نشطاء وحقوقيون: 12 نقطة مراقبة تركية لم تقدم نفعاً لسكان الشمال السوري
إدلب ـ نورث برس
على الرغم من الانتشار العسكري التركي الواسع في منطقة خفض التصعيد في إدلب شمال غربي سوريا، ووجود /12/ نقطة مراقبة لها في عدة مناطق هناك، إلا أنها لم تحقق أي نفع لسكان الشمال السوري بحسب نشطاء وحقوقيين تحدثوا لـ"نورث برس".
وكانت تركيا قد أعلنت في تشرين الأول/ أكتوبر 2017 عن إقامة نقاط مراقبة بإدلب في إطار الاتفاق الذي تم توقيعه في أيلول/ سبتمبر من العام نفسه مع روسيا وإيران في أستانا، والذي حدد مهمتها بمراقبة وقف إطلاق النار بين قوات الحكومة السورية والقوات الإيرانية الرديفة من جهة، وفصائل المعارضة السورية من جهة أخرى.
كانت سبباً في التهجير
وقال محمد الأحمد، وهو ناشط حقوقي سوري من ريف إدلب، لـ"نورث برس"، إن "النقاط التركية قدمت خدمات عظيمة للنظام السوري ولم تعد بأي نفع على السكان حتى هذه اللحظة".
وسيطرت قوات الحكومة السورية نهاية عام 2017على /400/ قرية وبلدة شرق سكة الحديد في إدلب، ووصلت في 21 كانون الثاني/ يناير 2018 إلى مطار "أبو الظهور" لتبدأ القوات التركية في الوقت نفسه بالدخول إلى سوريا لتثبيت خطوط التماس.
ومع سيطرة القوات الحكومية على أبو الظهور، بدأت تركيا عمليتها العسكرية للسيطرة على عفرين، "أي كانت العملية واضحة، وهي التنازل عن شرق السكة مقابل عفرين"، بحسب الأحمد.
وتابع الناشط الحقوقي "أنشئت حينها تلك النقاط ومنعت غرفة عمليات دحر العدوان التي تم تشكيلها بعد وصول النظام لأبو ظهور من شن أي هجوم معاكس، وفي تلك الأثناء كان النظام السوري في حالة انهيار تام على جبهات الغوطة الشرقية، فتم سحب هذه القوات التي كانت تهاجم إدلب إلى الغوطة الشرقية، بعد أن ضمن النظام بأن النقاط التركية ستمنع أي هجوم معاكس".
وتفرغت تلك القوات للسيطرة على الغوطة الشرقية، وبعد أن انتهت من معارك السيطرة على الغوطة وريف حمص الشمالي، عادت إلى إدلب وفتحت معارك للسيطرة عليها.
وحول دور القوات التركية في تلك المنطقة، قال الأحمد، "النقاط التركية كانت كعدمها ولم تلعب أي دور لا سياسي ولا عسكري لمنع هجمات النظام السوري، بل كل مهامها كانت تقتصر على الضغط على المعارضة لتقديم تنازلات للروس حتى سيطر النظام السوري على أهم المدن والبلدات الاستراتيجية في إدلب مثل خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب".
وأشار "الأحمد" إلى أن "التصريحات التركية كانت تركز دائماً على إيجابية الدور الذي لعبته تلك النقاط، لكن حقيقة لم نر أي شيء إيجابي حتى اللحظة ولم نر سوى تهجير مئات الآلاف من ريف إدلب".
لم تحقق تطلعات المدنيين
وفي 17 أيلول/ سبتمبر2018، اتفق الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، على إنشاء منطقة منزوعة السلاح في إدلب، تفصل بين فصائل المعارضة العسكرية السورية وقوات الحكومة السورية، على أن يكون امتداد تلك المنطقة إلى عمق يتراوح بين /15/ و /20/ كم، مع تسيير دوريات عسكرية لهما في المنطقة.
