مخيم "المقص" في الرقة.. عائلات تتمنى "وجبة إفطار مناسبة"
الرقة- مصطفى الخليل- نورث برس
في مخيم عشوائي بمنطقة الكسرات /4/ كم جنوب مدينة الرقة، تقوم جازية الرجا (56 عاماً)، بإشعال الحطب قُبيل موعد الإفطار بساعة، علها تتمكن من طهي وجبة إفطارهم المكونة من الكوسى فقط، كانت قد حصلت عليها بناتها أثناء عملهن لقاء أجر لا يتعدى مئتي ليرة سورية في الساعة الواحدة، في الحقول الزراعية المجاورة للمخيم.
ولا توجد لدى "الرجا" أي طريقة أخرى للطهي سوى النار والحطب، فأوضاعها المادية متردية، وتقول إنها لم تحصل على أي مساعدات ولا دعم من أي جهة.
وكانت السيدة قد نزحت وزوجها وبناتها التسع، منذ قرابة ثلاث سنوات من مدينة معدان/65/ كم شرق مدينة الرقة، ليستقر بهم الحال في مخيم "المقص" العشوائي، مع نحو أربعين شخصاً آخر، كانوا قد نزحوا بفترات متفاوتة من مدينة معدان وأرياف مدينة حماة الشرقية وسط البلاد.
ويقطن في مناطق من الرقة وأريافها نازحون من مناطق سورية عديدة، بعضهم يعيش في مخيمات عشوائية ضمن خيم بنوها على نفقتهم الخاصة، في حين تشرف الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا مع مجلس الرقة المدني على باقي المخيمات.
وقبل اشتعال فتيل الحرب في سوريا، كان موسى الشنخر (76 عاماً)، المقيم في مخيم "المقص" العشوائي، يعيش في قريته "مغله كبيرة" /52/ كم شرق الرقة التابعة لمدينة معدان، ويعمل في أرضه الزراعية، حيث كانت أوضاعه المادية آنذاك " جيدة، ومستقرة"، حسب قوله.
وبسبب الحرب، وتعاقب سيطرة الفصائل العسكرية، أّجبر "الشنخر" على ترك بيته وأرضه برفقة عدد من سكان منطقته الواقعة حالياً تحت سيطرة قوات الحكومة السورية، إذ أنه وجد مأوى في خيمة بمنطقة "المقص"، يعيش فيها هو وزوجته، وبناته التسع، اللواتي يعمل ثلاثة منهن في الحقول والأراضي الزراعية المجاورة لقاء أجر بسيط لا يكفي لسد رمق العائلة، على حد تعبيره.
ويوجد في ريف الرقة أكثر من /55/ مخيماً عشوائياً، تضم أكثر من /15/ ألف عائلة من مناطق سورية مختلفة، وأكبر هذه المخيمات مخيم الحكومية والذي يتصل بمخيمي (الحتاش وحزيمة) شمال مدينة الرقة، ويضم أكثر من /1,100/ عائلة، تنحدر معظمها من ريفي دير الزور الغربي والشرقي، بالإضافة إلى نازحين من ريف حلب الشرقي ومناطق سورية أخرى.
ولم يتمكن مندوب محمد مفضي (47 عاماً)، في ظل هذا "الوضع المزري"، من مداوة طفلتيه الصغيرين، حيث تعاني إحداهن من مشكلة في حاسة السمع، رغم استدانته لبعض الأموال، حسب قوله.
يقول أيضاً:" منذ سنتين لم أحصل على مساعدات، فكل شيء غالٍ، تأتينا المنظمات وتقوم بتصويرنا ولا تعطينا سوى الوعود".
وكان "المفضي" قد نزح إلى الرقة من قريته عرشوني/10/ كم شرق مدينة السلمية في ريف حماة الشرقي، منذ سبع سنوات، وتنقل في أماكن عدة في أرياف الرقة، إلى أن استقر في خيمة بسيطة ضمن مخيم "المقص"، هو وعائلته المؤلفة من زوجته وثماني بنات وولدين.
"كنت عاملاً في قريتي أيضاً، إلا أنني كنت مرتاح البال، فلا حرب ولا رحيل ولا نزوح وقتها".
ولا يمتلك "المفضي" حالياً أي دخل مادي ثابت يعينه وأسرته على تدبر أوضاعهم المعيشية، سوى أن اثنتين من بناته يقمن بالعمل في الأراضي الزراعية في منطقة الكسرات، في حال توفره، في حين أنه يجد وفي أيام متباعدة فرصة عمل له كعامل بأجرة يومية.
وقالت ثريا الكوان، الرئيسة المشاركة لمجلس الشعب في الكسرات، لـ "نورث برس"، إن "مجلس الكسرات" قدم كل ما يستطيع فعله للنازحين، وأن دورهم يقتصر فقط على تسيير أمور المنظمات، فهم لا يتدخلون بآلية توزيع المساعدات، "فالمنظمات لها معايرها الخاصة بتقديم المساعدات" على حد قولها.
وتشير إلى أن الكثير من النازحين في منطقة الكسرات، ومن ضمنهم قاطنو مخيم المقص، تلقوا منذ خمسة أشهر مساعدات من قبل "منظمة الناس"، وهي منظمة غير حكومية تعنى بدعم المجتمع المدني في الرقة.
وأضافت الكوان: "كل ما يتم تقديمه من قبل المنظمات، يذهب للنازحين (..) لكن لا توجد لدى المنظمات فرص عمل لا للمقيمين ولا حتى للنازحين".
ويقطن في عموم منطقة الكسرات الواقعة على ضفة نهر الفرات اليمنى قبالة مدينة الرقة والممتدة من قرية السحل/11/ كم غربي الرقة إلى قرية رطلة/11/ كم شرقها، بحدود/1000/ عائلة نازحة من مناطق سورية متفرقة، يعيشون في عدة مخيمات عشوائية، لا يختلف حالهم عن النازحين في مخيم المقص العشوائي.
وتقدم منظمات دولية، وجمعيات محلية عاملة في الرقة، مساعدات انسانية لهؤلاء النازحين، إضافة إلى المساعدات المقدمة عن طريق المجالس المحلية التابعة للإدارة المدنية الديمقراطية في الرقة، بحسب مجلس الشعب في الكسرات.