منبج- صدام الحسن- نورث برس
أدى الارتفاع الكبير في أسعار الألبسة في الأسواق الشعبية والمجمعات التجارية بمدينة منبج، شمال شرقي حلب، بالتزامن مع ارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية، إلى عزوف الكثير من سكان المدينة وريفها عن شراء الألبسة الربيعية، أو شراء ألبسة الأطفال التي تنتعش عادة خلال شهر رمضان وفي الفترات التي تسبق عيد الفطر.
وتزامن الارتفاع في الأسعار مع تجديد فترة الحظر بمناطق شمال شرقي سوريا، والسماح بفتح كافة المحلات والأسواق في ساعات محددة خلال فترة الحظر الجزئي، وسط مطالبات من السكان تدعو إلى ضبطها.
ويشكل حلول فصل الربيع موسماً تجارياً لدى الباعة وأصحاب المحلات، يزداد الطلب فيه على شراء الألبسة الربيعية، فيما يتزامن الموسم الربيعي هذا العام مع تحضير غالبية السكان لاستقبال عيد الفطر بعد نحو أسبوعين، لكن الأوضاع تبدو استثنائية بسبب الأسعار التي شكلت صدمة لدى البعض، بعد فترة الإغلاق بسبب مخاطر كورونا.
"أسعار مضاعفة"
وقال لؤي عثمان (28عاماً)، من سكان مدينة منبج، إنه لا يستطيع شراء ملابس جديدة هذا العام، "بسبب الارتفاع الباهظ في أسعارها"، مشيراً إلى أنه بحاجة لأكثر من /25/ ألف ليرة سورية لشراء بنطال وقميص وحذاء، "هذا المبلغ صعب التحصيل لكثيرين في ظل الأوضاع المعيشية التي نمر بها وارتفاع مستوى البطالة وندرة فرص العمل".
وأضاف أن أسعار الملابس ارتفعت ضعفي ما كانت عليه العام الماضي، " أي قطعة لباس كان ثمنها العام السابق \5000\ ليرة سورية، هذا العام أصبح سعرها بين تسعة آلاف وعشرة آلاف ليرة سورية".
ويرى عثمان أن الإدارة المدينة في مدينة منبج ومديرية التموين مطالبة "بوضع حلول ولو كانت إسعافية لهذا الغلاء، فالمواطن أصبح الآن في حيرة من أمره، هل يؤمن ثمن الطعام والشراب وآجار المنزل، أما يؤمن ثمن اللباس".
ومددت الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا فترة حظر التجول للمرة الثالثة في الـ30 من شهر نيسان/ أبريل الماضي لعشرة أيام على أن يبدأ من الساعة الثالثة عصراً من كل يوم وحتى السادسة صباحاً من اليوم التالي، بينما تفتح خلال الفترة الصباحية كافة المحلات والمهن والأسواق، باستثناء المقاهي، والمطاعم، والكافيتريات، ودور العبادة والمدارس والجامعات، حيث تبقى مغلقة طيلة فترة الحظر.
"أطفال بلا ملابس عيد"
وقالت فاطمة الجمال (33عاماً)، وهي ربة منزل من سكان مدينة منبج وأم لثلاثة أطفال، إنها لم تتمكن من شراء ألبسة ربيعية لأطفالها لأن الأجر اليومي لزوجها الذي يعمل في مطحنة \3000\ ليرة سورية، "وهذا المبلغ لا يكفينا ثمن الطعام والشراب".
وأضافت أنها تجولت في أغلب محلات الألبسة في مدينة منبج كي تجد سعراً مناسباً لإمكانات عائلتها،" إلا أنني لم أجد، فالأسعار ارتفعت جداً، وأحتاج لأكثر من /15/ ألف ليرة لكساء كل طفل، مع العلم أن نوعية البضاعة ليست جيدة كالسابق".
وتتراوح رواتب الموظفين في مناطق الإدارة الذاتية بين /80/ إلى /125/ ألف ليرة سوريا، ما يعادل أقل من /100/ دولار أمريكي.
حلول بديلة
وتلجأ الجمال كغيرها من ذوي الدخل المحدود إلى شراء الألبسة الأوروبية المستعملة (البالة)، "أنا مضطرة لشراء الألبسة من البالة، لعدم امتلاكي القدرة المالية على شراء الجديدة".
ويرجع أصحاب محلات الألبسة سبب ارتفاع الأسعار إلى ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية، بالإضافة إلى إغلاق المعابر مع بدء حظر التجول في مناطق شمال وشرقي سوريا.
الدولار يحكم
وقال عامر زهير(45عاماً)، وهو صاحب محل ألبسة في منبج، إن ارتفاع أسعار الملابس ليس بيد أصحاب المحال، "نحن محكومون بارتفاع وانخفاض أسعار صرف الدولار، بالإضافة إلى أن تاجر الجملة يقوم برفع الأسعار ونحن بدورنا نرفعها وفقاً لتسعيرة تاجر الجملة".
وارتفع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية في أسواق الصرف المحلية لمستويات غير مسبوقة خلال الأيام القليلة الماضية، حيث تجاوز يوم أمس الاثنين /1300/ ليرة سورية، بينما كان سعر صرفه في السوق المحلية قبل بدء فترة حظر التجول، حوالي /1.050/ ليرة سورية.
صعوبة الضبط
ويتحدث مكتب تحديد الأسعار في مديرية التموين بمدينة منبج عن تحديده نسبة أرباح على كل قطعة لباس بين %15 – 20 %.
وقال إبراهيم الجاسم، وهو إداري في مكتب تحديد الأسعار في منبج إنهم يحاولون ضبط أسعار الملابس بحسب الفواتير الموجودة لدى كل بائع، وذلك من خلال تنظيم جولات على محال الألبسة، لافتاً إلى أنهم يواجهون مشكلة في ضبط الأسعار بسبب الارتفاع المستمر وغير المستقر في سعر صرف الدولار الأمريكي.
وشهدت سوريا خلال السنوات العشر الماضية من عمر الأزمة ارتفاعاً كبيراً في معدلات الفقر نتيجة نزوح وتهجير نصف سكان البلاد، وذلك بعد أن كانت تصنف في العام 2010 من بين الدول المحققة لأهداف الألفية العشرية للأمم المتحدة في مجال "القضاء على الفقر".