مخاوف من تدني إنتاج موسم القمح بالجزيرة السورية بسبب "كورونا والغلاء"
القامشلي – ريم شمعون/ شربل حنو – نورث برس
واجه مزارعو محصول القمح في مقاطعة الجزيرة، خلال الموسم الزراعي الحالي، عدة مصاعب قد تؤدي إلى نقص إنتاج محاصيلهم هذا العام، نتيجة انتشار وباء كورونا في الدول المجاورة وتدهور قيمة الليرة السورية الذي أدى لزيادة تكاليف تأمين مستلزمات محاصيلهم، بالإضافة إلى انتقادات للتسعيرة المحددة من قبل الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا.
وقال كبرو شمعون (55 عاماً)، وهو مزارع من قرية الشلهومية بريف القحطانية/ تربه سبيه، لـ"نورث برس"، إن الصعوبات التي يواجهها المزارعون في الموسم الحالي أكثر من السنوات السابقة بسبب ارتفاع تكاليف الأسمدة والبذار والمبيدات الحشرية، بالإضافة إلى أن تكاليف تعبئة المحصول بالأكياس ونقلها إلى مركز التخزين والبيع تزيد من أعبائهم.
وأضاف أن السعر المحدد للقمح من قبل الإدارة الذاتية بـ /225/ ليرة سورية للكيلوغرام الواحد، "لا يناسب بتاتاً"، فقد وصل سعر الطن الواحد من السماد إلى /400/ دولار أمريكي مع انخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار.
بالإضافة إلى أن المبيدات الحشرية التي حصل عليها المزارعون هذا الموسم، "كانت تفتقد الجودة ولا تقتل الحشرات الضارة".
وقال حسني حانون، وهو رئيس الهيئة السريانية للقرى الزراعية (مؤسسة مدنية تعنى بشؤون المزارعين السريان في الجزيرة السورية) إن الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الذاتية لمنع تفشي فيروس كورونا كانت "جيدة" عموماً للسكان، لكنها انعكست بشكل سلبي على المزارع نتيجة انقطاعه عن أرضه قرابة الشهر خلال الفترات الأولى من الحظر.
وانتقد تعميم الإدارة الذاتية القاضي بنقل عشرة عمال فقط على متن المركبة الواحدة للوقاية من كورونا، "كان له تأثير سلبي أيضاً لأن بعض المحاصيل كالكمون والكزبرة وحبة البركة تحتاج لعناية مستمرة، وعدد كبير من العمال لمكافحة الأعشاب الضارة والآفات الزراعية التي قد تظهر في هذه المحاصيل".
وأشار حانون إلى أن منطقة الجزيرة تفتقر إلى جولات الخبراء الزراعيين لمعالجة الآفات الزراعية، "لا تقوم الإدارة الذاتية ولا حتى الحكومة السورية بتكليف الخبراء بزيارات ميدانية إلى الأراضي الزراعية للكشف عن المحاصيل والمشاكل التي قد تظهر فيها من أوبئة وأمراض".
ومن جانبه، قال سليمان بارودو، الرئيس المشارك لهيئة الاقتصاد والزراعة في الإدارة الذاتية، لـ"نورث برس"، إنهم أصدروا تعميم السماح للمزارعين بالتنقل، بهدف المحافظة على حيوية القطاع الزراعي.
وأضاف أن هيئة الزراعة تضم وحدات إرشادية ومهندسين زراعيين اختصاصيين، مهمتهم متابعة المحاصيل والكشف عن الآفات الزراعية التي تجتاح المحاصيل، وأنه بإمكان كل مزارع أو فلاح مراجعة تلك الوحدات لمتابعة محصوله الزراعي.
وقال الرئيس المشارك لهيئة الاقتصاد والزراعة أيضاً إن قسم الوقاية في الهيئة يعمل الآن على رش المبيدات على أطراف الطرق الرئيسية المتاخمة للأراضي الزراعية لمكافحة الحشرات والأعشاب الضارة وخصوصاً حشرة "السونة" التي تأتي من المناطق الحدودية والتي تظهر بشكل كثيف في هذا الوقت من السنة.
وقامت هيئة الاقتصاد والزراعة في الإدارة الذاتية بتأمين السماد وبيعه "بسعر التكلفة /380/ دولاراً أمريكياً"، لكن بعض المزارعين اشتروا الأسمدة من السوق السوداء بسعر /400/ دولار للطن الواحد خلال فترة إغلاق معبر سيمالكا مع إقليم كردستان العراق في آذار/ مارس الماضي.
وتقول الهيئة إن "تحديد تسعيرة القمح مرتبط بسعر التكلفة وليس بسعر صرف الدولار اليوم"، وأنهم "لا يشترون المحصول من المزارعين بهدف المتاجرة والتصدير، إنما يحتفظون به في مخازنهم لبذار المواسم القادمة وكذلك لإنتاج مادة الدقيق للأفران العاملة في المنطقة".
وتعتمد نسبة كبيرة من سكان منطقة الجزيرة، شمال شرقي سوريا، في معيشتهم على زراعة مساحات واسعة من القمح والشعير في كلّ عام، لكن تدهور الواقع الاقتصادي وكذلك ارتفاع التكاليف الزراعية وعدم الرضى عن تسعيرة المحصول التي حددتها الإدارة الذاتية خلق حالة من الاستياء لدى المزارعين لدرجة الحكم بأن الزراعة باتت "عملية خاسرة".
ويقدر خليل حسن، وهو مهندس زراعي من مدينة القامشلي، تكلفة الهكتار الواحد من زراعة القمح البعلي خلال الموسم الحالي بـ/153 ألف/ ليرة سورية، " فلو حددت الإدارة الذاتية تسعيرة القمح بما يقارب /270/ ليرة سورية لكان عاملاً مساعداً في تحسين مستوى مردود المزارع، حيث يبلغ سعر الطن الواحد للقمح في الأسواق العالمية /200/ دولار".
وأشار حسن إلى أن ازدياد مصاريف موسم هذا العام، يعود لاستهلاك كميات أكبر من الأسمدة والمبيدات الزراعية، مقارنةً مع العام الماضي حيث لم يكن المناخ يستوجب استخدامها بالكميات المعتادة، فيما يبقى سعر هذه المواد ثابتاً بالدولار في الأسواق.
وسبب ارتفاع تكاليف زراعة القمح الذي يعتبر أحد المحاصيل الاستراتيجية في سوريا، خلال سنوات الأزمة وغياب الدعم للمزارعين في مناطق الجزيرة السورية إلى توجه غالبيتهم، وخاصة في مناطق خط العشرة ذات المعدلات العالية للأمطار والمحاذية للحدود التركية، إلى تفضيل زراعة المحاصيل العطرية والطبية كالكمون والكزبرة وحبة البركة التي تحتاج إلى تكاليف وجهود أقل.