وقال الناشط الإعلامي "قصي العمري"، وهو أحد سكان قرى ريف إدلب، في حديث لـ"نورث برس"، إن "تلك النقاط لم توجد لتحقيق أماني المدنيين، بل وجدت لتطبيق اتفاقات سوتشي وأستانا بين روسيا وتركيا ومن خلفهما النظام السوري وإيران رغم حدوث خروقات في آلية تنفيذ تلك الاتفاقات، وبالتالي هي لم تقدم لسكان الشمال السوري ما يطمحون له بالحفاظ على مناطق جنوبي إدلب وغربي حلب".
وأضاف أن "عمل النقاط التركية يوازي قدرة تركيا عسكرياً وسياسياً أمام روسيا، وليست لتحقيق الأماني والتطلعات".
لمراقبة القصف فقط
وفي الخامس من آذار/مارس الماضي، وقعت تركيا مع روسيا اتفاقاً في مدينة "سوتشي" الروسية، يقضي بوقف دائم لإطلاق النار في منطقة إدلب، إضافة لتسيير دوريات مشتركة على طريق (حلب ـ دمشق) أو ما يعرف بطريق (M4).
وتساءل "أبو ليث الشمالي"، وهو أحد القاطنين على الحدود السورية التركية وينحدر من ريف حلب، عن "النقاط التركية عملياً ماذا تراقب؟ إلى الآن لم تقدم شيئاً للمدنيين سوى الالتفاف على قرارات جنيف من خلال تنفيذ اتفاقات سوتشي وأستانا".
وكان البند الأول الذي لا بد من تطبيقه من قبل تركيا عقب اتفاقها مع روسيا بخصوص إدلب هو عودة النازحين إلى منازلهم، "لكن ما شاهدناه هو فتح طريق (M4) بدلاً من بند النازحين الذي كان من المفترض أن يكون من أولويات تركيا، وما نراه اليوم يندرج تحت عنوان عريض هو المماطلة، وأن ما يجري يخدم مصالح تركيا وليس مصالح الثورة"، بحسب "الشمالي".
وتابع أنه "بسبب تلك النقاط التركية بات المطلوب من المعارضة بشكل مستمر تقديم التنازلات، وحتى المعارك العسكرية في خان شيخون والهبيط كانت كلها وهمية، فالنظام السوري وبرعاية روسية لم يتراجع شبراً واحداً عن المناطق التي أخذها، وبالتالي فإن حلفاء النظام السوري هم أكثر مصداقية مع النظام، بعكس حلفاء فصائل المعارضة".
وكان من المفترض أن تتراجع قوات الحكومة السورية، بحسب اتفاق إدلب في الخامس من آذار/ مارس الماضي، إلى ما بعد نقاط المراقبة التركية، "واليوم نحن في شهر أيار/مايو ولم نر أي شيء على الأرض، وبالتالي المدنيون صامتون بسبب الضعف وليس عن قناعة"، بحسب الناشط الإعلامي.
وقال، في نهاية حديثه لـ"نورث برس"، إنه "في فترات سابقة كان لنا أمل بالنقاط التركية، أما اليوم فلا، فالناس يريدون نتائج على الأرض وليس مجرد بروبوغاندا واستعراضات، بمعنى أوضح فالنقاط التركية تراقب القصف والقنابل التي تنهمر علينا، وهذا دورها فقط لا غير".
وكانت تركيا قد أنشأت في الشمال السوري /12/ نقطة مراقبة ضمن اتفاق خفض التصعيد بمحافظة إدلب، توزعت في قرى وبلدات (صلوة، وقلعة سمعان، وجبل الشيخ عقيل، وعندان، والعيس، وحي الراشدين الجنوبية بريف حلب)، وفي (صوامع الصرمان وتل الطوقان وتلة اشتبرق بريف إدلب)، وفي (أطراف مدينة مورك وقرية شير مغار بجبل شحشبو بريف حماة)، وفي قرية (الزيتونة بريف اللاذقية).