"بساتين الخيام".. مساحات صغيرة تخفف عن مهجري عفرين قسوة النزوح
ريف حلب الشمالي- دجلة خليل- نورث برس
بجوار خيمته في مخيم "برخدان" في قرية فافين بريف حلب الشمالي، يقوم رشيد محمد (54عاماً)، أحد مهجري منطقة عفرين، بسقاية مزروعاته من مختلف أنواع الخضار، وقطف ما نضج منها، وتنظيف الحشائش التي نمت بجوارها.
هو عمل اعتاد عليه محمد ومهجرون في مخيمات بريف حلب الشمالي عن طريق استغلال بضعة أمتار بجوار خيمهم لزراعتها بأنواع من الخضار، كالفول والخس والباذنجان والبقدونس والنعناع والبصل وغيرها، وذلك بهدف الاستفادة منها في ظل ارتفاع أسعار الخضار والمواد الغذائية الأخرى، والتي تفاقمت مع بدء حظر التجول وحلول شهر رمضان.
ويرى محمد أن الكثير من مقيمي المخيم، "يتلمسون في زراعة تلك الأمتار القليلة بجوار خيمهم راحة نفسية، تخفف عنهم الحنين إلى مساحات عفرين الخضراء التي أجبروا على تركها".
اكتفاء ذاتي
وقال محمد إن المساحة الصغيرة تساعده في تأمين حاجته من الخضار بعد عجزه عن شرائها من الأسواق في ظل ارتفاع أسعارها، مشيراً إلى أن الأنواع التي زرعها تكفي عائلته وعائلة أخيه، "قبل تهجيرنا من عفرين، كنا معتادين على الزراعة بمساحات كبيرة في أراضينا هناك، لكنني أعتمد هنا على هذه المساحة الصغيرة فقط".
ووصل سعر الكيلو غرام من البندورة في مخيمات وبلدات ريف حلب الشمالي إلى ألف ليرة مع بدء شهر رمضان، فيما ارتفع سعر البطاطا إلى /600/ ليرة للكيلوغرام الواحد، بحسب بائعي خضار في مخيمات ريف حلب الشمالي.
وقامت أسمهان مصطفى(50عاماً)، وهي مهجرة من منطقة عفرين وتقطن في مخيم "سردم" بالقرب من قرية تل سوسين بريف حلب الشمالي، بزراعة الكوسى والفجل والبقدونس، بالإضافة لزراعة بعض الورود.
تقول: "اعتدت على رؤية الخضار حولي، لم أعتد على السكن في مكان دون أن يكون مزروعاً بالخضار أو الورود، لم أترك مساحة حول خيمتي وإلا زرعتها بالخضار والورود، حتى أنني زرعت داخل العلب الصغيرة وأكياس البلاستيك".
"حنين"
تتذكر أسمهان زراعتها لهذه الأصناف في عفرين خلال أعوام سابقة ، "كانت عائلتي تعرف بزراعتها للبساتين والخضروات وكنت أساعد والدي بالزراعة، كنت أزرع جميع أنواع الحبوب والخضروات".
ولم يقتصر إنتاج هذه المساحات على تلبية احتياجات العائلة، بل إن بعض النازحين استطاعوا جني مردود بسيط من زراعتهم عبر بيع الفائض القليل من منتجاتهم.
وتعيش /1.765/ عائلة مهجرة من منطقة عفرين، تضم أكثر من سبعة آلاف شخص، في خمسة مخيمات بريف حلب الشمالي هي (العودة، وبرخدان، وسردم، والشهباء، وعفرين)، وفق آخر إحصائيات هيئة الشؤون الاجتماعية في الإدارة الذاتية لمقاطعة عفرين والتي تعمل في مناطق من ريف حلب الشمالي.
مردود مادي
وزرع إبراهيم علي (47عاماً)، وهو مهجر من منطقة عفرين ويقطن في مخيم "سردم" أيضاً، شتلات الخضار وغراس الورود داخل الأكياس بجوار خيمته وخيمة جاره بهدف بيعها للسكان والمهجرين، "زرعت حوالي /500/ شتلة من شتلات الورود والخضار وأقوم ببيعها بأسعار رمزية لا تتجاوز الـ/200/ ليرة، كما أوزعها مجاناً في حال لم يملك الراغب بها المال".
وكان علي قد زرع العام الماضي الملوخية والخس بجوار خيمة جاره "وقد قمنا بتقاسم الإنتاج وتوزيع الفائض منه أيضاً"، في حين أراد هذا العام الاستفادة من فترة الحجر الصحي من خلال زراعة الشتلات في الأكياس، حسب ما يقول.