إغلاق مركز للأطراف الصناعية في الرقة ينهي بصيص الأمل لفاقدي الأطراف

الرقة – أحمد الحسن – نورث برس

 

كان على بشار إسماعيل (25 عاماً)، من سكان حي الانتفاضة في مدينة الرقة، أن ينتظر أربع أعوام إلى حين تأسيس مركز للأطراف الصناعية في مدينته، حتى يعود إلى ممارسة حياته بصورة أقرب إلى الطبيعية.

 

إذ يعتبر إسماعيل أحد الضحايا الذين تعرضوا "لإقامة الحد" عليهم من قبل رجال تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذين حكموا عليه بقطع يده اليسرى وقدمه اليمنى، لذا يرى الشاب أن تركيب أطراف صناعية له، شكل بداية جديدة، عاد من خلالها إلى ممارسة حياته متخلصاً من المصاعب التي كانت تفرضها حالتي الإعاقة في جسمه.

 

ويوضح الشاب، "قُطِعت أطرافي منذ أربعة أعوام بعد اتهامي بالسرقة، ولم أستطع أنْ أُركّب أطرافاً صناعية على نفقتي الخاصة إلى أن تم افتتاح المركز".

 

لكن توقف مركز "صنّاع الأمل" للأطراف الصناعية في مدينة الرقة شمال شرقي سوريا أواخر نيسان/ أبريل الماضي، حرم المئات ممّن فقدوا أطرافهم خلال سنوات الحرب من خدماته، وما يقدمه من إمكانية للعودة إلى حياتهم بصورة أقرب إلى الطبيعية.

 

ويعتبر المركز الذي تأسس في شباط/ فبراير 2019، الوحيد من نوعه الذي عُنِي بتركيب الأطراف الصناعية لمبتوري الأطراف وتقديم العلاج الفيزيائي لمصابي الحرب الذين فقدوا أطرافهم خلال المعارك التي دارت في الرقة العام 2017، بعد فترة من سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" عليها بين العامين 2014 و2017.

 

إمكانات محدودة

 

وقال محمود الهادي، مدير مركز "صنّاع الأمل"، لـ "نورث برس"، إنه وبسبب قلة الدعم وضعف القدرة المادية تم إغلاق المركز بشكل جزئي لتقتصر الخدمة على عملين جراحيين شهرياً فقط لتصحيح البتور، وذلك وفق الإمكانات المادية المتاحة.

 

وأضاف، "لدينا أكثر من ألف حالة بتر مسجّلة في المركز، ولكن عدم وجود الإمكانات المادية أجبرنا على إغلاق المركز دون إجراء العمليات للمستفيدين".

 

ويوجد في مدينة الرقة أكثر من أربعة آلاف إصابة حربية متنوعة لضحايا مخلفات تنظيم "داعش" من الألغام، إضافة إلى الإصابات التي خلفتها معارك  السيطرة على المدينة، بحسب إحصاء للمركز.

 

وأوضح الهادي أنهم عملوا خلال عام كامل وبجهود طوعية وبدعم من بعض المتطوعين على "تركيب /52/ طرفاً لمختلف أنواع البتور السفلية، كما تم تخريج /700/ مستفيد من مركز العلاج الفيزيائي و/42/ عملية تصحيح بتر، بالإضافة إلى عمليتين لتركيب صفائح خارجية وست عمليات نزع شظايا، إلى جانب تركيب أجهزة تقويم خارجية لـ /40/ طفلاً".

 

حاجة مستمرة

 

وبعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي في 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2017 وتوقف عمليات القتال، عاد آلاف السكان إلى المدينة، ما عرّض حياة الكثيرين للخطر وسط انتشار لآلاف الألغام وغيرها من مخلفات الحرب غير المتفجرة.

 

وخلق إغلاق المركز معاناة لعشرات الأطفال المستفيدين سابقاً من خدماته مع توجههم إلى فقدان إمكانية تجديد أطرافهم الصناعية في مراحل لاحقة، مع تقدمهم في العمر.

 

إذ يقول عمر العمر (13 عاماً)، من سكان حي الدرعية، لـ"نورث برس" إنه يشعر بالحزن من جراء إغلاق المركز، وذلك لحاجته المستمر إلى تبديل الأطراف بسبب نموه ما يحتم تبديل أطرافه الصناعية كل مدة.

 

وأضاف "لم يساعد وضع أهلي المادي على تركيب الأطراف لي بسبب تكلفتها الباهظة"، إذ تبلغ تكلفة تركيب الطرف الواحد في المشافي الخاصة أكثر من /700/ دولاراً أي /1,400/ دولاراً للطرفين".

 

وكان العمر قد فقد ساقيه جراء انفجار لغم أرضي من مخلفات "تنظيم الدولة" (داعش) بُعيد عودته إلى المدينة إثر استعادتها مباشرة، وساعده المركز بتركيب طرفين صناعيين بشكل مجاني.

 

وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد دعا في اليوم العالمي للتوعية بخطر الألغام في الرابع من نيسان/ أبريل، إلى تذكر من يعيشون الآن مع خطر الذخائر المتفجرة من سوريا إلى مالي وفي كل أنحاء العالم.

 

معاناة آجلة

 

ولم يقتصر عمل المركز على تركيب الأطراف الصناعية والعلاج الفيزيائي، بل كان يقيم دورات تدريب وتأهيل لفاقدي الأطراف، بالإضافة إلى تقديم دعم نفسي للأطفال المتضررين.

 

والأمر ذاته ينطبق على خولة العلي (12 عاماً)، من سكان حي الفردوس في مدينة الرقة، والتي أصيبت ببتر حوضي إثر تعرضها لقصف الطيران أثناء المعارك.

 

وكانت خولة إحدى المستفيدين من خدمات مركز الأطراف الصناعية بعد افتتاحه قبل أكثر من عام، حيث بلغت تكلفة تركيب طرف صناعي لها نحو /800/ دولار.

 

إلا أن معاناتها بدأت تظهر مع نمو أطرافها السليمة على حساب الطرف الصناعي الذي أصبح قصيراً مقارنة بالأطراف الأخرى، الأمر الذي يستوجب تبديل هذا الطرف بشكل مستمر إلى حين استقرار نمو جسمها.

 

وتقول خولة إن أهلها عاجزون عن تحمل تكاليف علاجها، بعد توقف المركز عن تقديم خدماته، بسبب التكاليف الباهظة.