الحسكة – جيندار عبدالقادر – نورث برس
يشهد ريف الحسكة الشمالي والغربي انتشاراً واسعاً لزراعة الأشجار المثمرة بعد توجه المزارعين خلال السنوات الأخيرة إلى زراعتها، عقب فقدان المحاصيل الزراعية التقليدية مثل القمح والشعير لقيمتها الشرائية، وتزايد الخسائر الناجمة عن زراعتها.
وانتشرت نحو ثمانية مشاتل تبيع الغراس داخل مدينة الحسكة وفي بلدتي "التوينة" و"صفيا" بريفها، حيث تعرض مختلف أشجار الفاكهة إلى جانب الأشجار الحراجية والزينة.
شحن الغراس
لكن أصحاب المشاتل يواجهون العديد من المشاكل فيما يتعلق بجلب الشتلات الصغيرة من المناطق الساحلية والداخلية، وما يترتب على كل ذلك من تكاليف باهظة، لا سيما بعد الإجراءات الاحترازية المتعلقة بمواجهة خطر انتشار فيرس كورونا.
وقال خالد العلي (اسم مستعار)، وهو صاحب مشتل في دوار الإطفائية بمدينة الحسكة، لـ "نورث برس"، إن السكان يتوجهون لشراء الأشجار بكميات كبيرة وخاصة خلال السنوات الأخيرة، نظراً لأسعارها المناسبة والجمالية التي تمنحها إلى جانب الفائدة الاقتصادية لهذه الأشجار إذا تم الاعتناء بها بشكل جيد.
ولفت إلى أن أسعار الغراس كانت مناسبة "بعض الشيء"، إلا أن تكاليف الشحن الباهظة والخسائر التي تحدث عند المعابر نتيجة تلف الكثير من الأشجار وكسرها بعد إفراغ الشاحنات وتحويل الحمولة إلى شاحنات أخرى، زادت من التكاليف الإضافية المترتبة على هذه الأشجار، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها.
وأضاف العلي أن أسعار الغراس والأشجار تختلف بحسب حجمها ونوعها، فالأشجار الحراجية وأشجار الزينة تباع بأسعار تتراوح بين ألف وعشرة آلاف ليرة سورية، وكذلك الأشجار المثمرة التي يصل ثمن بعضها إلى نحو 15 ألف ليرة وخاصة أشجار العنب".
وتسبب حظر التجول المفروض منذ الـ 23 من آذار/ مارس الماضي للوقاية من تفشي فيروس كورونا بشلل شبه تام في حركة بيع الغراس في المنطقة، بحسب أصحاب مشاتل في الحسكة.
ازدياد الأشجار
وقام عبد الباقي يوسف (59 عاماً)، وهو مزارع يملك أرضاً زراعية بالقرب من نزلة الحمى /22/ كم غرب الحسكة، بتحويل حقله إلى بستان يضم نحو سبعة آلاف شجرة مثمرة.
وقال "كنت أعمل أنا ووالدي في هذه الأرض التي قمنا بشرائها من مزارع من المنطقة، وبدأنا بزراعة الأشجار فيها منذ أكثر من /35/ عاماً".
وأوضح يوسف أنهم بدؤوا بزراعة الأشجار بشكل تدريجي، حتى امتلأت الأرض الزراعية البالغة /45/ دونماً بالأشجار بشكل كامل، كما قاموا بحفر ثلاثة آبار مياه جوفية بعد انخفاض منسوب الخابور خلال فصل الصيف.
ويبلغ عدد الأشجار لدى "يوسف" نحو 3000 شجرة من العنب، ونحو 2500 شجرة تفاح بأنواع مختلفة من غولدن وديري وغيرها، الى جانب مئات الأشجار المختلفة من زيتون وأجاص وخوخ ورمان ودراق.
وكان المزارعون وأصحاب الأراضي في القرى الآشورية الواقعة على نهر الخابور يهتمون منذ عقود بزراعة الأشجار المثمرة، إذ ساعدهم على ذلك توفر مياه نهر الخابور.
تناقص الأرباح
وتشاهد في القرى المنتشرة على نهر الخابور وبلدتي "توينة" و "صفيا" والقرى القريبة من مدينة الحسكة عشرات المزارع التي تضم مئات الأشجار المثمرة، بعد تحويل عدد من المزارعين أراضيهم الزراعية التي كانوا يزرعون فيها القمح والشعير والقطن إلى بساتين للأشجار المثمرة.
وبرز هذا التوجه لدى مزارعي المنطقة بعد فقدان محاصيل القمح والشعير قيمتها الانتاجية في ظل ارتفاع أسعار المحروقات وفقدان الليرة السورية قيمتها أمام سعر صرف الدولار الذي بلغ نحو 1300 ليرة لكل دولار أمريكي.
ويعمل عبدالباقي يوسف حالياً مع أولاده الأربعة في بستانه، معتمدين على أنفسهم في أعمال السقاية والاعتناء بمزروعاتهم، " نجلب العمال فقط خلال موسم القطاف الذي يبدأ منتصف أيار وحتى أواخر تشرين الثاني".
وأضاف يوسف أيضاً أن الإنتاج كان يحقق مرابح جيدة في السابق، لكن بقاء الأسعار كما هي في ظل فقدان الليرة السورية قيمتها أدى إلى ازدياد التكاليف وانخفاض الأرباح بنسب كبيرة جداً.
ويواجه مزارعو مناطق شمال شرقي سوريا عموماً المشكلة ذاتها والتي تتمثل بشراء المستلزمات الزراعية بأسعار ترتفع وفق ارتفاع سعر صرف العملات الأجنبية، بينما يباع الإنتاج بالليرة السورية التي تتدهور قيمتها عدة مرات خلال الموسم الواحد.