تنظيم "الدولة الإسلامية" يستثمر كورونا لإعادة تصدر المشهد في الشرق الأوسط

القاهرة- محمد أبوزيد- نورث برس

 

ما فتئت التنظيمات المسلحة تواصل عملياتها في عديد من البلدان في منطقة الشرق الأوسط، رغم جائحة فيروس كورونا التي تفرض نفسها على الساحة العالمية بصورة كبيرة. فيما يرى خبراء ومراكز أبحاث أن تلك التنظيمات سعت لاستثمار الجائحة لتطوير أدواتها في ظل انشغال العالم وتغيّر أولوياته المرحلية بصورة كبيرة، لتزداد تبعاً لذلك عدد العمليات الإرهابية مقارنة مع ما كانت عليه قبل الجائحة.

 

/151/ عملية نفذها تنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة، خلال شهر أبريل/ نيسان الماضي، وهو عدد يصل إلى قرابة ضعف عدد الهجمات التي تم تنفيذها في شهر يناير/ كانون الثاني من العام الجاري، وقبيل تفشي وباء كورونا، إذ بلغ عدد العمليات في الشهر الأول من العام نحو /88/ عملية.

 

تلك الأرقام التي كشف عنها معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى تسلط الضوء على نشاط استثنائي للجماعات المسلحة على هامش أزمة كورونا، تسعى من خلاله إلى العودة للساحة بصورة أكبر وتقديم نفسها من جديد بعد الصدمات والضربات التي تلقتها في العامين الأخيرين في سوريا والعراق بشكل خاص.

 

شهر أبريل/ نيسان

 

سلسلة العمليات خلال شهر أبريل/ نيسان الماضي ضمت عدداً من العمليات في عديد من دول المنطقة والدول الأفريقية أيضاً، من بينها عملية تفجير انتحاري نفسه أمام مقر المخابرات في كركوك (شمالي العراق)، فضلاً عن العملية التي وقعت في مدينة صلاح الدين، وأسفرت عن مقتل عشرة مسلحين من الحشد الشعبي، وغيرها من العمليات الأخرى التي حملت بصمات تنظيم "الدولة الإسلامية"، وآخرها عملية استهداف القوات المسلحة المصرية في منطقة بئر العبد في محافظة شمال سيناء، والتي خلفت مقتل /10/ من عناصر القوات المسلحة، من بينهم ضابط وضابط صف.

 

وتحدث الخبير في شؤون تنظيمات الإسلام السياسي، خالد الزعفراني، مدير مرصد مراجعات الإسلام السياسي بالقاهرة، لـ "نورث برس"، عن استراتيجية التنظيمات المسلحة لاستغلال انشغال العالم في مواجهة فيروس كورونا.

 

ويوضح الخبير أن العمليات تكشف وجود تكثيف من جانب تلك الجماعات على العمليات الفردية المحدودة، التي يسعون من خلالها إلى تحقيق أكبر قدر من الخسائر في الأضرار للدول، سواء من خلال عمليات انتحارية (كما عملية تفجير انتحاري نفسه في كركوك قبل أسبوع) أو غيرها من العمليات الفردية أو التي تتم بعدد محدود من المنفذين، وجميعها عمليات تسعى من خلالها تلك التنظيمات إلى إثبات الوجود ومحاولة استثمار الظرف الراهن لإعادة إنتاج نفسها من جديد أمام العالم بعد جملة الخسائر التي منيت بها.

 

خسائر

 

لكنّه في الوقت ذاته شكك في مدى قدرة تلك الجماعات على العودة من جديد لتشغل الحيز نفسه الذي شغلته في العامين /2014/ و/2015/ وذلك لتواصل الجهود الوطنية والدولية لتقليم أظافر تلك التنظيمات التي يعتبر مجرد اعتمادها على العمليات الفردية تأكيداً على مدى الضعف الذي لحق بها بصورة كبيرة.

 

"وهذه الجماعات باتت لا تستطيع المقاومة أو تنفيذ عمليات أكبر أو السيطرة على مساحات جغرافية شاسعة كما كان عليه الحال من قبل، بينما تسعى في الوقت ذاته لمحاولة إيجاد مواطن بديله لإعادة بناء نفسها من جديد في المنطقة باستثمار الخلايا النائمة".

 

وفي ورقة بحثية لمجموعة الأزمات الدولية، سلطت الضوء على محاولات تنظيم الدولة الإسلامية لإعادة الانتشار من جديد باستغلال أزمة كورونا، وحذرت المجموعة من عودة نشاط التنظيم في ظل انشغال الدول بمكافحة الفيروس، وهو ما يمكن تلمسه من خلال رصد زيادة عدد عمليات التنظيم مؤخراً.

 

الورقة البحثية التي جاءت تحت عنوان "التناقض مع تنظيم الدولة في زمن كورونا"، دعت إلى ضرورة الانتباه إلى ما تشكله محاولات التنظيم لاستغلال حالة الفوضى الإقليمية والدولية لصالحه.

 

لكن على النقيض، فإن تحليلات أخرى تقلل من إمكانية نجاح تنظيم الدولة الإسلامية في استغلال وباء كورونا، منحازين للرأي المعاكس الذي يرى بأن كورونا قد يشكل فرصة للقضاء على تلك التنظيمات.

 

ويرى الباحث في شؤون الحركات الإسلامية المسلحة، مصطفى كمال، أن قطع التمويلات وسبل التواصل المباشر بين عناصر المجموعات المنتمية للتنظيم وبعضهم البعض في ظل الإجراءات المتخذة للوقاية من كورونا، يسهم في إضعاف التنظيم، ومن ثمّ قد يسهم في المساعدة في السيطرة عليه والقضاء عليه.

 

ويقلل "كمال" من حجم العمليات التي نفذها التنظيم باعتبارها عمليات فردية للإيحاء بتواجده فقط، لكنه لا يملك القدرة على تنفيذ عمليات أكبر كماً وكيفاً.