدى المؤسسات الحكومية في مدينة دير الزور وغيرها من المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية إلى ترك وظائفهم لدى القطاع العام أو ممارسة عمل ثانٍ نتيجة ازدياد الفجوة بين الراتب الحكومي والمصاريف الشهرية، وخاصة بعد الارتفاع غير المسبوق في أسعار المواد الغذائية وانخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي.
عمل خاص
وقال عماد أبو عمر (37 عاماً)، وهو معلم ترك الوظيفة منذ عامين، إنه كان يتذمر في السابق من كثرة الأقساط التي يتوجب عليه دفعها في آخر كل شهر، من صاحب البقالة الذي ينتظر نصيبه من الراتب الذي لا يأتي إلاّ وقد صُرف بأكمله.
ويضيف عماد، الذي افتتح محلاً لبيع المواد الغذائية، "حالي اليوم أفضل عن السابق فدخلي الشهري أضعاف الراتب الحكومي الذي كنت أتقاضاه".
ويبلغ متوسط رواتب وأجور العاملين في القطاع العام في سوريا حوالي /50/ ألف ليرة سورية (حوالي 35 دولاراً), في حين يساعد العمل الإضافي الموظفين على تدبير الأمور المعيشية لعائلاتهم.
"الوظيفة سند"
وقال محمد الحمود (26 عاماً)، وهو موظف في مديرية التربية، إنه يعمل في محل للتوابل "بزورية" بعد انتهاء دوامه الرسمي لأن الراتب لا يكفي ويذهب جزء كبير منه كقسط شهري لإيجار المنزل الذي يسكنه، "فقد أصبحت الحياة كلها شغل بشغل".
وأضاف، لـ "نورث برس"، أنه لا يستغني عن الراتب الوظيفي على الرغم من قلته، فهو "سند" على حد تعبيره، على عكس العمل الحر الذي من الممكن أن تمر أيام دون أن يجني شيئاً.
وكان آخر قرار لزيادة الرواتب والأجور في القطاع العام قد نص نهاية العام 2019 على زيادة /20/ ألف ليرة سورية على كافة رواتب العاملين في الدولة بمختلف الفئات.
وانقطع كثير من الموظفين في دير الزور وريفها عن وظائفهم في المؤسسات الحكومية خلال السنوات السابقة نتيجة سيطرة فصائل مسلحة، من بينها تنظيم "الدولة الإسلامية" على مساحات من المنطقة، ما أجبرهم على ممارسة أعمال أخرى مع نزوحهم.
وقال عدي الشاهر (50 عاماً)، إنه كان يعمل في معمل حكومي لصناعة الورق بمدينة دير الزور، ونتيجة وقوع المعمل بمنطقة سيطرة الفصائل المسلحة، اضطر للسفر وعائلته إلى محافظة دمشق خلال العام 2013.
ويعلّق "الشاهر"، على عمله حالياً بأحد معامل الأدوية الخاصة في ريف دمشق، "على الرغم من أن ظروف العمل الخاص أقسى وأصعب إلا أن دخلي جيد الآن ويكفي لتحمل الظروف الصعبة التي أعاني منها أنا وعائلتي".
ويشير تصنيف "التعويض العائلي" في رواتب العاملين في القطاع الحكومي في سوريا إلى مبالغ متدنية بسبب عدم تغييرها من قبل الحكومات السورية المتعاقبة، فيستلم الموظف /300/ ليرة كتعويض عن إعالة زوجته، إلى جانب /200/ ليرة عن الطفل الأول، و/150/ ليرة للطفل الثاني، أما بعد إنجاب الطفل الثالث فيزيد الراتب بمقدار مئة ليرة.
لا جدوى من التوظف
تقول الشابة بيان (50 عاماً)، وهي خريجة كلية الآداب بجامعة الفرات إنه ما من جدوى من التوجه إلى التوظيف الحكومي.
وأضافت "لا أنتظر مسابقات التوظيف الحكومية، وأفضّل إعطاء الدروس الخصوصية للطلاب في المنزل لأن المردود أفضل بكثير جداً، وحسب أوقاتي التي أرغب بها دون الالتزام بساعات محددة للدوام".
وتخطت الليرة السورية، هذا الأسبوع، حاجز الـ 1400 ليرة مقابل الدولار في السوق غير الرسمية، ما يعني أن الدولار صعد أكثر من /25/ ضعفاً مقابل الليرة، منذ بدء الأزمة السورية في آذار/ مارس 2011، البالغ حينها نحو /50/ ليرة.